العَبرَةُ العابِرة/ بقلم : عُلا عزالدين دواغره- الأردن

بَدأَتْ حِكايَتي حينَ اشرأبَّ قلبي للوِلادةِ من جديد.. وَجَعَلَ في
النَّبضَةِ الثانيةِ من دَقّاتِهِ مَرسومَ زفافِ سَعادَتي،أَمّا الأُولى فَقَدْ كانَتْ أَمَلاً في أَنْ تَكونَ الطَريقُ لَك.. أَقسَمتَ لي حِينَها – وإبتسامةٌ قَدْ غَمَرَتْ وَجهَكَ الجّميل- أَنْ تَجعَلَ عَيناكَ تُرشِدُني نَحوَ طَريقنا،ويالَ سَعادَةِ حَظّي كُنتَ أَنتَ مَنْ جَعَلَني أَتيهُ وَأضيعُ في بِئرِ الحياةِ ودوائِرِ الأَلَمْ..
لَكَمْ جَعَلتَ قَلبي اليانع حَجراً أَسوداً قاسٍ لا لينَ فيه.. سَألتُكَ يَوماً، ما الجميلُ في أَنْ تَكونَ مَحَّطَ أَنظارِ فَتياتِ الحيّ كُلِّه؟! أَجَبتَني أَنَّ في الأَمرِ نَرجِسيَّةً تتحدّث.. لَمْ أَعلَم حِينَها ما قَصَدتْ، لكنّ الأيامَ قَدْ سارَعَتْ في كَشفِ ساقيّ حَديثِكَ.. وتَرَكَتْها عارِيَةً لِأَرى كَمَّ السّوادِ الّذي قَدْ اعتَلى هذهِ الطّريق.. لا بَأسَ إِذَن، فَما نَحنُ إِلا مَحّطاتٌ عَابرة في طَريقِ بَعضِنا، ووَمضاتٌ لافتةٌ تارةً ومخيفَةٌ أُخرى..
أَتَعلم؟! ما كان اجتماعُ قَلبَي صَدرَينا إِلّا عِبرةً لي ولَك.. لستُ أَدري كيفَ إستَطَعتَ أَنْ تَخذِل؟! وكيفَ آلَتْ إِليكَ الخيانَةُ ولرُّبما أَنتَ من إخترتَها وَ أَسرَعتَ راكِضاً إِلَيها.. أَقولُها لَكَ مُجدداً،لا بَأس،فرُّبَّ ضَارَّةٍ نافِعة.. كَم ظَننتُ أَنّي الباقية في دَفتَرِكَ وبَقيّةُ صَفحاتِكَ هيَ الزائِلة، لكنّني عَلِمتُ أَنَّ صَفَحاتِكَ تلك ما كانَتْ إِلا وَهماً قَدْ صَنَعتَهُ وَباءًا في مُهجَتِكَ ولَيسَ قَلبي.. خِلتَ أَنّكَ قَدْ خُنتَني،لكنّكَ لَن تَعلَمْ أَنَّكَ قَدْ فَعَلتَها لِنَفسِكَ وبِكيانِك لا غَير.. فآهاتُ قَلبي لا تُسمَعُ وقَدمي لا تَسقُطُ أَبداً..
أَخبَرتَني يَوماً أَنَّكَ وإِن قابَلتَ فَتياتِ الأَرضِ بِرُمَّتِها،ما إِستطاعَتْ واحِدَةٌ مِنهُنَّ أَنْ تَسرِقَ منكَ لَمحَةً لبُرهَةٍ أَو إِهتماماً عابِراً.. أَدرَكتُ اليَومَ أَنّني ما كُنتُ إِلّا بُرهَةً عابِرة.. أَتَدري،لَستُ بحزينَةٍ أَبداً.. فالتَخلُّصُ من الأَسى مَدعاةً للسّرورِ ومفتاحُ أَبوابِ الحياةِ الجميلة.. سَتَعودُ حَياتي مُبهِرَةً كَما كانَتْ يَوماً ما، ولكن أَنتْ، أَنَّى لَك!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!