هو ذا كلامك يأتيني منفردا ؛كأنه هبة الأعماق التي تسود كل حضور. منذورا
للفرادة ؛على صفاء السريرة ؛ يتنفس هنيهة شفق ؛ ثم ينبري للإصغاء كمن يردد
قول التراجيع كي يستعيد معنى البقاء.
إني استمع إليك ؛منفردا بي ؛ أبث صداك في حميمية الصفو ؛ أتحول حرفا يتعسجد
في الأذن جوهرا يستعيد الهارب من مجاز الاستدعاء غير المسموع ؛ كمن يسير؛
بثبات ؛ إلى طفولته التي لا تشيخ بمصباح من عيون الفراشات .
أنا المصاب بلوثة الإصغاء إليك اقتفي فرادة الإقامة بينك وبين أريج الأقحوان ؛
تنبسط أسارير الانفعال؛متوهجة ؛بما يبثه وقع أنفاسك على الوجود ؛فأسير ؛ قدما ؛
على طريق النعناع ؛ أحفظ عرقا انحل من جذوتنا كي لا يغرق الإفراد أفولا ؛ أو
يتيه الليل؛ معنى وصورة ؛ في أصقاع غريبة.
وكل البلاد التي تكلمني بك تهيؤ الارتحال إلى عبور مضمر في اللسان ؛ كأني
أتعلم الأبجدية من سر غفل عنه تاريخ الكلام ؛ ولسنا غريبين عن التاريخ ؛ نحن
غريبان حبا ؛ أي أن الحب سر الكلام ؛ والكلام لا يكلمه إلا التحاب.
هذا أمر ممسوس بالغسق ؛ خفي عن دروب الإعراب ؛ جلي عند أهل الكلام ؛
كأنه محو يصطفي عقيلة المجاز .
أكلمك بما هو كائن في كلامك ؛وأتجوز دربا فائضا من دماء الحياة ؛ ثم أطرز
قميص اللغة من فيوض التكلم ؛ كأني أتورط في اشتباك مع التشابيه ؛ وأكسر نواة
الكلام ؛لأدور ؛ولا أبالي ؛ على كنز دفين من الأخطاء . فكلامك نحو الخطيئة
مصاب بالصمت والصبر ؛ وهذي شفاهي تشرب من شفاهك آية اللغو ؛ وتطاعن
الخرس وإن تمترس في فخاخ الكمون.
هو ذا صوتك يدلني علي ؛ أقفو ظله ؛حيا ؛ بمافيه من رائحتك ؛ ويأتيني من أمداء
لا أعرفها؛ يستبق سقوطي في الشيوع؛ويمسك بفرادتي كي يبقى الكون مرادفا لي ؛
وجوهر الكلام أنت .