إلناقد علي أحمد عبده قاسم
أولا العنونة
أولى النقاد العنونة الكثير من الدرس بوصفها نصا موازيا وتشكل علامة لهوية النص وهي اختزال لمضمون النص ورسالته ليس هذا فحسب بل العنونة احتراف كاتب ويبذل فيها جهدا كبيرا لتكون ملفتة ومثبرة وصادمة
ولست هنا بصدد ذلك فعند التأمل في عنوان المجموعة نجده من الجذر اللغوي” رسم ” أي خطط ولون
ليكون الرسم تخطيط في بناء القصة كطريقة ذهنية وتخطيط مثير ومشوق وتخطيط لغوي باللغة والأسلوب وهو التلوين بألوان متعددة سواء في تناول النص لقضايا مختلفة ومتنوعة جاءت في مضامين النصوص وإذا كان الفعل” رسم” يأتي بمعنى الأثر فإن النص يدرس ويتتبع الآثار النفسية والإجتماعية ويستقصي أثار بأسلوب سردي تحت مجهر المرسم الفني بريشة فنان مبدع
و”ورسم” وشم” وبذلك يتحول النص إلى حفر ونقش فكرة في ذهن المتلقي وأيصا نقشت الفكرة فتحولت لرسم بالكلمات كفن فيه الخلق والإبداع ويحاول أن ينقش تلك الفكرة في ذهن المتلقي لتكون الحياة أجمل بوصف الإبداع هو إعادة صياغة الحياة بقيم مثلى.
والمتأمل في عنونة النصوص يجدها إنها جاء مفردة من كلمة واحدة وجاء من كلمتين صفة وموصوف ممايعني إنها من كلمة واحدة” مرسم،عطش، دفء، مباغتة ،إيقاعات سريعة ،بقعة زرقاء،نافذة. ”
ولأن العناوين والعنونة عموما بوابات لفك النصوص وفهم مضامينها وتشير لهوية النص وتدل على اتساق النص مدلولاته فإن تلك العنونة جاء مكثفة ومختزلة ومضمرة وكات منها العنوان السيميائي الاشاري كمثل مرسم الذي والذي يشير للفن والألوان واللوحة والريشة والفنان وجاء متواكبا مع لوحة الغلاف التي رسم عليها حامل اللوحة وبقع،الألوان المختلفة ليتحول النص السردي للوحة فنية سردية وتشكل البقع علامات سيميائية للقضايا المختلفة التي تناولتها النصوص ويتحول القاص من كاتب لفنان
ولكن لماذا جاءت العنونة بالمفردة الواحدة وخلت من العنوان الإضافي كأن يكون العنوان ” مرسم السرد”
إن المبدعة أرادت من ذلك التكيف والاحتزال فالاسهاب والتطويل حتى في العنوان ممل وغير مستحب والسرعة أسلوب احتراف بالمفردة الواحدة
وتحقق الاحتزال والرمزية في العنونة فلوتأمل القارى نص ” زحاجة ” فهذا عنوان تناصي مع حديث الرسول صلى عليه وسلم” رفقا بالقوارير”
فالزجاحة المكسورة معادل رمزي للمرأة المكسورة والمجروحة والجارجة
وباحتصار جاءت
العنونة في أغلبها متقنة ومحترفة ماعدا في النادر مفضوحة وجاءت متنوعة مابين العنوان الإغرائي والفتنازي والرمزي والتجاري الاشهاري وكانت نصوصا موازية للمضامين.
ثانيا البناء
يعتبر البناء في القصة دليل قدرات الكاتب سواء من حيث التقاط الفكرة والمشكلة إلى قصر النص إلى وحدة الزمان والمكان والحبكة والترابط والتشويق والجذب والتصاعد وباقي العناصر فهل توفر البناء السردي في النصوص سآخذ نصين على سبيل المثال لا الحصر وهما نصا نافذة وعطش
نص نافذة الفكرة والمشكلة تدور حول ” موت الأم في رؤيا المنام”
تناول النص بعمق وألبسها المشاعر الصادقة وأدخل المتلقي والقارئ في جو الموت بشكل مثير” هاهي مسجاة الناس يجيئون ويروحون وأنا لاأكاد أصدق رحلت هكذا دون سابق إنذار “ص9
فهنا رسم دقيق لمشهد إهتمام الناس والأهل والاقارب بالموت.
ومن خلال الأحداث وموت الموت توقفت الحياة” الساعة الحائطية واقفة عند (12) ولاتتغير المنزل الواسع إمتلأ بالمعارف تهليل وتكبير قدماي موثقتان لاتسيطعان الحراك”
نحح النص لحد لبعيد في تناول الفكرة وأثر موت الأم على الروح وإدخال المتلقي في جو الموت فثبات الساعة عند الثاتية انتهاء زمن وبداية يوم مغاير ومختلف
ويلحظ المتلقي أن بداية الحبكة هي رؤية مسجاة وامتلإ البيت بالناس وانصدام الذات بهول الحدث بعدم التصديق
ووسط الحبكة كانت تأمل الصور التذكارية معلقة وكانت في ذات عيد” على حيطان الغرفة صورنا التذكارية ذات عيد نبتسم أيدينا مخضبة وضفائرنا مكتنزة بوجوه يغمرها السلام”ص11
وهنا مفارقة في حبكة الوسط مابين الفرح والحزن ومابين الماضي والحاضر ومابين العيد والموت ومابين حقييقة الأم وحقيقة الموت وتدعمها مفارقة أخرىفي الحكي في ” ومنها رأيت النافذة المفتوحة ومنها ظهرت سماء خضراء” ص11
لتشير للرحيل والجنة
وتأتي قمة الذروة وتأزمها في المشهد السردي التالي” مازالت هناك وأنا لاأستطيع الحراك تنهمر دموعي وحمامة بيصاء عند قدميها أردت أن أصرخ اعلقوا النافذة ” ص11
ويأتي الحل والانفراج في” فجأة يتحرك جسدها وتصبح قريبة مني ..
