إجازةُالنص الشعري / بقلم : كريم جبر/ العراق

جرى حوار بيني وبين بعض المعنيين بالشعر وهمومه؛ حول كيفية تقييم النص الشعري وسط هذا الكم الهائل من النشر الألكتروني الذي ينهال علينا كمطر الربيع – – – وببساطة ارى أن المشهد في حالة من الاِرباك وعدم الوضوح؛ ولكي أُعطي الموضوع شيئامما يستحق مع علمي بصعوبة الأحاطةبه في هذا الأيجاز المقتضب ؛أجدني بصدد تقسيم النظره لتقييم النص الشعري إلى عدة اتجاهات منها:
١- هناك من يرى أ لّابديل عن العمود وإن تنازل قليلا ليُلحق به شعر التفعيله ! متمسكا بقوالب اللغة والعروض واِنتظام الموسيقى – – –
٢- فريق آخر يتحدث عن فشل القديم في إيصال الفكرة ماوراء النص إلى باقي الثقافات والأمم الأخرى مشيراً إلى أن العمود يفقد بريقهُ لحظة ترجمته إلى اللغات الأخرى إذ يفقد معناه ثم يسقط جثةً دونما روح !!! وهذا ٱلفريق يركز على موضوعة المعنى مستبعداً المبنى وفي بطانتهِ من لا يهتم لقواعد اللغة وأساسياتها ليخال نفسه محلقا في فضاء اوسع من هويته المحليه – – –
٣- فريقٌ آخر يستخدم تراكيب جمليه خارج المألوف في سياقاتها وكاني به يؤسس للغة جديده كما يحلو له وقد حاورتُ البعض منهم فوجدت فيهم من لا يعرف حكم الصفةوالموصوف وٱلناصب او ٱلجازم ! !
والتساؤل هنا هل في قواعد اللغه وقوالبها ما يبتعد عن الجمال والذائقه السليمه ؟ الجواب لا طبعا ؛ فحين نقول: نحنُ العربُ تجد هناك ثقلا وحين نقول: نحنُ العربَ تجد هناك سلاسه ولكنك لا تجد (باعثَ النصب ) ؛ وقالت العرب انهُ نصبٌ على الأختصاص ( بفعل محذوف تقديره أخصُ) و مع وجود مساحة من الضرورات للشعراء ؛ وفي توكيد عذوبة اللغة وجمالها يرى العرب أن أقبح ٱلضرورات هو إدخالُ أل التعريف على الفعل كقول الفرزدق:
ما أنتَ بالرجل التُرضى حكمومتهُ
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدلِِ ؛ اذن نحن امام جيل بفاصلة زمنيه مع جيلنا السبعيني ؛ فهو يعرف استخدام( لكنّ) ولا يدرك استخدام( بيدَ أن ) ولا ( أنىّ) للكيفيه ولا بد من ان نلتمس له العذر فنحن عاصرنا الجواهري الذي نقل لنا ملامح من عصر المتنبي إذن نحن لا زلنا في عصر المتنبي ولشعور البعض من الجيل الآخر بالإحباط من إيجاد صلة الموصول معنا يطلق علينا مازحا توصيف (( الدينوصورات))
والجيل الجديد قد يهرب من خزيننا ٱللغوي متعللا بتوخي البساطه الأ أنه يقع في تناقض بيّن حين يُغرق النص بطلاسم الأبهام تحت ذريعةاِحداث عنصرالدهشة كمعيار ابداعي !!!!
ولا شك إن اللغة هي المحتوى والاِطار للمعنى – – والعربية هي أكثر اللغات في سعتهاوعدد مرادفاتها بشهادة مؤسسات معرفية رصينه على المستوى الأممي ولعل النهج الذي انتهجه أودونيس وأُنسي الحاج يسير بنا نحو ترجيح المعنى على المبنى في زمن نحتاج فيه وضوح التعبير عن ملامح هويتنا الغائبه وتداعيات واقعنا المأزوم – –
وفي مدينتي( الحلة) ظهرت مجموعة من الشعراء الشباب اطلقت على نفسها توصيف( ميليشيا الثقافه) جمعت بين الأهتمام بقوالب اللغه وابتكار وسائل فنية وجريئة وفاعلة في ايصال فكرة النص ؛ هذه الجماعه استخدمت الصوت والصوره وٱلحضور في قلب الحدث فكانت تتواجد لحظة التفجير حين يجتمع الناس حول الضحايا وليس مستبعدا استهدافهم بآخر في ذروة تزاحمهم كما جرت العاده؛ مقاطع فديو وحناجر تصدح بالشعر في قلب المَقاتل في ساحات المعارك. وفي حقول الألغام وفي الطائرات الحربيه وفي ٱلمقابر – – دُعي عدد من هؤلاء الى مهرجانات شعرية في فرنسا ومالطا وطُبعت لهم دواوين في باريس وامستردام ؛ تجلت روعة هذه الجماعه في تجاوز الأنا نحو شساعة (ٱلنحن) حين كانت أحيانا تنشر أراءا وافكارا بتوقيعها مجتمعةً – – وحين سأل المذيع أحدهم في إحدى القنوات عن مدرستهم الشعريه قال: (ما يميزنا إننا نشبه واقعنا) انهم فتية كبرو مبكراً متجاوزين التشضي في جغرافيه المكان عابرين الارض التي تجنح للخسف على مدار الفصول الى الفضاء الأنساني الأرحب – – –
وختاما ارى في تحديد ماهو صالح للمتلقي تحت ضوء الإبداع لابد من مراعات الأمور التاليه:
١- في طريق تحديد ما هو جميل وما هو ابداع ستظهر امامنا نسبية النظرة الى الجمال فما تراه جميلا قد لا اراه كذلك
٢- التقارب والتباعد بين تجربة الكاتب والناقد الشعريه والمعرفيه والوجدانيه سيلقي بظلاله؛ فالناقدهو متلقي ايضا ٠
٣- لا يستطيع الغريق لحظة اطلاق صيحة الاستغاثه استحضار روح سيبويه والخليل في تلك الصيحه !! (وهكذاأرى طبيعة الأزمة المجتمعيه آناء حدوث الاِنهيارات ٱلمدمره)
٤- ولطالما ذكرت على صفحتي وفي مجالسنا الأدبيه ( ان الشعر عبارة عن موجات حسيه تصدر عن ذات الشاعر لتجد ارتدادا لها في ذات المتلقي شاعرا كان أم ناقدا ام متذوقا ) ومن بداهة القول أن نقول : على الشباب أن يهتمو بسلامة اللغه وأن يجنح الكبار لفهم الواقع في نطاق انماط التفكير والكتابه – – –

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!