السيسي يقف لجانب سوريا رسميا

بعد أن أرست مصر نفوذ الرئيس عبد الفتاح السيسي داخل البلاد وربطت علاقات وثيقة مع روسيا، هاهي تسعى إلى استعادة موقعها الإقليمي ولو كان ذلك يستدعي تغيير حساباتها الدبلوماسية، والانفصال عن شركائها السنة فيما يخص الملف السوري، باسم محاربة الإرهاب الإسلامي.

مستشارون عسكريون مصريون في سوريا؟

في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني أظهر الرئيس المصري مساندته المطلقة لجيش نظيره السوري بشار الأسد، الذي يحظى كذلك بدعم حلفائه الروس والإيرانيين، ضد المجموعات المعارضة المدعومة من الرياض وحلفائها الخليجيين.

فصرح السيسي في حوار بثته الأسبوع الماضي قناة RTP الحكومية البرتغالية أن من أولويات بلاده “دعم الجيش الوطني على سبيل المثال فى ليبيا لفرض السيطرة على الأراضي الليبية والتعامل مع العناصر المتطرفة وإحداث الاستقرار المطلوب، ونفس الكلام في سوريا والعراق”.

وحتى تكون رسالته أوضح، اعتمد السيسي نمط خطاب الكرملين بالتأكيد أن “سوريا تعاني من أزمة وموقفنا يتمثل في احترام إرادة الشعب السوري وإيجاد حل سياسي والتعامل بجدية مع الجماعات الإرهابية ووحدة الأراضي السورية ثم إعادة إعمار ما دمرته الحرب، كما أننا وافقنا على القرارين الروسي والفرنسي بمجلس الأمن لأنهما يطلبان وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات.”

من جهة أخرى ومنذ أسابيع عديدة، لا سيما بعد زيارة مسؤول الأجهزة الأمنية السورية علي مملوك إلى القاهرة، تكررت في وسائل الإعلام العربية أخبار تذكر وجود “مستشارين عسكريين مصريين” إلى جانب القوات النظامية السورية”.

ففي 7 ديسمبر/كانون الأول كشفت جريدة الأخبار  اللبنانية المقربة من حزب الله الموالي لإيران أن عددا من الخبراء العسكريين والأمنيين المصريين كانوا متواجدين في سوريا في إطار التعاون بين بلدين يسعيان إلى “مكافحة الإرهاب”. وأكدت الأخبار أن “عدد هؤلاء الخبراء سيصل إلى 200 قبل نهاية 2016”.

في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، كشفت صحيفة “السفير” اللبنانية والمقربة من النظام السوري نشر وحدة من 18 طيارا من الجيش المصري في قاعدة عسكرية بوسط سوريا. كذبت القاهرة رسميا هذا الخبر، ولم تكذبه دمشق.

التحرر من الهيمنة الاقتصادية السعودية

تأتي هذه التطورات في سياق توترات حادة بين مصر والسعودية كانت قد ظهرت منذ مساندة القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول لقرار روسي بشأن سوريا في الأمم المتحدة. وتسبب الموقف المصري في تدهور ملحوظ للعلاقات المميزة بين القوتين الإقليميتين إلى حد أن المملكة السعودية ردت بوقف مد القاهرة بالمنتجات النفطية.

تسعى السلطة المصرية التي تدعمها السعودية ماليا منذ أن عزل الجيش المصري في يوليو/تموز 2013 الرئيس الإسلامي محمد مرسي، إلى التحرر من هذه السيطرة الاقتصادية عبر التقرب من روسيا.

في نفس الوقت، تسعى موسكو من جهتها إلى بسط تأثيرها في الشرق الأوسط مستفيدة من الفتور التدريجي في العلاقات بين القوى الكبرى للمنطقة والبلدان الغربية. فكانت روسيا أول من أعلنت دعمها للسلطة المصرية الجديدة بعد عزل الجيش لمرسي، في حين نأى الحليف الأمريكي التاريخي بنفسه عن العسكريين المصريين مع ابتعاد اهتمامات إدارة أوباما عن المنطقة.

وفي انتظار عائدات اقتصادية، اتخذ هذا التقارب في المجال العسكري شكل تدريبات مشتركة بين الجيشين وتسليم معدات عسكرية للقاهرة. والدعم الروسي سند أساسي للسلطة المصرية التي تواجه التهديد الإرهابي في سيناء إضافة إلى الوضع الأمني الفوضوي لجارتها ليبيا.

بعد بوتين.. ترامب

ينوي الرئيس المصري البراغماتي أيضا الاستفادة من التداعيات الدولية لانتخاب دونالد ترامب  رئيسا للولايات المتحدة. ويعرف عن ترامب إعجابه بفلاديمير بوتين فهو أيضا مناصر للموقف الصارم تجاه الحركات المتطرفة.

والمجال أمام الرئيس المصري متاح لتوقع فوائد من تغير الإدارة في واشنطن، بعد أن تمكن في امتياز نادر من التحدث إلى ترامب في 19 سبتمبر/أيلول بنيويورك قبل انتخابه رئيسا.

وفي بيان نشره المكتب الإعلامي للملياردير الأمريكي إثر هذه المقابلة، وصف الرئيس المصري بـ “مثال عن الحليف المثالي” في إطار مكافحة “الإرهاب والتطرف الإسلامي”. وأكد دونالد ترامب أنه في حال انتخب رئيسا ستكون “الولايات المتحدة صديقا وفيا لكن أيضا حليفا يمكن لمصر أن تعول عليه في الأيام والسنوات المقبلة”. ووعد ترامب السيسي حتى بزيارة مصر رسميا وبدعوته بدوره إلى واشنطن، ما يفتح آفاقا جديدة أمام سلطة المرشال السابق.
المصدر : فرانس 24

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!