قاطعه الجميع، أصدقاءه وزملاءه حتى جيرانه زهدوا في زيارته. لم يرغب أحد في حضور الوليمة التي أقامها بمناسبة عودته من رحلته الى إحدى الدول الأوروبية …
يكادون يختلفون في عدّة أمور، لكنهم يجتمعون جميعاً على أنه تغيّر و لم يصر ذلك الشخص الذي عرفوه قديما ً ، وإنما إنسان أخر متكبر ، العجرفة أهم سماته ، يخون زوجته الطيبة الهادئة ، ولا يخجل من معاشرة النساء المطلقات …
لم يحضر إلا صديق طفولته مختار …
المائدة فاخرة اصطفت عليها أطيب المأكولات وأشهى الحلويات !
لم يتحدثا عن أوروبا ومدنها الجميلة وفتياتها الفاتنات ، ولم يسأله مختار بفضول عن الحياة هناك ، ولا أَسِف هو لماذا لم يلبوا دعوته ؟
وإنما أمضيا وقتا طيباً يأكلان ويستمتعان ،يثرثران ويقهقهان حول مغامرات الطفولة الشقية …
لكنه لم يستطع أن يتحمل فسأله عندما أوصله الى باب الفيلا الخارجي :
ـــ لم أكن أتوقع أن يكون الناس بهذا الحقد ، وأنا لا أعرف لماذا يكرهونني ؟
ابتسم مختار ثم قال بهدوء : ــ أنت تعرف نفسك جيداً! وأنت تعرف أني لبيت دعوتك لأنك صديق قديم منذ الطفولة ! منذ أيام مدرسة ابن باديس …
أنا أتيتُ إكراما لتلك الأيام الجميلة!
ثم صافحه وانطلق عائدا الى بيته ….