أقبلَ الليلُ/بقلم:صلاح الحقب

برفقة أم كلثوم نسيت حديثي عن الليل قبل أوانه.
في ذات قلبٍ مُحِب أسقمه الوجد وأضناه التعب، كان لي حديث عن لقاء، وفيض شعور تدفق مع هذا الشَّجْو (أقبلَ الليلُ) يا لهذه الخشية المدماة بصوتها المبحوح، شكوى تظافرت بها الآلام حتى أنطقت صمت المدامع
**أقبل الليلُ وناداني حنيني ياحبيبي
وسرت ذكراك طيفا هام فى بحر ظنوني**
للحنين مدامع أيضاً! ما إن شعرت بالحاجة للعناق الذي عجزت عن فعله والمسافة بيننا قلبان وكفان تصافحا، حتى تناءى نداء الروح من فرط تيه وضنى
**يا هدى الحيران فى ليل الضنى
أين أنت الآن بل أين أنا؟**
تساؤل يثير الريبة والوحشة في آن!
ما تزال هذه الأغنية تنساب في قلب الليل وتبكيه من نفسه، وأنا البعيد بينهما، شريد أفتش عن مأوى لشكواي.
تجريد شكواي من معناه ألم وعِلة تبوح بها مرة أخرى
**يا بعيد الدار عن عيني ومن قلبي قريبا
كم أناديك بأشواقي ولا ألقى مجيبا
تقبلُ الدنيا على أهل الهوى أنساً وطيبا
و فؤادي كاد من فرط حنيني أن يذوبا **

تزداد قتامة الدنيا بوجه الليل، وليس لي إلا آهة في القلب عالقة تحررني بها
*أوَّاه يا ليل طال بي سهري
وساءلتني النجوم عن خبري *
تعيدني الأغنية إلى ذاتي وحيداً، يغيب الظل ولا رفيق سواه، لا شيء يبقى، لا شيء يأتي، لا شيء يواسي وحدتي غير سهرنا معا، أنا والقصيدة وصوتها يربت على قلبي
**ما زلتُ في وحدتي أُسامرها
حتى سرت فيك نسمة السَحرِ**

الفجر شاهدنا الوحيد، أنا والسهاد ووحشة ملء هذا الفراغ .
*النوم ودع مقلتي والليل ردد أنَّتي
والفجرُ من غير ابتسامك لا يبدد وحشتي*

ما لم تسعه اللغة في البوح طيلة هذا الليل، تملكته هذه الأغنية كما لو أنها قد كُتبت لي نهاية ساعة الأصيل حيث التقينا.
الصبح يطل الآن، وهذا وقت غناء المدينة.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!