أحلامنا صارت ضنينة في زمن اللارؤية/ بقلم الشاعرة فابيولا بدوي

 

حينما تبلغ حالات الطلاق في شهر واحد‏,‏ بحسب مصلحة الأحوال المدنية‏,‏ أكثر من‏17‏ ألف حالة‏,‏ فهذا لا علاقة له بالطلاق الشفوي أو التحريري‏.‏ بشكل عام هذا الحصر هو للطلاق الموثق بصرف النظر عن تفاصيل الوقائع الخاصة به فقد وقع علي اية حال‏.‏

وهو يشير بما لا يدع مجالا للجدال أننا نعاني من حالة انهيار مجتمعي بكل المقاييس, وفي غالبيتها تعود لانعدام التوازن والرؤية وانتشار المخدرات وقبل هذا وذات الوضع الاقتصادي المتردي وسط كم هائل من الأساليب الدافعة للاستهلاك, ولجعله قيمة تعلو فوق أي قيمة في حياتنا.
فهل الطلاق هو الوجه الوحيد لهذا الانهيار المجتمعي؟ بالطبع ما هو سوي مؤشر لأوجه عديدة كانتشار الفساد بكل أشكاله وأنواعه وتردي التعليم, وارتفاع نسب الاكتئاب النفسي والشعور بأن المستقبل لن يحمل لنا سوي المزيد من الأوجاع, فلماذا تصر أسرة علي الاستمرار في ظل كل هذا التراجع القيمي, وكيف يمكن أن يتحمل الطرفان صعوبات اليوم أملا في تحقيق كافة الأحلام في الغد؟
في غالبية الأحيان لم تعد هناك أية أحلام من الأساس, وإن كانت موجودة فهي ضنينة, وتقتصر علي حل المشكلات اليومية الضاغطة( كالحلم بتدبير النقود الخاصة بالدروس الخصوصية, أو إمكانية توفير مصاريف علاج فرد من الأسرة, وما شابه) أما بقية الأحلام فلم يعد لها أي موقع من الاعراب, في ظل حالة الانفصال الكامل الذي يصدره لنا السادة المتأنقون ضيوف الفضائيات.
أسرة تصحو وتنام علي الهموم, لا يجب أن ننتظر منها أن تقاوم وتنجح في بناء عائلة, بل علينا أن نتوقع ارتفاع أكبر في معدلات الطلاق والجريمة.
في السياق نفسه, وبمناسبة الأسرة التي من المفترض أن أحد أهم دعائمها هو الأم, وهذا ليس عن انحياز بل هو ما أقره الله والرسول وكافة الفلاسفة والحكماء, ما هذه الفتوي التي يمكن بمنتهي السهولة ضمها إلي أخوتها من الفتاوي السوداء, التي ساقها لنا أحد السادة التي تصر وسائل اعلامنا علي إلصاق لقب داعية سلفي قبل اسمه من أن( الاحتفال بعيد الأم حرام وبدعة وتقليد للغرب, وأن الإسلام لم ينص علي هذا العيد وبالتالي لا يجوز للمسلمين أن يحتفلوا به).
الحقيقة أن وجودكم أنتم بيننا هو البدعة الحقيقية, فالإسلام لم ينص علي وجود أناس بين البشر وظيفتهم فقط إظلام حياتنا. أي بدعة في تكريم الأم التي كرمها القرآن والرسول, عليه الصلاة والسلام, وأي ضلالة في الاعتراف بحقها علينا وتخصيص يوم لها بعدما خصتنا بعمرها كله طوال حياتها؟
بالمثل يجب عدم الاحتفال بعيد الثورة ولا يوم الشهيد ولا نصر أكتوبر, فجميعهم لم ينص عليهم الإسلام, وهكذا أنتم بيننا لتحويل كافة مناسباتنا إلي جدال تبتغون منه الشهرة وتسليط الأضواء عليكم, ونبتغي نحن من خلاله أن تلتزمون الصمت والاحتفاظ بآرائكم لأنفسكم.
والعيب ليس عيبكم وحدكم, بل أيضا ينسحب علي بعض وسائل الإعلام التي تجعل من أقاويلكم فتاوي وتفسح المساحات لعرضها وعرض الآراء المخالفة لها, وقبل كل هذا تقول اللجنة الدينية في البرلمان التي تنتظر قانون تنظيم الفتاوي وتعلن أنه بعد مناقشته سوف تنتهي مثل هذه الفتاوي المتشددة. فلو كانت مثل هذه العبارات الهزيلة ترتقي إلي مستوي الفتوي وسيتم تقييمها طبقا للقانون المنتظر, فعلي الدنيا السلام, ولا يجب أن ننتظر أي شيء بعدما طالعنا بداية القصيدة, التي تستنكر فقط تحريم عيد الأم, ولا تنسف المقولة من أساسها.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!