الحداثيون يتقهقرون .. فماذا عنا؟/ بقلم فابيولا بدوي/ فرنسا

بعيداً عن السياسة والاقتصاد، أي متابع حتى ولو بشكل سطحي لبداية المراحل الانتخابية الرئاسية في فرنسا سوف يكتشف أن الفروق بين المرشحين هي في المقام الأول ثقافية، وأن الانتماء الثقافي لكل مرشح هو المحرك الرئيس لنظرته لكل الملفات التي يتنافس الجميع حولها.
وهذا الوضع لم يعد ينطبق على بلد بعينها، فما بين ثقافة الانغلاق وثقافة التعددية والانفتاح، وبينهما الوسط الذي يقف ما بين هذا وذاك، يتأرجح الجميع من دون استثناء شرقاً وغرباً. فلا نحن الذين لم نصل بعد إلى زمن الحداثة بمفهومه الحقيقي نمتلك ملامح ثقافية واضحة، ولا الدول المتقدمة التي تتصور أنها تعيش في زمن ما بعد الحداثة تمكنت من تطبيق الحداثة نفسها قبل القفز لمراحل أكثر تطوراً. فالحداثة ببساطة هي نقيض القديم والتقليدي، وهي حركة نهوض وتطوير وإبداع هدفها تغيير أنماط التفكير والسلوك، باختصار هي حركة تنوير عقلانية مستمرة. فهل بلغت بلدان أوروبا الكبرى جوهر الحداثة؟
بشكل منهجي لا يمكننا قياس الحداثة بالمقاييس المتعارف عليها في العلوم والرياضيات، فمقياسها الوحيد هو التجربة الإنسانية، وها نحن نرى أن أوروبا مع أول هزات عنيفة تصيبها في العمق، تراجعت شريحة كبيرة منها إلى القديم وإلى العزلة والانكفاء على الذات.
إذا كان هذا يحدث في البلدان التي انتهجت الحداثة، فماذا عنا، ونحن إلى اليوم لم نمتلك حتى مجرد شجاعة تجديد خطابنا وتراثنا؟

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!