سمعت خفخفة الثوب تشدو للهواء/ بقلم : أحمد رافع

إلى صديقي أنمار مردان وهو يعودُ رشيقاً

I
كنتَ تحاورُ البالونَ بلسانِ طفلٍ
لِمَ افشيتَ سرك للإبرة؟
كان بمقدوركَ
أن تبقَ القصيدةُ هوائيةٌ ذا أجنحةٍ طويلةٍ
تغازلُ رقبةَ الغيمة
مثل قلادةٍ تتمحورُ بين نهدين
فلِمَ جعلتَ الطائرَ الوسنان
يحذو هذا التحليقَ المُنطفئ ؟

II
لم تغفُ النجوم
لم تركب الأيائلُ على ظهرِ الماء
فسمعتُ خفخفةَ الثوبِ تشدو للهواء
أيهذا النجمِ الحالكِ تحت قُبعةِ السمنة
هيا اهرب ،
غني بعيداً عن ترهلاتِ حزنِ العود
المتجعدُ مثل شراشفٍ باليةِ اللون

III
لم تهدأ رقصةَ السنابل
فسمعتُ صوتَ المضغِ يهربُ
بحوافرِ حصانٍ أضناه الجلاد
لم يرمِ عذقَ النخيلِ نوباتُ الطائر
لم يَحُك من ريشهِ ثوباً
فسمعتُ أخيراً نهوضُ النهر
يبعدُ عن ملامحهِ هذا السيسبانُ الثقيل
يهزُّ بخصرهِ على رأسِ السمكة
دورانُ الضفافِ النحيف

IV
أواه
لم ينط الديكُ من كوّةِ الفجر
فلماذا تحشدت المفاتيحُ العمياءُ حول رقبتي ؟
الحِلمةُ تدفنُ هذا المستنقع
وتعودُ مثل منقارِ اللقلق
تنتشلُ خيوط الثوب في غروبٍ كمثري
يا لبؤسِ الحكاية
يتكورُ لسانها حول مسطحٍ دهني
يشذبُ آخر ما تبقى من حديثِ السمنة
تنزلقُ بعيداً ، بعيداً
خلفَ أهداب البحر
تعرجُ بعصا شائخةِ القوام وتنكسر !

V
أذكرُ مجيئكَ الرشيق
حاملاً نوتةَ القنفذِ السكران
يدججُ البالونَ الضائع في أحشاء الهواء
كان الطفلُ يتيهُ في ثقوب الوجع الممض
كان النهرُ جائعاً
يصبو إلى يدِ المجداف ويشققُ وجهَ القارب
يخبِّئُ في معدتهِ نياحِ الربان
قفزَ لإبتلاعِ ترهلات الغيوم
آه السماءُ نحيفةٌ الآن
يدورُ حول خصرها المتماوجُ نجمٌ لائذٌ

عن جودي أتاسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!