تحولات السرد القصصي بين الفني والمألوف في مجموعة الصرير / بقلم الناقد احمد علي الغماز

بقترب القاص  توفيق  جاد هنا  من  معادلة  الشراكة بينه  وبين الشخصية الاخرى في القصة القصيرة ،  حين يبتكر  القاص  فكرة  ما يود  تشييدها  بفن قصصي  خارج  عن المستهلك  والمؤطر ،  فإنه يبحث تحديدا  بالبعد  الثالث  للشخصية  وقديترك الصفات العامة والمألوفة ليدخل رغما  عنه الى  ذاك المشهد  ويبدأ بصياغته  محولا تلك العجينة  من الاحداث والزمن  والمكان  الى ما يشبه قطعة البلور  النادرة  والتي لم تأت من فراغ  وجمل فائضة ، وانما من ذالك الوجه الانساني ، الذي ربما لا تكفيه  قصيدة  او رواية ، انما يأتي حارا متدفقا  ولا تقوله الا القصة  القصيرة .
من هنا نستطيع ان نتعرف على  عالم توفيق  من حيث اللغة  اولا  والتي جاءت  على ما يبدو  لغة قصصية  متقنة  من حيث قدرتها  على التواصل  بينها  وبين المتلق،  هناك على ما يبدو ثمة  اشارات  دقيقة للمرسل اليه ( القارئ )  بصفته الشريك  الثالث  بالعمل الابداعي  بعد المبدع والنص ، هذه الاشارات بدت احيانا بلغة قاطعة ، فهي  تقدم المشهد  بدون ذلك   الاسهاب  الذي يفتك بالنص  أو الرمز والمجانية لا طائل  منها  والتي  تجعل  المتلق  يشيح بوجهه عن القص  لهدم  قدرته  على متابعة الحدث القصصي .
الحكاية ، داخل النص ، أم خارجه ؟ هناك اقوال  نقدية  كثيرة  حول هذا  الموضوع المهم ، هل الحكاية  جزء لا يتجزأ  من القصة القصيرة وهل ما تنتجه القصة تتعدى رؤية  القاص لحكايته ، يميل القارئ، اي  قارئ دائما الى توفر عنصر التشويق  وهذا لا يأتي  الا بالقصة المتكاملة ، ان غياب عنصر القص ، عن اي عمل قصصي ، قد يغيب الصنف  الادبي  وهو وجود القصة القصيرة ، لذلك  نجح  توفيق  جاد  بالبقاء  على ذلك الاشتعال والتشويق يمشي جنبا الى جنب مع الحدث بدون  ان  يقحمه بسحية وبساطة ، بل أبقت على  سير الأحداث  والشخوص  جنبا الى جنب مع ذلك المضمون  الهائل  الذي عبر  عنه ( الحكي الداخلي او الخارجي )  بما يطلق عليه  المونولوج ،  وهنا لن استعرض شيئا  من القصص ، لاني  ارى ان ذلك عمل القارئ  ليبحث  ويكتشف  عالم  توفيق القصصي .
لم تغب ايضا اللغة الشاعرية ،  فقد تراها  حين تكون بواقع حقيقي ، واقعا ليس مالواقع ، هناك فقك  يدرك القارئ  انه أمام موسيقى  كثيرة  وفراشات  تذهب  نحو الضوء  قادمة من العتمة ، وهو  اي القاص  لا يستعرض  موهبته  الشاعرية فقط ، وانما ليجعل  المضمون يأتي  بتلك  الدعشى  او الهزة  التي تعتري  القارئ  حين يتابع  القص فيشتبك  بذلك  الجمال  وايصال الفكرة  التي يود قولها  شخوص  توفيق،  تراها أحيانا ، اينما  وليت  وجهك ،  غب  الوظيفة وفي الطرقات الحزينة  والعشاق  اينما كانوا ، فقراء وأغنياء ،  ازواج  وزوجات  ، بمعنى ،  هو لم يحتكر  شخوصا  أقرب  الى المثالية  المطلقة ، بل اشتغل  على كل تلك الحيوات  التي تقابلنا ، بعيدا عن التمجيد ، بعيدا عن المديح  ، ايضا لم تأت شريرة  وغاضبة وحانقة  على المجتمه  بالمطلق  بل  وكما يقول  الناقد ( امبير ايكو )  تلك الفراغات  التي يبحث عنها القارئ ( انتعى الاقتباس ).
بمعنى  خلق ذلك التوازن  الهائل بين ملامح  الشخوص ، تبين  واقعها  اليومي  حتى  تكون  أقرب للمنطق وتحدث  ذلك الكم الهائل  من اصطياد اللحظة الهاربة  بكل تكثيف  واختزال  وتقدم القصة  للقارئ ،  ليس على طبق من ذهب  وانما تجعله  يشترك  بالسؤال  المهم ،  ماذا تريد الشخصية ان توصل لي ؟.
استطاع القاص  ان يحافظ على ةحدة الشخصية  ، وحدة المكان ، غهو لم يذهب بعيدا  بتوسيع الحدث القصصي  وانما حصره  في عنصر (  الوحدة ) .
فجاءت لكل كلمة وظيفتها بدون  حشو  او تمهل  ، بل  سعى  لان تكون  السهام جاخزة  للانطلاق من اول جملة قصصية .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!