عدسة الفنان الشاب سامح درويش تعيد الحياة للمركز الثقافي المصري في باريس

باريس – آفاق حرة – خاص

افتتحت المستشارة الثقافية في السفارة المصرية د. غادة عبد الباري  مساء  امس 27/11/2017  في المركز الثقافي المصري في العاصمة الفرنسية  باريس

معرضا فنيا للفنان سامح درويش يعيد  تشكيل المكان بكل ما يحمله من ألق، بعدما توقف لفترة  طويلة بسبب تعرضه لهجمات من بعض شباب جماعة الاخوان المقيمين في فرنسا.

وحضر  حفل  الافتتاح طاهر بومدرا الخبير في الأمم المتحدة ورئيس منتدى باريس للسلام والتنمية  جمال العواضي ،كما  حضر الحفل لكاتب والشاعر محمد الألمعي.  كما  حضر   عدد  من  اصدقاء  الفنان  واساتذته  في  الجامعة .  ونستطيع  ان  نؤكد  اليوم أن المركز  لم يستعد فقط طلاء جدرانه وترميم ما خلفته تلك الأحداث، بل يعلن عن معاودة نشاطه بحضور عدد كبير من الشباب الفرنسي الذي حضر افتتاح المعرض الذي يحتوي على أكثر من عشرين صورة لمصور شاب تمكن من أن تعكس عدسته رؤيته لأجمل ما يجري في شرايين غالبية المصريين من صمود أمام صعوبات الحياة، فجاءت المجموعة تحمل عنوان “المنسيون في القاهرة”.

هؤلاء البسطاء الذين يعملون على مدى اليوم لجمع ما يكفي لقوت يومهم وما يعينهم على الحياة، لكنهم على الرغم من ذلك يتمتعون بتلك الابتسامة المتعبة التي تعبر عن رغبتهم في العيش والتطلع إلى غد خاص بأحلامهم.

ربما هذا هو ما جعل الحضور يجمعون على أن هذه اللقطات قد مست القلوب، وجعلتهم يقتربون كثيرا من إيقاع الحياة المصرية، من خلال رصد لبعض المهن التي يبتكرها الكثير من المصريين كي يجبرون الحياة على أن تسير.

عن هذه الصور قال أحد شباب الفلاسفة الفرنسيين، في كلمة له تصدرت المعرض، قد رأيت الكثير من الفاكهة والخبر وامتلأت الصور بالألوان، لكنها جعلتني أتذكر أن عرق وتعب البسطاء يحيط بنا من كل جانب في حياتنا، وأننا نتعامل معهم بشكل يومي، إلا أن صخب الحياة وسرع إيقاعها قد جعلنا لا نتنبه لوجودهم، وكأنهم تحولوا إلى جزء من تفاصيل الصورة الحياتية التي لم نعد نراها، لأن كل تركيزنا موجه نحو التفاصيل الكبرى فقط.

من اللافت في النظر في هذا المعرض أن الجميع قد توقفوا أمام صورة بعينها لرجل مصري يفترش الطريق من شدة الفقر، لكنه يحيط نفسه بمجموعة من الورود، ويضع ثلاث أوراق خلفه على الحائط، مكتوب عليها بخط يديه (حياة بلا حب كروح بلا جسد) و(سلاما على مصر مسلمين وأقباط) و(عاشت مصر بلد الحضارة)، وهو ما دفع بعض الحاضرين للقول بأننا يجب أن نتعلم الكثير من هذه اللقطة فنحن أمام إرادة إنسانية جعلتنا نقف أمام أنفسنا، لنقارن بين قدرتنا وقدرته على حب الحياة والإيمان بالأوطان.

سيظل لهذا المعرض خصوصيته لفترة طويلة في الأذهان بما أثاره منذ اليوم الأول لافتتاحه من نجاح، فيما تمكن المصور المصري الفرنسي سامح درويش، نهائي ماجستير في القانون الدولي، من خلال لقطاته على يشيد جسرا حقيقيا للثقافتين الفرنسية والمصرية، بحيث لم تأت الصور لتعكس صورة للفقر أو هزيمة السنوات لنفوس البسطاء، بل لتترجم أجمل ما يحمله هؤلاء من قدرة على العيش والبقاء ومواجهة قسوة الأيام والأحداث، فواقع الأمر أن الإرهاب في مصر لا يقتل سوى هؤلاء الذين يقاومون بأدواتهم الحياتية شديدة الخصوصية.

لم تكن اللقطات الحساسة وحدها النجم الأوحد في هذا المعرض، أو حضور عدد من النخب الثقافية والباحثين من العديد من البلدان العربية، بل كانت هناك أيضا الابتسامة الرائعة التي استقبلت الجميع المرتسمة على وجه المستشارة الثقافية بالسفارة المصرية، غادة عبد الباري، والتي كانت تعكس سعادة حقيقية باستعادة المركز لحيويته وحضوره وقدرته على الجذب وعودته لمنبر تواصل بين الأجيال من جهة وبين مصر وفرنسا من جهة أخرى، كما عكست نفس اشراقة الابتسامة، قدر هائل من الإيمان بأهمية الشباب المصري المبدع المقيم خارج بلاده، وبأن المسافات من المستحيل أن تفصل بين احتضان الأوطان لأبنائها أينما كانوا.
جدير بالذكر ان  هذا  المعرض  يستمر  حتى التاسع  من كانون اول  القادم .

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!