التجريد والتشبيه في الفن التشكيلي. د. مصطفى عطية. د. مصر

لآفاق حرة

 

“التشبيه والتجريد في الفن التشكيلي

بقلم. أ. د. مصطفى عطية. مصر

 

تجربة الفنانة” لولوة الحمود نموذجا”، عنوان البحث الذي شاركت به في مؤتمر لغة الأنساق البصرية ومقارباتها السيميائية” الذي نظّمه قسم الدراسات اللغوية والترجمية في بيت الحكمة، بغداد، العراق، يومي 17، 18 مايو 2023، أون لاين.
وهذه دراسة جمعت البلاغة بالفن التشكيلي، من حيث قراءة مفهومي التشبيه والتجريد في البلاغة العربية، وفي الفن التشكيلي.
لذا، فإن المستهدف في هذه الدراسة هو تقديم رؤية معرفية عامة حول التجريد في الفن التشكيلي، مع تناول نموذج من إحدى التجارب العربية الخليجية. وقد استهللنا البحث بقراءة مفهوم التجريد في أبعاد معرفية متعددة، أبرزها علاقته بفلسفة الفن، مؤكدين أن التجريد لا يقتصر على مفاهيمه الفنية المعاصرة، بل هو يضرب في أعماق التاريخ الإنساني، منذ وجود الإنسانية على الأرض، في حياتها البدائية، وفي تطورها الحضاري. فما الأيقونات والعلامات والإشارات التي صاغها الإنسان الفنان في إبداعاته إلا وتحمل تصورات عقدية وفكرية ونفسية؛ وكلها تصب في إطار فلسفة التجريد في مفهومها الواسع، وهذا ما نؤكد عليه، فالتجريد- وإن صيغت فلسفته حديثا- إلا أنه شأنه شأن كثير من الأفكار الإنسانية، له جذوره في أعماق التاريخ الإنساني، فلا يتفرد الفنان أو الفيلسوف التجريدي المعاصر بادعاء أنه قد جاء بما لم يأت به الأوّلون، بل إن العكس هو الحقيقة، فالأوّلون- خاصة أصحاب الحضارات الروحية- كان التجريد ديدنهم في فنونهم، مثل الحضارة الإسلامية، فما فنونها إلا تجريد روحاني، يحمل رؤية سامية للكون والوجود، منبعها الإيمان التوحيدي الخالص. ولذا، فإن ذات الفنان المسلم تكاد تمحى، إزاء الإبداعات التجريدية المتمثلة في الزخارف والخطوط والعمارة وغيرها. كما نتعرض أيضا إلى علاقة التجريد بالموسيقى: روحها وفلسفتها، وكيف يمكن أن يمتاح التجريد من طبيعة التأليف الموسيقي، وما يتركه في النفس من انفعالات، كما تناولنا علاقة التجريد بعلم البلاغة، الذي قد ينأى في ظاهره عن الفن التشكيلي، على اعتبار أن البلاغة هي فن قولي أدبي، أما الفن التشكيلي فهو فن بصري، ولكن الواقع أن البلاغة عالجت التجريد وما يضاده من تشبيه في إطار رؤية عميقة، ستفيدنا حتما عندما ندرسها، ونغوص في ثناياها؛ على قناعة من الباحث أنه من الأهمية بمكان دراسة التجريد في إطار معرفي أوسع، فحتما سيفيدنا في الدراسة التطبيقية، التي انصبت على تجربة الفنانة التشكيلية السعودية لولوة الحمود، وكيف أنها صاغت في لوحاتها رؤية فنية امتاحت من مفاهيم التجريد المعاصرة، وارتكزت في الوقت نفسه على البعد التراثي الروحاني في الفن الإسلامي، على مستوى التشكيلات البصرية، وأيضا الآيات القرآنية، ومقولات الشعر والحكمة. نأمل أن يكون هذا البحث لبنة تضاف إلى دراسات الفن التجريدي عامة، والعربي والخليجي منه خاصة، فهو ميدان رحب، يحتاج إلى جهود عديدة، لقراءة المنجز التشكيلي العربي، في ضوء الخريطة الإبداعية العالمية، علما بأن الإبداع الفني العربي زاخر، يفاجئنا بالجديد دوما.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!