(قصيدة النثر) هذه تسمية تستدعي الامتعاض والسخرية

 القاهرة – آفاق حرة للثقافة
 أجرى الاستطلاع  الكاتب الصحفي  مصطفى علي عمار

قصيدة النثر وأراء الكتاب العرب حولها

 

في تحقيقنا هذا نستضيف عددًا من شعراء قصيدة النثر الكبار؛ ليحدثونا عن أهم قضايا قصيدة النثر والإجابة عن أسئلة شغلت النقاد والقراء على حد سواء، فيما يتعلق بهذا الفن الشعري الدخيل والذي يعد عنوانه ضعفًا عندما حمل كلمة نثر.
وكانت هذه هي الأسىلة التي طرحناها:
– هل تعتقد أنَّ قصيدة النثر هي آخر المحاولات في تجديد الشعر العربي؟
– هل تستطيع قصيدة النثر أن تنافس قصيدة التفعيلة؟ ولماذا؟
– إذا كانت قصيدة النثر مأخوذة من الغرب، فما الفرق بينها وبين الشعر المترجم؟
– هل ترى في شعر النثر اقترابا من الواقعية وابتعادًا عن الرومنسية مما يؤهله للاهتمام بقضايا المجتمع والابتعاد عن الذات أو الأنا؟

★الكاتب والناقد الأردني الكبير أيمن دراوشة


صراحة قصيدة النثر لا يلجأ لها سوى من لا يعرف الأوزان فهي بدون قوانين … أما الشروط فهي شروط هروب من الصحيح وأقترح تسميتها بالشعر السريع أو شعر الفوضى

–لا طبعا ستظهر محاولات أخرى لا نعرف ماهيتها، لكن أظن جميعها ستؤول للمدرسة الخليلية.
–يستحيل ذلك فقصيدة التفعيلة تسير على قانون ، أما القصيدة النثرية فهي بلا قانون مما يؤهلها للفوضى.
–لا يوجد فرق بينهما، ولكن ترجمة القصائد الأجنبية لا يمكن أن يكون صحيحا ولا بأي حال من الأحوال، ولا يمكننا أن نقارن قصيدة نثرية لأليوت مثلا بقصيدة نثرية مع شاعر عربي على الاطلاق.
–تتيح القصيدة النثرية لكاتبها أن ينتهج المنهج الذي يرغبه رومنسيا أكان أو واقعيا، لأن قصيدة النثر تعطيه الحرية الكاملة بالخروج من القوانين الصارمة، لكن يمكننا القول بتذويت قصيدة النثر كون الشاعر اليوم يهتم بقضاياه أكثر من اهتمامه بقضايا الآخرين.
★الشاعر الكبير أشرف البولاقي-قنا- مصر

–إن مفهوم الشعر يتناقض تماما مع الظن أن قصيدة النثر هي آخر محاولات التجديد في الشعر العربي، لقد كان ظنٌ كهذا يتلبّس أنصار قصيدة التفعيلة، لكن سعي الإنسان وتواصله مع التجريب والبحث عن آفاق وفضاءات جمالية جديدة قاده إلى قصيدة النثر، وهو ما سيقوده بالتأكيد إلى أنواع أخرى من الأشكال الشعرية
– لقد استطاعت، ونجحت نجاحا كبيرا، واحتلت مساحات شاسعة، بل إن مفهوم المنافسة نفسه لم يعد قائما الآن، لم تعد قصيدة النثر بحاجة إلى أن تخوض منافسة أو صراعات، لقد أثبتت وجودها، بجمالياتها ومغايرتها للسائد والمألوف، بتمردها على الأنساق التقليدية، والأهم من كل ذلك بقدرتها وصلاحياتها في التعبير عن الشوق الإنساني.
– قصيدة النثر ليست “مأخوذة” هكذا من الغرب، إلا إذا كانت الكهرباء مأخوذة من الغرب، وإلا إذا كان العلم مأخوذا من الغرب، وبهذا المنطق فإن السؤال سيكون كيف نعيش حياتنا وهي مأخوذة من الغرب؟!
هل قصيدة النثر تعبّر عن وعينا وثقافتنا وشوقنا أم عن وعي الغرب وثقافته وشوقه؟ هذا هو السؤال.
أظن، بل اعتقد أنها تعبر عنا نحن، ومن ثم فهي تختلف عن الترجمة تماما، فالترجمة فن قائم بذاته لا يمكن مقارنته بقصيدة النثر في سياقٍ واحد.
– في قصيدة النثر كل ما في غيرها من الأشكال الشعرية الأخرى، بعيدا عن التصنيف، فيها تعبير الإنسان عن ذاته وعن مجتمعه، عن همومه وعن قضاياه، وما هذه الأسئلة في الأساس إلا تعبير عن غياب الإيقاع الذي يُظَن دائما أنه الشعر وأنه الأصل.
لقد عبر الشاعر الجاهلي القديم عن الذات وعن الأنا، وليس فقط عن قضايا محيطه ومجتمعه، لهذا فإن الظن أن قصيدة النثر تعبر فقط عن الذات أو الأنا، فيه تجاوز وعدم استيعاب للشعر نفسه.
هذه الأسئلة جاءت متأخرة
وكاننا في السبعينات من القرن الماضي
القصيدة الحداثية اي قصيدة النثر وبإجماع كبار النقاد في العالم العربي
اخذت مكانها الذي يليق بها
في الادب الحديث وازاحت الخليلي والتفعيلة والقصيدة الغنائية التي تتلاعب بدلالة اللفظة
وسكنت في مساكنها بقوة
والجميع يكتبها
واصبح السهل ان تكتب الاشكال التي قبلها
وجميع النقاد خرجوا وابتعدوا عن هذه الاسئلة
التي لا تجدي امام قصيدة النثر بما تجئ به من عمق ولغة وما ترمي اليه ببلاغة مغايرة
وكلمة قصيدة تعني المقصد وهل هذا الكتابة جاءت بمقصدها أم لا واظنها جادت بكل ما ترمي إليه.

