يا لحظك إن هي عمان/ بقلم عيسى بن محمود / الجزائر

يا لحظك  إن هي عمان لبست عبق الأماسي لتقول لك :
يا هلا
لن تخذلك حينها أبدا ، ستهدهدك شوارعها و تعطيك أسرارها على روية في محترف رمال و قبالتك بقايا القلعة و في جوارك ترانيم لفرقة تردد مقاطع أغنية تحضيرا لغد أو غد الغد لحفل ربما عرس أو أمسية بهية من تلك العشيات التي تبوح فيها عمان بترف التاريخ و عراقة الشام ، و في جلسات جفرتها تنسيك الوقت و الأنت فتصنع لك موعدا ما كنت تدبرته أو تلبي لك وعدا تحن إليه و صوتها فيروز يتهادى ليضمخ المكان بجلال الوقار فتغريك و تغويك على أن تضرب لك موعدها كل مساء و في هزيعه الأول ليلها إلى النصف أو زد عليه قليلا ، و بيت بلدنا يصدح فيه الصوت الفلسطيني الذي اختار له لقمة العيش من عجين الباطون رغم مؤهلاته لكي لا يكون لأية سلطة سلطة على لقمته فيستبيح المساءات ليرسل زفراته تمزق الحنين عساها الريح تحملها إلى هناك حيث الأهل حيث الخال و العم ، حيث الرفاق لتبلغهم أن الحادي لا يزال يتغنى و في الغنة حرقة و جراح ، و بأعالي اللويبدة ، و في شوارعها الهادئة بعمق الروح ، في ركوة عرب التي لا تستبعد أبدا أن يلتقيك فيها الفنان الفلاني أو المسرحي الفلتاني يلف جسمه الهزيل الفارع الطول و يتبينك من لهجتك فيفتح معطفه و يشير إلى رمز بألوان علمك على صدره قائلا : أنتم في القلب ، و في طيبتهم الناس على مهل و تأني ، و يالناسها إن هم حدثوك أو بدأت :
أديش هازي ، ميش مشكلة ، منيح ، و ينو ، شو هزا،
و حينما تسأل عن الاتجاه تكون جغرافيا المدينة سلسة :
روح دغري ، لا تلف يمين و لا شمال ، عدي ع الكوبري كمان بعدين أمامك إشاره ،
و المدينة أعطتك هذه المرة من الحب الكثير ، و أتخمتك بتحقيق الأماني و بادلتك الوله بالهيام فتساميتما عن تلك الدرجات التي وصفها ابن قيم الجوزية إلى منزلة التماهي و ما كان له أن يذكرها و ما شرب من منهلها عمان .
،
كنت تحدث نفسك في الرصيف المقابل لمطعم هاشم و أنت تقشر حبة التين الشوكي بيدك ، أردت منه وخزا بشوكه فلم يفعل ،
يا أ الله حتى هذا الصبار يؤدي فروض الضيافة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!