هاهي،ستنقذني أنهض فجأة وأرفع الغطاء عن وجهها أناملها نائمة
اقترب منها وأقبل قدميها وأسمع هديل الحمام”
كانت هناك وحدة زماتية ومكاتية مترابطة ومشوقة وكلها في مكان واحد هو البيت والسرير والزمن الحاضر الماضي باسلوب رمزي مدهش
أما تأملنا النص القصير جدا مباغتة
ونحن نعلم أن النص القصر جدا يمتاز بالسرعة والاختزال والتكثيف والرمزية والشعرية وكل ذلك جاء في النص
فمن حيث البناء فالفكرة تدور خول ذلك الطير الخقير الذي يحوم حول الذات فآذاها ” منذ فترة وهو يحوم حولي،لم أركز لانشغالي ولكنه صار يحوم أكثر ويحاول التقرب مني” ص72
وتأتي عقدة الحدث في كان قد قرر إمرا لم يخطر على بالي لاأدري هل كان ينتقم بفعلته تلك ؟إم دقات قلبه التي لم يقو عليها هي مادفعته لذلك”ص72
ويتإزم الحدث في ” ودون سابق إنذار دنا مني وطبع قبلة على خدي”
ويأتي الانفراح والحل ” لم استطع تدبر إمري وبمباغته كمباغته إسقطته بمنشتي” 72
ثالثا النهايات
جاءت النهايات صادمة ومصمرة ومكثفة ومختزلة لها علاقات بمتون النص ورسالة النص فهي نهايات تشخذ ذهن لطرح الأسئلة والتأويل ففي الوقت الذي تقرأ فيه النصوص تلفتك النهايات بشكل مثير وبشكل مشوق وهي نهايات ساخرة وموجعة ونهايات خاتمة وقفلات مفتوحة تعكس رؤية الكاتب ونفسيته تدور في الانسان وهمومه وفي سآخذ بمفارقات تستحق ممايدل على بناء سردي بديع الوقوف عندها
وسآخذ نص ” نافذ،،عطش”
في نص نافذة يقول السرد ” رأيت النافذة مفتوحة ومنها ظهرت سماء خضراء وحمامة عند قدميها ”
فهذه دالالة موت وتأتي المفارقة في” أقترب وأقبل قدميها وأسمع هديل الحمام’
وفي نص عطش يأتي السرد بالمشهد التالي” كأنما أنت ينابيع السعادة السماوية زارت الأرض بطريق الخطأ وكنت حظي الأجمل” 75
وتأتي بمفارقة ونهاية صادمة ” يالها ليلة قذفني العطش فيها قمت أبحث عن كأس ماء يروي عطشي فروعتي سيد الجفاف” ص75
رابعا الغرائبية والفتنازية
لفت انتباهي ويلفت القارئ فتنازيا بعض النصوص وهذا أسلوب يثير الدهشة والابهار وهو خروج عن الواقع لخيال لمناقشة قضية بأسلوب خارج عن المألوف ليرسم القاص أحداثه بحرية وبطريقة وأسلوب يخترق المعتاد
في المجموعة نصان فنتازيان هما” بقعة زرقاء، وموبايل”
في نص بقعة زرقاء يناقش الوهم والوسواس القهري الذي يسيطر على الذات حد الخوف والرعب فيحيل الإنسان ميتا بالحياة إويموت حقيقة فالتص يناقش عالم النفس وعالم الوهم الذي ينهي كينونة التي خرجت عن المألوف بأسلوب وطريقة خارجة عن المألوف” البقعة الزرقاء التي تقع على الحجاب الأبيض لهذه الطالبة
اتظري كيف تتحرك
هاهي انتقلت لرفيقتها
ترد
لاأرى شيئا
حاولت تجاهلها لكنها ظلت ترافبها حتي استقرت على نوتة طالبة’ 46
النص يناقش عالم النفس بطريقة مغايرة ليناسب الأسلوب المختلف الذي يتعامل مع الناس فيسيطر عليه الوهم والوسواس لتعيد بالمتلقي أن الإنسان يفقد الواقع والحياة ” إنها تشاهد البقعة الرزقاء على جسدها شحبت نجلاء وابيضت بياضا باردا ارتخت يداها وامتدت،على الأرض ولم تنهض ثانية” ص48
وآخر يمكن القول أن المجموعة فيها مايثير من العنونة للبناء لتناول الموضوع وتعتبر مجموعة من وجهة نظزي،جيدة وهي مجموعة تستحق القراء والدرس،والتأمل فهي فيها هوية الإنسان والمرأة خصوصا وفيها واقعية سحرية فتنازية
واهتمت القاصة بعلامات الترقيم والسلامة بشكل يرتقي للامتياز.
وثمة لفتات يجب أن ألفت القاصة لها وهي
– السرد في بعض النصوص بضمير مايحيل النص لللذات والخطاب الذاتي الشاعري المباشر فيجب التخلص منه ليكون الراوي راويا ضمنيا لا عليما
– الإطالة والحشو في بعض ا لنصوص فثمة جمل وعبارات يمكن الاستغناء عنها ولايختل النص
– هناك نصوص واقعية جدا فاقتربت من الخبرية
ولايعني هذا التقليل من قوة المجموعة بل هذا لفتات يجب الأخذ بها في قابل الأيام.