وقفـــة مع  فيلم   ”   يوم من عُـمري ”  للفنان الجريح /  عبدالحيلم  حافظ

بقلم : الشيخ قدور بن عـليــة

 الجــزائـر

 

لا أريد أن آخذ في اعتباري الجانب  العاطفي  لدى الفنان  الجريح  ( عبد

الحليم  حافظ )  لكون الأخير قد  عبّ  من قصص الغرام  ــ  في ما يـبـدو

ــ  الشيء الكثير ، ما جعله يُحسن أداء الدّور ذي العُروة الوُثقى  بما

يجيش في خاطره  من أحاسيس فيّاضة ، طغت  على سطح مياهها رهافة الحسّ  لدى

بطل فيلم  ” يومٌ من عُمُري ”  الفيلم  الذي  امتزجت فيه التراجيديا

بالرومانسية بالكوميديا، فهو قد اتخذ من  غريزة  الحُب  في أغانيه ،

أفلامِــه  الوجبة  الجد عاديّة ، الوجبة  التي جعلت منه  ” مُطربَ

الـقــلوب !! ” ، كان له جُمهورُه الخاص ، جُمهورُه  الشاعـر بما يُكابد

، العليمُ بالـعِــلة التي رافقت درْبَــه  إلى حين  احتواه  مُوحش

الــثــرى ، فحجـــبهُ عـن الأعـيُـــن .

لكن الذي لفت انتباهي ، وأنا  غـاض الطرف   عن المواقف السلوكية  لصحفي ”

أخبار اليوم ”  إزاء ” العصفورة ”  القادمة من بلاد     ” السّويْـس ” ،

هو مدى  ما يُحدثــه  التهـوّرُ  لدى الكائن الإنساني  ذي المُقاومة

الضعيفة  أمام الجنس الآخر ،  لو  لم يستخدم سلاح  العقل والضمير مـعاً

، بالأخص  إذا كان أمام موقـف غامــضٍ  وفــتاةٍ   نظراتها ،  حركاتها ،

إبْـتـــسـامـاتها  كُـلها تساؤلات مُفرطــة  في الغموض  لكنه  ــ صـالح

ــ  ذهب في مهمّة  صحفيّة  ، لم يكن واضعا في حُسبانه  ما قد تحدثه

اللقاءات  ، أنـسـَــتهُ ” العصفورة”   مهمته  بقدر ما  أنــســت ذا

الحنكة في التقاط الصّور  ـ صديقه  ، العبقري  ” يونس ”  أنسته   ”

الجُنيْهات ”  نفســه  ، فلم تعد تهُمّــه سُمعــة الفتاة ، همّـــهُ

سُمعـــة  جــيْــــبه   فهو غاية الغاية لديْه ،  وهذا مرض عُضال

يـفــتِــكُ   بصاحبه  المُتهاون عن علاجــه  ، بعدم الجري وراء الدّرهم

، والدرهم فقط  ، وإن أدرك نفسَــهُ في آخر المطاف  ، لكونه   قد قاســى

من ويْلات  ” الحُب ”  مع الجــارة ، فقدّر  موقف ” صالح ” حق التقدير

!!.

على كل ،  جاءت الفتاة ،  حلت بأرضيّة المطار ،  الخطيبُ المُقترح  جاهز

لتسلم  صفقة العُــمر ، الوالدان  يُفضيّان بما لديْهما ، وتكون الصدمة

التي لم تجد الفتاة  حلا لها  ــ والزمن ضيّق ــ إلا بالذود بالفرار ،

الفرار بإنسانيّتها  إلى حيْث لا تدري !! ، وكانت المُطاردات  المستمرة

لتجميع كافة المعلومات عن ” بنت  المليونير ”  التي صارت  شغل الصحافة

الشاغل ،  فذو السّـبْـق  في نشر كلمة عنها   يكون قد أرْوى شهيّة

صحافــته  ، لأن مقالاً كما ذاك  يُعد  ــ  خبْطة صحفيّة ــ  ما إن مثلها

نظير ، مُـدرّة  مردوديّة مادّيّـــة  ، وشهرة معنوية للقائم على الصحيفة

!! .

وكم هُن كثيرات ، اللائي لا طاقة لهُن  بالمُواجهة ، مواجهة الأمر الواقع

بالتعــقل ، باللين ، بالتي هي أحسن ،  يأتين طائعات دون علم منهُن  ،

من أنهُن  على شــفا حُفرة  من الضياع ، لأن مصيرهُن كان قد حُدد

مُسبقا ،  والخطباء  قد  تمّ  إيداع أوراق اعتمادهم  لدى رئاسة الأسرة

المُخطئة ،  ولم يبْق للواحدة منهُن رأيٌ يُذكر ،  ويُفتح باب الشقاء على

مصراعـيْــه ،  وتكون الكارثة ،  تحدث  يوم يُزاح القــناعُ  عن المعـيار

الذي قـيــس به الخطـيــبُ ، يوم تعود  النفسُ بالفتاة  إلى صلب

الموضوعية ، إلى الوالديْن  لتأنيبهما ، ويبقـــى لوْمُ   الوالديْن  هو

اللحــن الحزينُ الذي تشتهــيه نفسيّــــة  ” العـروس ” ، فمتى كان

الزواج  جــبْـراً  ؟؟ ،  متى كانت فتاة  العشرين بضاعـــة  ؟؟ .

الضمير النقيّ بريء ، الشريعة الإسلامية السّمحة بريـــئة  ، وفتاة  ”

مُطربــنا /  عبد الحليم ”  أو  ” صالح ” من خلال القصة التي تحدث عندنا

كثــيرا ، من  صلب حقوقها عدمُ الإذعان   ، لأنه الملــجأ الوحيد   أمام

تـعــنت  المُـتــعــنــتين  ، وتزمّـت المُـتزمّــتين ، الماكثين دُهورا

في متاهـــة العادات  والتقاليد  غير المُبررة  بنص ذي موضوعيّة  أو

منطق ذي مردوديّــة  ، بالأخص في عصْر  تعلمت نساؤه ، وتفتح ضميرُ

شــبابــه  ، فلماذا  تحاولين  ــ يا عادة ــ إبقاءَها  على الهامـــش

؟؟؟؟

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!