أسماء و أسئلة : إعداد وتقديم: رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الكاتب جمال أزروفي المقيم في فرنسا
1. كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟
جمال أزروفي، ولدت سنة 1970 بمدينة ميضار، بها تابعت تعليمي الإبتدائي والثانوي وأتممته بجامعة محمد الاول بمدينة وجدة لينتهي بي مشوار البحث عن لقمة العيش الى شمال فرنسا أين أقيم مع عائلتي.
2. ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
اقرأ رواية ” ثورة الأيام الأربعة” لعبدالكريم جويطي…للإشارة فهي رواية لا تخضع لنفس طقوس الوجبات السريعة .
أما عن أجمل كتاب قرأته فإنني أعتقد أن لكل فترة من مسيرة حياتنا ولع بكتاب أو مجموعة كتب معينة. لظروفنا الاجتماعية والذاتية علاقة وطيدة بطريقة تلقي هذا الخطاب أوذاك..
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
شرعت في نسج أولى خيوط الكتابة في المرحلة الثانوية وأبقيت بعد ذلك على كتاباتي بين دفتي دفاتري الخاصة ثم سمحت فقط لبعض أصدقائي بالإطلاع عليها الى أن سطعت شمس المواقع الاجتماعية فاتسعت قاعدة التلقي وأصبحت فرصة الوصول الى القارئ اكثر إتاحة…فعاودني هوس الكتابة من جديد وبدأت أنشر بعض نصوصي إلى أن تسنى لي نشر مجموعتي القصصية الأولى “ضيق المنافي”.
ولماذا أكتب؟
أكتب لأشفي رغبة جامحة في تجنب الأفول ـ على الأقل ثقافيا ـ فليس من الطبيعي أن تفني حيزا مهما من حياتك متعلقا بتلابيب الكلمة والحرف دون أن تقتنص لنفسك حقا في قول كلمتك أنت 《اكتب يا هيبا فمن يكتب لن يموت أبدا 》هكذا قال عزازيل للراهب هيبا في رواية “عزازيل” ليوسف زيدان.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
لم أتورط يوما في حب اي مدينة اكثر من تورطي في حب مدينة وجدة ، لذلك لم أتنازل يوما عن زيارتها كلما أتيحت لي فرصة الدخول الى المغرب ..ذاك تقليد التزمت به منذ سنوات…هي مدينة تتقن فن الإحتضان وتأبى أن تكون مزاجية..صادقة مع نفسها وزائريها…وهي إن شئت ليست مدينة الخدع السياحية والمناظر المصطنعة.
5. هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
كيف يمكن أن يكون الكاتب راضيا عما يكتبه وهو يعيد تشكيل الحياة إبداعيا…رضا الكاتب بما يكتبه هو إعلان مبطن عن نوع من الإفلاس الإبداعي. فقط الإحساس بعدم اكتمال الشيئ يمكن ان يفضي الى الاستمرار فيه والإتيان بأحسن منه. ماذا لو كان دوستويفسكي قد انبهر بروايته الاولى “المساكين” هل كان سيتجرأ يوما على خيانتها واتحاف البشرية بروائع “الاخوة كرامازوف” أو”الجريمة والعقاب” أو”الابله”.
6. متى ستحرق أوراقك الإبداعية وتعتزل الكتابة؟
لم أصب بعد بتخمة الكتابة، لذلك أنا حريص على صون ما أكتب على قلته…أحتاج الى مساحة زمنية أكبر للكتابة .. لم استنفذ بعد شغفي بالكتابة لذلك سأواصل مطاردة الزمن عله يجود بحيز أكبر لممارسة الكتابة.
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟
رواية “موسم الهجرة إلى الشمال ” كانت دوما إحدى الروايات التي تمنيت كتابتها وأنا في بدايات شغفي بالكتابة السردية، أعدت قراءتها بعد سنوات ولم يفارقني هذا الإحساس.
وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟ الكتابة لحظة انفلات وتدفق لا تخضع لضوابط وطقوس ولا توجد وصفة جاهزة لممارستها٠٠الشيئ الوحيد الذي لاحظته حول طريقة كتابتي هو عدم منحها الثقة الكاملة بمجرد الإنتهاء من كتابتها لذلك دأبت على إخضاعها لفترة من التمحيص والإختمار٠
8.هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
شعار “altusert à rien” زين جدران السوربون والكليات والشوارع الباريسية للتشهير بالفيلسوف الفرنسي لوي ألتوسير لتحفظه في البداية وعدم انضمامه إلى مظاهرات ماي 1968 إلى جانب فوكو ودولوز وسارتر.. عكست هذه الأحداث الدور الفعال للمثقف في المساهمة في تشكيل المنظومة الاجتماعية، والثقافية والسياسية. كما أن مآسي المثقفين التاريخية مع السلطة السياسية والدينية والإجتماعية وتعرضهم للتعذيب والاغتيال والاضطهاد والنفي دليل على تأثيرهم العميق في مجتماعاتهم..لكن الأمر يبدو مختلفا في الآونة الأخيرة خصوصا في العالم العربي حيث منسوب القراءة ضئيل جدا وأغلب الإصدارات تظل عالقة برفوف المكتبات بينما يمتد خطاب التفاهة والتملق وينحسر الإبداع الهادف الذي من شأنه أن يلعب الدور الذي تتحدثون عنه.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
أعتقد أن اشد أنواع الامراض إجهازا على الكاتب هي العزلة الاجبارية وقد مكنتنا السنوات الاخيرة مع انتشار وباء الكوفيد من قياس درجة تأقلمنا مع العزلة الإجبارية. الإبداع وثيق الوصل بالحرية وبدونها يحل الترقب والإنتظار محل التحليق في الآفاق والإبداع.
10. شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
عبد الرحمن منيف لأخبره بأن أحفاد السلطان “خريبط” قد وصلوا إلى باريس سان جرمان
11. ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
لومنحت لي هذه الفرصة لما ركبت القطار للمرة الأولى ولحاولت للمرة الألف أن أشغل حيزا أنا على يقين بأنني فرطت فيه٠
لماذا؟ لأنه لازال في نفسي شيئ من هناك رغم أن الهنا يبدو مكتملا
٠
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
الحنين إليها.
13.صياغة الأدب لا يأتي من فراغ، بل لا بد من وجود محركات مكانية وزمانية. حدثنا عن مجموعتك القصصية (ضيق المنافي).كيف كتبت وفي أي ظرف؟
في سيرته الذاتية “البئر الأولى” قال جبرا إبراهيم جبرا “وعندما أخذت أراجع نفسي بشأن أحداث هذه الطفولة، وجدت أنني، عبرأكثر من أربعين سنة من الكتابة ،استعرت العديد منها في مقالاتي وقصصي القصيرة، وبخاصة في رواياتي” لذلك فتجربة الكتابة تنبع من الحياة نفسها، في نفس هذا السياق جاءت مجموعتي القصصية”ضيق المنافي” لتعكس ضيق الأمكنة والأزمنة على شساعتها فقط لأنها تقترن بالغربة/المنفى٠٠المجموعة رصد لحالات اجتماعية ونفسية تتراوح بين الماضي والحاضر، بين الهنا والهناك في قالب حكائي يرصد المفارقة ويعكس بعض وجوه تواجدنا بالغرب بما يفرض ذلك من تيمات مرجعية كالتعايش والإندماج والإستلاب والتطرف وما إليه.
14. ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
نحتاج إلى الابداع كيفما كان نوعه لتجميل قبح العالم..وتصويب تشوهاته…الكتابة جزء من هذه الأدوات التي تجعلنا ننتصر على ما شذ عن الطبيعي في دواخلنا .
15.هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه؟
الوطن يظل قابعا في دواخل المبدع وهو يتجلى في شتى صوره في ابداعاته..الهروب من وطأة الغربة لا يسعها إلا حضن الوطن.
16. كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
كانت مواقع التواصل الاجتماعي فرصة لدمقرطة الكتابة وتوسيع آفاق انتشارها لكن صرنا نلاحظ انعكاساتها السلبية في السنوات الأخيرة حين منحت 《حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء». كما قال إمبرتو إيكو..لكن في نظري الإبداع الجيد يجد دائما مكانه بين متلقيه.
17. أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أجملها ازدياد أبنائي وأسوأها فقدان أختي.
18. كلمة أخيرة او شيء ترغب الحديث عنه؟
كل الشكر والإمتنان لكل من لازال يؤمن بأن الادب والفن ضرورة حتمية تواكب تواجدنا ويعمل على المساهمة في تكريس هذه المعادلة والصديق رضوان بن شيكار من هؤلاء شكرا له.