خارج حدود الزمن نشرت بواسطة:محمد صوالحة مايو 19, 2016 في بوح الاماكن اضف تعليق يوميات بدوي في بيروت بعد العودة من الشوف ( 9 ) *************************** لـــ : محمد صوالحة عدنا من الشوف … من بيت الدين .. وصلنا الدكوانة ليلا … الانوار تتراقص … والشوارع ما زالت تعلن التحدي والصمود امام المارة والمركبات . بماذا تهمس الإطارات بأذن الشارع … هل تشكو من ثقل قدم السائق … ام انها تروي بعضا من ذكرياتها ندلف للبيت … ارغب بالانزواء بغرفتي … لتبقى تلك الصور عالقة في ذهني .. في مخيلتي … ابدل ملابسي … استلقي على السرير … اغمض عيني .. استحضر كل تلك المشاهد التي مررنا بها بذهابنا وعودتنا … اعد الجميلات … امسك بتلك الورقة … اقف عند كل اسم .. استحضره … اعيد تسميته من جديد . هذي ورود … وتلك سلمى … هناك شروق … وليلى … هذه عبير وتلك أمواج هناك حنان … ومعها لقاء …. أقرب منهن قليلا … جوليا وكاتي وايمان . اما ليلى الساحرة .. القصيدة التي عجز القلم عن كتابتها … ليلى نشوة الخمر وروعة السهر , يا ربي … هذي ورود … يا الهي ما اروع نظراتها وما اجمل الكحل في عينيها … وتلك تلمع بوجه الشمس ابتسامتها … ما يليق بها من الاسماء .. ربما الاقرب اليها اسم سهام لأنها قاتلة النظرات … تلك الآسرة انشودة الشوف بالتأكيد كانت … تخر لها القلوب .. وتُسبح لعينيها النبضات . اما تلك الارض… تلك المنطقة .. فاحتار بوصفها العقل … وغاب امام جمالها الخيال … وكان السؤال منذ ان لمحتها عيني يتردد … عن اي سمو تبحث هذه المنطقة والى اي المراتب ستصل … اشجارها المنتشرة في كل مكان كفيلق من جيش … او كعالم من الغانيات اللائي يغوينك بالبقاء ما الذي يحرسه وماذا ينتظر . في غرفتي المزينة بكل ما هو جميل … والتي يطوق راسها حبل من الانوار الخفيفة … تقود للحلم …. تقود للتأمل … والبحث عن كل جديد … في غرفتي هذه … تتبدل الاشياء وتختلف الاحلام .. وكثيرا كثيرا ما يغادر النوم . صداع خفيف يلم بي … صداع جميل .. لأنه يجبرني على اغماض عيوني … فتتداعي الصور … وتتراكض الافكار … ويدي تمسك بالورقة والقلم ادون ما يراودني من افكار . وقفت على النافذة المطلة على الدكوانة … انا في الطابق السادس … كل النوافذ امامي … مشرعة .. والنسيم يتلاعب بستائرها فيراودني حفيدي بأفكار مجنونة ويوسوس لي بما يدور خلف تلك الستائر … يرسم لي الاشكال .. احدثها تحدثني نتبادل الابتسامات…. ووسط هذا المحيط من الخيالات المجنونة .. والافكار الأكثر جنونا … والمشاعر الفوضوية التي تتلاعب بكل ما يمر بالبال وتستوقفه .. تعشق حتى النسمات العابرة … يُطرق الباب ليوقظني من احلامي … تأتي الرائعة … بل الاروع انجيليا بالقهوة … وتقف على الشرفة … نتحدث عن الشوف وجمال الشوف .. ونراجع تلك الصور التي التقطت … رشفة من القهوة واخرى .. ابحث عن الصداع فلا اجده .. كيف غادرني هكذا بدون مقدمات … الصداع كما النوم يتركاني وحيدا ويغادران فيغيب معهما الخيال .. وتغيب الافكار والصور . تنهض انجيليا من مكانها وهي تقول محمد عليك النوم مبكرا لأننا غدا سنغادر مبكرا فمشوارنا طويل … سألتها الى اين هذه المرة …. فقالت … لمنطقة تشبه الشوف بطبيعتها وفيها مكان بالتأكيد انت تحبه … وسألتني عن كتب صاحب ذلك المتحف . قلت لاين ؟. قالت : لمتحف جبران وبعده لغابة الارز . حاولت النوم .. حاولت وحاولت … وباءت كل محاولاتي بالفشل .. كثيرة هي الأشياء التي تراودني … أتفقدني … فأجدني بلا روح … روحي ما زالت عالقة هناك … في الشوف … انا الآن جسد بلا قلب او روح او خيال … كل هذه ما زالت عالقة هناك … على غصن شجرة او في حضن حسناء . الليل هذه المرة طويل طويل … انهض من سريري مجددا … واجلس على تلك الشرفة … اتأمل المباني … واتساءل : بماذا يحلم سكانها الان ؟. ما الذي يشغلهم ؟. واخيرا وبعد طول انتظار …سطع نور الشمس … منفضة سجائري ملأي بأعقاب السجائر .. كما ذاكرتي ملأى بالاشياء والصور ….