★سيد أحمد طه- الأقصر- معلم لغة عربية


يعد الشعر والنثر أهم فرعين في أدبنا العربي ومنهما انبثقت بقية الأجناس الأدبية المعروفة
ولكن يبقى الشعر كمصطلح له خصوصيته التي تميزه عن النثر كثيرا
فالشعر مقيد بوزن و قافية وشعور وله أوزانه و بحوره ولكل بحر ضوابط وعلله وزحافاته .وتكون البراعة والمهارة حين يعبر الشاعر عما يجيش في صدره وفق هذه الأوزان والضوابط
وتكون له الغلبة على من يعبر عن أحاسيسه بكلام مرسل ليس له ضوابط تحكمه إلا ضابط اللغة فحسب من نحو وصرف و إملاء دون التزام بالعروض
وقد بلغ الأمر بالأقدمين أنهم لا يسمون الألفية مثلا شعرا رغم أن بها وزنا وقافية و معنى لأنها تخلو من الإحساس والعاطفة.
* وقد ظهرت اتجاهات تتبنى ما يسمى بالشعر المهموس تارة والشعر الحر وشعر التفعيلة ولمعت في ذلك أسماء شعراء كبار كالبياتي وعبد الصبور و دنقل وأدونيس ونازك الملائكة وفدوى طوقان
وقد تعرض الأساتذة محمد مندور وشكري عياد وغيرهما لهذه الاتجاهات في كتاباتهما وأفاضا فيها. وأصبح لكل اتجاه مؤيدون ومعارضون
وأنا هنا بصدد الحديث عما أؤيده .الحقيقة إن مصطلح الشعر الحر أصبح مرتعا لكل من يعجز عن السباحة في بحور الخليل بل وأصبح كتابه – أحيانا- موغلين في الرمزية بلا سبب واضح .
أما قولهم: (قصيدة النثر) فهذه تسمية تستدعي الامتعاض والسخرية وتفتح بابا واسعا للمصطلحات المتناقضة .فنقول:( قصيدة النثر ونثر القصيدة /نقد الشعر وشعر النقد /جنة النار ونار الجنة /رذيلة الفضيلة وفضيلة الرذيلة..)
ربما بعض الدارسين للأدب الانجليزي تأثروا بالشعر الإنجليزي و قوالبه وانبهروا به وجاءوا من بعثاتهم مقلدين أو معجبين بذلك .
أما المحدثون الذين لم يطالعوا الأدب الإنجليزي بلغته ولم يرتحلوا لبلاد الغرب فما الذي يدفعهم لذلك ؟ أهو التقليد أم العجز؟
الحقيقة أنه بعد ما درسناه في دار العلوم بجامعة القاهرة من شعر جاهلي ومعلقات وشعرأموي وعباسي وحديث وبعد كل ما تريينا عليه في كنف شيوخنا العلامة علي الجندي وأبو همام أقول : إن اللغة العربية تتسع لكل لون أدبي
ولكن ينبغي تسمية الأشياء بمسمياتها . فليس من المعقول أن تتساوى-اسما- قصيدة عمودية بأخرى غير ذلك . ولعل تسمية شيخنا حسن مغازي لذلك اللقيط (بالشحر العر) لهي تسمية تروي الغليل . وليس معنى ذلك رفضي له كلون أدبي ولكن الرفض رفض التباس وتلفيق .ولا يليق بكتاب هذا الاتجاه أن يرتدوا عباءة الشعراء .ولكن لا مانع من وجود هذا الاتجاه كنثر ولكن بتسمية ما. تميزه عن بقية أقسام النثر.

★ الكاتبة والروائية المصرية الكبيرة ماجدة جادو


قصيدة النثر لمن يفهمها هي عمق الحياة بتفاصيلها دون البحث عن الوزن والتفعيلة المصطنعة
قصيدة النثر تسمى كذلك لأنها قصيدة راوية كالقصص القصيرة وهي تجديد في الشعر كما كان شعر العامية المبدع تجديد لشعر أو القصائد العامية والتجديد أمر مستحب بدلا من الجمود المتوارث في تصنيف الأدب بكل أنواعه ووضع القوالب الثابتة التي تظل أبد الدهر لا يسير العالم كله على هذا النمط كذلك في كل أشكال الفن من الشعر والأدب والفن التشكيلي والمسرح والسينما مثلا وقصيدة النثر بما تحتوية من موضوعات وطريقة سرد مميزة فاقت في وجودها كل ما سبقها خاصة العمودي الذي بدأ في الاندثار لأن بعض شعرائه أو اغلبهم يتناوله فقط من خلال التفعيلة المزيفة المصطنعة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: