بطاقة تعريفية بكتاب “للأشياء أسماء أخرى” للأديبة روند كفارنة”

لصحيفة آفاق حرة

 

بطاقة تعريفية بكتاب “للأشياء أسماء أخرى”

للأديبة روند كفارنة”

 

المحرر الثقافي- الروائي محمد فتحي المقداد

 

صدر حديثاً كتاب “للأشياء أسماء أخرى” للأديبة “روند كفارنة“، صفة هذا الكتاب أنه تعبير نثري أدبي ما بين الخواطر والقصة القصيرة.

حاولت الأديبة “روند الكفارنة” بذائقتها الأدبية أن تبني لنفسها مدينة صغيرة تتفيأ ظلالها، لتسطيع الجلوس فيها بحُريّة، وتستطيع التفكير بنا يروق لها، وأن ترسم شوارعها، ومن ثمّ تتمكن من قراءة نفوس سُكانها، لتخبرهم أيضًا: أن الأشياء ليست محصورة بتحجيم طموحاتها كامرأة. طموحها أن تكتب لتحيا وتتعايش مع واقع، تمزج بتآلف بين الألم ولذّة الكتابة، لتوائم بين دفق مشاعرها بعقلانيّة تتماهى مع  شخصيّات قصصها، هي تتجاوز الزمان والمكان ليندثر أثرهما في كثير من نصوصها، رغم أنهما عنصران أساسيّان لأي نصّ قصصي، وبذلك يكون النصّ مزيجًا ما بين القصّ والخاطر. كل ذلك جاء من لغة سهلة سلسة، تغوص في أعماق فكريّة، تتمحور حول المرأة ككيان اجتماعي يمثل ثنائية قطبي الحياة والوحود.

وبالتوقف بداية لاستجلاء أمر العنوان “للأشياء أسماء أخرى“، لتلفت انتباه القارئ بأن لكلّ شيء اسم ظاهر، وهناك أيضًا اسم غير معلن، وهذا الأمر  يسوق إلى قضية التأويل والتفسير ما بين الظاهر والباطن، ولا يكون هذا الأمر إلّا في احتماليّة التأويل لأكثر من وجه، وهنا تذهب بالقارئ إلى الزاوية الأخرى غير المضاءة، وهي ما لم يتمكّن أي شخص من رؤيتها حتى يستطيع تفسيرها.

بالفعل أن للأشياء أسماء أخرى، وما الضير إذا استخدمت، وسُوّقت على محمل من التجديد الأدبي، وفي طرائق التعاطي الرشيق مع مفردات اللغة بتدويراتها اللا متناهية من توليدات للمعاني بالتقديم والتأخير.

وبتتبع العنوانات المفهرسة في آخر الكتاب، نتوقف عند بعضها: (أحمر شفاه- امرأة على حدود حلم- حتى تحب- خبز الحب- ندم ويضع بتلات – اعتراف- أحلام مترفة)، وبنظرة أولية تتحدّد معالم هذه النصوص بدلالات العناوين هذه؛ لنذهب أنها نصوص اجتماعية، بأبعادها ذات التداخلات ما بين رجل وامرأة، وحب وكراهية، وعواطف وأشواق.

كما أن طائفة أخرى أخذت طابعا أفصحت عن طبيعة زمكانيّة ما ربّما لم تُعرفا على وجه الخصوص، لكن دلالة العناوين المضمرة أشارت إليه: (شجرة الليمون-  حب في الثمانين – قصة حقيقية- مجرد حقل ألغام- سفر- حاكم جلاد – عودة الموتى- في مجمع السفريات- ذات مطر). وفي هذه العجالة تتبين طبيعة ما ذهبنا إليه في حقل الدلالات المضمرة للعناوين، وهو خلاف اعتراف الأديبة “روند كفارنة” بأنها تجاوزت الزمان والمكان، ولكن نصوصها أبت عليها ذلك.

وفي طريق آخر نذهب لتذوق بعضًا من جماليات نصوص الكتاب:

  • هـي مـن تحملُ على عاتقها كلّ الذنـوب الـتي تفكـر بهـا النساء ليلًا، تتسللّ بخفّة تحت أرديتهن الخفيفة التي تكشـف أكثر مما تستر، وعـن جدائـل شـعرهن البكـر التي لم يمسـد عليهـا رجـل أحبها بجنـون“.
  • تخبرنـي: أنّ الرغبـة الـتي تغلفهـا النساء بضحكات مجنونة لا تأسرها، وأنّ القُبلة التي تتمنّى أن تكون بشغف لا تأتي بقطار الخـوف“.
  • إن انسكاب روحها في جسد رجـل آخـر هـي آخـر الأمنيات. كيف سأعود الى المدينـة، وأخبرهـنّ: أنّ المـرأة الـتي كُلفـتْ بقتلهـا، هـي مـن تحمـل المدينـة في إصبعين، وتنير الطريق لبقيةّ النساء“.
  • قبل أوّل فاصلة وضعت لغربة الروح، كان حينها البطل المنهك الذي خلقتُه في قصّتي يخبرُ نساءه: أنه لم يعد يرغب بجنسهنّ، وأنّ المرأة الوحيدة التي أحبها غدت من الماضي“. ص٢١١.
  • يسألني هذا الرجل الساكن في شراييني: كيف أعلم أنك تلك المنشودة؟.

أجبته: كما نحتاج التجارب لنتعلم، بعض الأحيان نحتاج كثيرا من الإعادة، أنا مثلاً لدي علاقة مفاتيح بها الكثير من المفاتيح، حين آتي مكتبي صباحاً، أجرّبُ المفاتيح كلّها كلّ مرةّ. حتّى أصل إلى المفتاح المنشود”. ص١٩٩

والكتاب مليء بعبارات فخمة بنسجها القوي والمتين، والذي يتلاءم مع طبيعة جميع نصوصه. والقارئ   المتذوق لا يمل من تتبّع كافة النصوص لاستجلاء جماليتها.

 

عمان – الأردن

ـــــــــا ١٥/ ١٠/ ٢٠٢١

 

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!