في حضرة اللغة العربية/ بقلم : مها قربي

في المرحلة الابتدائية ثمة قصة
عن سر الحركات في اللغةالعربية
تقول الحكاية :أن لصاً تعمد سرقة
منزل ولما رأى الباب موصداً بشكل محكم
فكر باقتحامه عن طريق النافذة
وبحركة يد متجهةٍ نحو الأسفل
كسر الزجاج
وضم يده الى أوكرتها
وغير حركة اليد نحوالأعلى ففتحها
ودخل
فأذهله خواء الدار ففغر فاه
ووجم ساكناً…
عادأدراجه خائباً
فالدار مهجورةٌ
لا شيء فيها غير الصمت يسكنها
تلك حكاية أولى
في المرحلة الاعدادية …اختلفت تفاصيل الحكاية ولبست ثوباً جديداً
كانت عن شاب فقدظله
فراح يبحث عنه وإذبه يلتقي فتاة جميلة
اقترب منها ليسألها …وهويبكي
هل شاهدت حلماً عابراً
اقتربت منه حانيةً
أمسكت يده
…شعر بالحب لأول مرة ..
خفق قلبه
ضمها.. شدها الى صدره راح يُسمعها كلاماً وردياً
ينساب شلال عطر
فتحت قلبها
وأسكنته فيه
شعر بالأمان
فنام بسكون ٍوسلام .
منذتلك اللحظةو الحلم
يزوره كل ليلة
لم يعد طفلاً
إنه الآن مراهق
أحب اللغة العربية
والرسم بالكلمات والألوان
مدرِّسته لها صوت كما جرس
المو سيقى ونبرة حنونةٌ
حولت حبه للّغة إلى شغف
يتحايل بذكاء ليسمعها
فيسأل ويسأل ويسأل
والسر يكمن
في الصوت
يستهويه الإصغاء إليها
وهي تشرح درساً
عن الأفعال الناقصة
سرح بخياله ..أخذه الصوت
إلى رؤيا ليست من الحلم
فهي في وضح النهارتختصر الدلالة والبيان
وتكشف أسرار لسان الضاد
في البسملة الأولى اقرأ
وعي يتخلق
علق يتشكل
اقرأ
فكر
انظر
اسمع
ومع انتشار الضوء تتسع المدارات
لخريطة تجتاز الحدود.
ومع اتضاح الرؤيا
كان امتداد الشمس في ظل الحضور …..
صارالحضور .
كان الاجابةفي متن السؤال ..عن السؤال.
أضحى السؤال …
كان الحروف في تشكلها
ايقاع الحياة …أناشيدالحصاد
أمسى التشابك
في الأيدي واختلاف المذاهب
أمسى عراك
كان شخبرة على الورق
حين بداية الرسم
بالإزميل على الحجارة
والتاريخ يكتب عن الحروب وأشعار البلاط ..عن الحضارة
ولوحات جدارية تزين قبب الكنائس وزخارف بحروف من القرآن على جدران المآذن.
كانواأطفالاً يتعلمون الرسم
بالقلم الرصاص. …..
صاروا…رصاص
لازال يتأتأ…ويبتلع الحروف
ويخطأ اللفظ …متردداً
مابين رفض وقبول
لازالت علامة الرفض تقبع خلف حباله الصوتيةمقيدة
حين تختلط المقاصد…مابين
ماينطق ومايرغب وما يتمنى
حيث حرف ال لام (لا)يقبع خلف
أسلاك شائكة… يخشى
العبور
مافتىء يتبع شفيف النور
من خلف نافذة
يدانيها ..يمعن النظر ..في وجوه الواقفين عند السياج طوابير اً
في انتظار الخبز والسكر
يتأمل أجساد الصبايا وهن يزاحمن في بوابة الحشر
يتدافعن نحوحافلة الذهاب الى العمل ..أو الجامعة .يحاولن دفع المتلذذين بالزحام.
حيث التحام الشهوات الهاربة
من ليل شبان
فقدوا شهية الحلم بالسكن والسكنى
ومابرحت أسرَّتهم فارغةً لاشريك لهم فيها
غير القهر
والبقايا من قوت أيام
أتخمت بثقل أحلام مؤجلة …
زيادة الأجر
وإلغاء الحواجز
إلغاءكمائن التفييش
وأحلامٍ عن
الركض في الطرقات
والرقص …إقامةالحفلات
وتشابك الأيدي
للدبكة ….
أغاني الراب والسباحة
اقتناء جوال وأغراض شخصية
أسرّةٍ ..غادر أصحابها قسراً
فظلت …خاوية
فباتت الأحلام احتلام أوزحمة
يفرغون فيهاالكبت بأشكال من لذة الوهم ..والشهوة
فإذا ركوب الحافلات
والازدحام
والطوابير استحالت متعة
لاهدف منها
غير انتظار !!!!!
كل أشكل الحكايا باتت
بلامغزى
فلانهاياتٍ سعيدة
ولا أحلام .
وحدهم الساحرات والأشرار
القادمون بصواريخ عابرةٍ
كل الحدود
يحملون الراجمات
وكائنات غير مرئية
تقتل كل شيء
حتى الوهم
فتجف ينابيع الحلم
وحدها الثقوب السوداء
تعلن سقوط المدائن
تحت سيطرة العولمة
وحده النور يتحدى الثقوب
يخترق الأماكن يتمددفوق الأرصفة
لاحياد في رتق الضو ء
ولاانصياع لسطوة المارقين
وحدها الشجاعة تدعوك
لارتياد شواطىء جديدة
حيث تعثر على غوايتك
فتمعن التحديق في اللحظة الممتلئة بالشغف والحلم
لتصل سدرة المدرك
وتنصاع لحنين الأماكن
فينداح صوى الطريق …
فلامناص من تهشيم زجاج الحلكة
ولا جدوى من الاختفاء وراء حجب من تورية في الكلام
انه الإنذار الأخير
فالأفعال الناقصة اكتملت معانيها
وسيبدأ الدرس الجديد
بعيداً عن اللغة المحنطة
ومومياء الصور
اكتب قصيدتك الجديدة
اغمس آلامك في قارورة
الحبر المقدس
لتتعمد الكلمات بطهر الوعي
وإن كان ثمة من نزال
فليكن ..
اخرج من ربقة العثرات
بخطوة الواثق
وأعلن على امتداد الكون
هذا أنا
وهذا معراجي
وتلك هي الطريق
ادن من فضاء روحك
ولاتسقط إلاوأنت واقف
لم يعد العالم مجرد غرفة للكتابة
أوشرفة ٍ للنور أوقاعة للدرس أومختبر
فما بين البصيرة والبصر
درب قصيرة
ليس لها من ذاكرة
وحدها الأحلام
تكشف عريها
حين يأتيك
اليقين
فتقف في حضرة النور باسقاً
عارياً إلا من جمال الوعي
ولبوس يخرجك من مدارك
لتلملم تفاصيل البياض
عن السواد
وتقترف الحضور بقوةوجودك
فيصادق الأزرق الدهشة
وتجمع اللغة حروفها
لترصد المشهد من جديد
أرض تمور وكل مافي الكون
مرجلٌ يغلي
صار الصراع وجود اً
يلغي وجود
فإما أن تكون أولاتكون

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!