شِعْبا الذّات/ شعر الشاعر التونسي أحمد المباركي

 عباءة اللّيل أبدت كلّ مــــا كــســـفــوا

وخفقة الضّوء وارت ما الـورى كشفوا

تـتعـتع الكــأس و الصّهباء فــــي خـفـر

يزفـّــــها الــــمـــاء و السُّمّـار و الشّـغـــــف

 تـراقـــصــــــت أعــــين القُـــصـّاد مـن ولـه

 وأســـــكــــر الأذُن ألأورادُوالـــكــلــفُ

قُـدَّ الـقمـيـص وسار الــــــحســـــن بينهـمُ

 فـــــي غــــيــر مـا نَجَــــسٍ والـنّور مزدلِف

 وأيــــقـظـــوا حرقة من بـــــعــــــد هجعتها

أطّــت لوقـــعـــتـــها الأضــلاع و السُّجف

وجــالســوا مــــلـــــــكوت الكون ليلَهُمُ

وأطربـوا الشّــــهــــب و الأمـــلاك تأتلف

 الـــــــقلــــب عانــق مـا ضمّت صحـائفهم

كما يـعانق مــا فــي حشــوه الصّــدف

 للّه ســـــــــرّهــــــــمُ للّه جــــــــــهــــــرهـــــــمُ

بيـــــــض وجـــــــــوهــــــهـمُ أيّامـــهم نُطَف

 الـــبحــر رتــــّــل أيًا مــــن تهــجّــدهـــــــــم

وهدهدُ “النّمل” يروي كلّ ما اغترفوا

 تضــوع أطــيابـهـم من حــــلـــــو منطقهم

 فينتشي عنــدهــا الأحــــفـــاد و السّلف

هنــا أقامــوا بـــســــوح الـــــمجد ملحمة

 وأوقــدوهاالـــحــجــى بالحق قد هتفوا

 للّه وثـــــبــتــــهــــم للّه صـــــيـحـــــتــهـــــــــم

 للّه عـــــــزمــــــتـهــــــم بالطّود قد وُصِفُوا

من ضــــوئهم حــاكت الأقمار بهجتها

 يشتاقهم ها هنا الـــمتراس و الصّحف

 دكّـــوا الحصون ففـرّت عنكبوتهــمُ

تـبـسّـــم النّصـــر للآســـــاد والشّــــــرف

 فـي كــلّ مرتفـع فـي كلّ منخفــــض

فـي كلّ معتــرك صالــوا ومــا وجفــوا

أقلّـــة قــــــد تـــراءوا طــــيّ بــؤبــؤهـــــــم

 مثـــل الزّعــازع تُـردي ما بنى الوكـف

 تــــدمي مخالبهـــم أكبــاد خصمهـــــمُ

وصوتـهـــم أحـــرق الأعــداء فاخترفـــوا

أســرى بهـــم فالــق الإصباح فـي ظُلـــل

مـــن البهـــاء فضـــاءتلامهــــا الألــــف

 جبلّـــة الله .. أجـــرى العشـــق قافيتـــي

مستفعلـــن فاعـلــن أحبابـهـــا عـــزفـــوا

جــبـلّـــةالله قـــــاد الـمــــدح راحـــلـتــــي

 فليتكــــم بيننـــا كـي يرفع السّـــدف

 أنيــــاط قلبـــي.. سلاما مــــا لــه عــــدد

كيـف الوصال وحالت دوننا الغـــرف؟

 غاضـــت رياحُكـــمُ مــن فرط خيبتها

 والـرّوح قــد هدّها الإعيـــاء والـرّســف

القلــب عسعس كالزّنجيّ فـي غلــس

أقفـــالــــــه غيّبـــت وانثالــت العُصُــــــفُ

 تصارعـــت عنــده الأنصاب من عجـب

تسمــــو العجول وفـي محرابـــه تقـــــف

 في الأرض رجس لكم أنّت مناكبهـا

 ترجو الخلاص ويفني حُلمَها الأســـف

 وفـي حنــايـــا الدّمــا الدّولار فـي بطـــر

 يــجــرّ أذيـــالــــــه والفــكــــــرُ يُنـتـتــــف

ودِرهمُ العُرب يشكو القيد فـي وهن

 والنّحــو يكبـــــو وتنحــــو مثلـــه الألف

وألقمـــت شاشـة الأفكار مـا شـبعــت

 حتـــــى تـــخطّفهـــــا مــن هـمّهُ الخــزف

 عمّ النّحيب وما فـي النّار من ضـــــــرم

هيهـــات تزهو هـنـــا الأشلاء والجيـف

 الخيـط أبترُ و الأضـواء قــــد طُمــسـت

 والبوم تنعـق فــي الأقــفــاص والقَـــرف “

مــا بـــال دجلــة لـــم تـــجمـــد مدامعها؟

أين الـمثنّـــــى ومن أســـيافه الصّلــــف؟”

 صــاح الفرات: “لــــقــــد شُقّت عبـاءتــه

داس التّتار علــــى الأبـــــطال والنّطِــف”

 والقــدس تركلـها الأقدام فـي مـــــرح

والكــلّ يخطُب والأنــــهــار تنخـســـف

 تقاسمــوا شلوها من بعــــد خـــِطــبتهـــا

 ولوّثوهـــا الرّبــى مـذ أُجهــض الــهـدف

 هــذان شِعــــبان لــمّ الطّيــن مــــاءهمــــا

حلوا و مرّا فأيّ الــــنّبـــــع مـرتـــشَـــــف؟

إمّــــا حيـاة تـــــناجي الـــنّـــــور مرتــفـــعا

أو غيرهــا تـدفــن الأحلام تــــــرتــجــف

 إني أرى النّـــــــخـل لا يجثو لـمعــــتسف

 فاجعل عصاك ضروبَ الحيف تلتقفُ

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!