فنجان قهوتي فارغ كجسدي في هذه اللحظة … أشعر بعطش شديد … اعاقب نفسي ولا اشرب … ولكي ازداد عطشا اشعل السيجارة من جديد . أشغلت نفسي بتبديل ملابسي … ارتدي وأخلع … حتى جاء ذلك الصوت من جديد … ابا صخر … الافطار جاهز…. اغلقت غرفتي … وخرجت اليهم … اشعلت سيجارة من جديد … وتناولت فنجان قهوتي … ارتشفته بسرعة .. وكأني استعجلهم … للمغادرة … لاني ارغب بالعودة الي.. لاني كثيرا اشتاقني أشتاق الي جدا . يرمقني أبو نجيب بنظرة عتب … وكذلك انجيليا وتقول الافطار أولا … أرد عليها .. اشعر بشيء من الصداع ولا رغبة لي بالطعام . يكملون وجبة الافطار ونخرج . وكالعادة … الشاعر الأنيق الياس القزي بحضوره الخفيف … وروحه المرحة التي تعكس طبيعة اللبناني… بجانب السائق… انجيليا وانجي وانا في مقعدنا الخلفي وأظنني وحدي من بينهم كنت خارج اللحظة … خارج دائرة الزمن .. كيف لا وانا القادم من الشوف … الى لواء الكورة … وبشري… و جبران الذي عقدت العزم ان أن اشاكسه واشاغبه … فرأسي بات كحقيبة مثقلة بالاسئلة . نمتطي صهوة المركبة وما ان أدار ابا نجيب محركها حتى بدأت روحي بالعودة الي من جديد … تتحرك المركبة امتارا قليلة وتنعطف لليمين …. نسير مسافة قصيرة … وننعطف ايضا جهة اليمين مرة اخرى … نمر من تحت جسر جونيه … ونتابع مسيرنا نحو … الشمال . يتجلى البحر من بعيد كراهب … او كإله عاد من زمن الأساطير … فأرسل اليه ابتسامة قلب …. ابتسامة روح وشفتين … اناديه ايها القديس والمقدس … ان خذني اليك .. اغرقني بقلبك … اجعل مني موجة تعانق شواطئ العاشقين … او قصيدة تسكن قلب شاعر . ايها الشيخ الجليل … خذني اليك … لفني بعمتك الزرقاء … وارسلني نسيما يداعب شعر تلك الأميرة الرابضة فوق ذاك المرتفع . يسحرني مشهد البحر … ويدهشني ذاك الزبد الذي يرافق الأمواج … ولا اشعر بنفسي … الا ونحن ننعطف نحو اليمين ايضا…. ابتسم وأسال ابا نجيب … يا سيدي … اراك تتبع اليمين باستمرار … جعلك الله من أهل اليمين . قال لست انا وانما هي الطريق التي تأخذنا حيث تريد ونريد . يلفت انتباهي شارة كتب عليها لواء الكورة . هنا يهب الحنين … و يشتعل القلب بالشوق لشمالنا … شمال الاردن … حيث لواء الكورة … تلك الاشجار التي تثير دهشة كل عابر من هناك … وابدأ رحلة المقارنة بين الكورة هنا والكورة هناك … انها تتشابه بطبيعة طقسها … وكثافة اشجارها … وجمال الناس فيها الفرق ان لو اء الكورة الاردني .. يجاور صحابة رسول الله .. رسول الانسانية … شرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل … اللذان يجاوران النهر المقدس نهر التعميد لا يخرجني من هذا الاشتعال او الحريق الذي شب بين الضلوع … الا صوت ابو نجيب وهو يطلب مني النزول … حيث قمنا بالذهاب الى ملحمة هناك … كنت اظن اننا سنأخذ بعضا من اللحم للشواء … ولكن كان الامر المفاجأة حيث طلب (( كفتة نية )) اجهزها الجزار بسرعة … اقشعر بدني في البداية … وما ان صعدنا مجددا للسيارة حتى بدأت انجلينا بتوزيع السندويشات … وكان هناك الكثير والمتنوع منها … اخذت لقمتي الأولى … طعم غريب ولذيذ … تابعت اكلي وما ان انهيت سندويشتي الأولى حتى طلبت اخرى … واخرى . تابع صعودنا … وانا يخيل الي اني على بعد امتار من هنا سأسمع صوت تسابيح الملائكة …. ويفاجئني اسم منطقة عجتلون … هذه القرية الكثيفة الاشجار الجميلة المباني وبالتأكيد لكل مبني حكاية .. ولكل شجرة قصة … ويعاودني الاشتعال من جديد … ففي شمالنا عجلون بغاباتها … وتاريخها . اتعبني النظر الى الطريق والى السماء التي تقترب منا تدريجيا …. واضع رأسي على منضدة المقعد وأحاول ان افر من الجمال الذي ارق روحي واتعب قلبي … حتى وانا احاول ان اقتنص اغفاءة تراودني بها الصور وما مر بي بالأمس وقبله … وما سيمر . ما لفت انتباهي اكثر … كثرة اليافطات التي تتغني بحزب القوات اللبنانية … الشارع مكتظ بهذه اليافطات وكأن المنطقة مملوكة للقوات اللبنانية وزعيم هذا الحزب . (( حزب القوات اللبنانية يترأسه سمير جعجع )) . ونتابع المسير … وننحني قليلا ايضا ناحية اليمين … ونعبر في طريق ضيق على رصيفيه رتبت الزهور وأسأل انجيلينا … اين نحن … قالت .. نحن الان ندخل لمتحف جبران … فكاد يغشى علي فرحا . يوميات لــ ـــ : محمد صوالحة شارك هذا الموضhttps://web.facebook.com/afaqhorra/aboutوع:https://www.pinterest.com/?autologin=trueطباعةLinkedInPinterestRedditفيس بوكTumblrWhatsAppSkypeTelegramتويترPocketمعجب بهذه:إعجاب تحميل... 2016-05-19 محمد صوالحة شاركها ! tweet