أتعلم/بقلم:ناهد سليمان توميه( طرابلس )

أتعلم
ومازلت من الحياة أتعلم
لم أكن أعلم أن الدروس فصولها طويلة
وأن عدد الحصص تجاوز عدد فصول الحياة
وأن المدارس القديمة كانت مجرد وهمٍ
وجدرانٍ من ورق وشخوصٍ من أشباح
فتحت أبوابها الصدئة لتقذف بأجسادنا
إلى الخارج نواجه المجهول
لكن دون أن نتعلم

لم يعلمونا كيف نبدأ الخطوة الأولى في الحياة
لم يعلمونا كيف نهزم المستحيل الذي كان ينتظرنا
لم يعلمونا كيف ننسى الألم المتربص بنا
لم يعلمونا كيف نحمل ثقل أيامنا فوق أكتافنا
لم يعلمونا كيف نسير في الوحل بين الوحوش
هم فقط أرادوا أن يصنعوا منا شخوصاً فارغة
في صناديق معلبة جاهزة للإستعمال

أنا المرأة الفولاذية كما أزعم ما زلت أتعلم
تعلمتُ أن لا شيء أغلى من الذَّات الحُرَّة
تخلَّيت عن جلباب التبعية والخضوع والخنوع
تخلَّيت عن جلباب وهم الحب والشوق المخدوع
تخلَّيت عن جلباب الألم المزروع في قلبي المغدور
تخلَّيتُ عن جلباب الركض خلف رجلٍ بالعظمة موهوم

خُلقتُ كي أكون في الصف الأمامي
لا أكون خلف أحد سوى ذاتي
لا أشتاق إلا لنبض قلبي وروحي وحياتي
لا ألتفتُ إلا لصدى عقلي واهتماماتي
لا عمرٌ سابقٌ راجعٌ ولا عمرٌ فوق عمري آتي
لكني في هذه البقعة من الحياة
مازلت أتعلَّم


 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!