مقبرتان/بقلم:كمال محمود علي اليماني( اليمن )

حكاية فيسبوكية 2

 

في قريتنا البعيدة الرابضة هنالك خلف التلال ، توجد مقبرتان ؛ مقبرة خضراء وارفة الظلال ، وأخرى تجاورها قاحلة بأشجار يابسة الأغصان .
بدأت قصة المقبرتين ، كما يقول الأجداد ، قبل عقود طويلة، حينما قدموا مهاجرين من بلدتهم الأصلية ، وحلّوا في هذا البقعة من الأرض الخالية .
مات أول المهاجرين من أجدادنا ، وكان رجلاً فاضلاً ، دفنوه خارج حدود بيوت القرية . بعد أشهر نبتت شجرة على قبره ظلت تكبر وتخضر يوماً إثر يوم .
مات آخر وآخر وأخر ، ومات آخرون رجالاً ونساءً وأطفالاً ، وكانت كل قبورهم تنبت أشجاراً تخضر وتكبر مع الأيام .
وفي أحد النهارات تفاجأ أهل قريتنا بأن الأرض قد لفظت جسد ميتهم الذي دفنوه البارحة . أعادوا دفنه ؛ ليتفاجأوا بجسده خارج القبر لليوم الثاني على التوالي ، ولليوم الثالث أيضا .عندها قرر حكيم القرية دفن الجثة في أرض مجاورة لأرض المقبرة الأولى ، ولكن خارجها. نبتت على القبر مع الأيام شجرة يابسة الأغصان.
وبعد أشهر ماتت امرأة من جداتنا ، ولفظت الأرض جسدها هي أيضا ، ودفنوها في المقبرة الثانية أسوة بمن سبقها. وهكذا كلما مات أحد دفنوه في المقبرة الأولى فإذا لفظته أرضها دفنوه في الثانية .
العجيب أن المقبرة الأولى لفظت أجساد أناس من علية القوم .. وكذا من البسطاء .. ولفظت أجساد أناس كنا كثيرا ما نحسن الظن بهم ، وأنبتت أشجارأ خضراء على قبور أناسٍ كنا ننظر إليهم بارتياب، لكن الجميل في الأمر أنها لم تلفظ جسد طفل قط.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: