fbt

محمد زعل السلوم أيقونة سورية/ بقلم الروائي محمد فتحي المقداد

لصحيفة آفاق حرة:

المحرر الثقافي

_____________

محمد زعل السلوم أيقونة سورية

(13) مجموعة شعرية وروايةخلال شهر

 

بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

 

*صورة الأيقونة ( الأديب محمد زعل السلوم)

 

عندما كلفني صديقي الشاعر والروائي محمد زعل السلوم بأعماله الشعرية وروايته “مشرد البوسفور” كنت أعتقد بأنه سيطبع عمل واحد لكنه فاجأني بمخزونه المعرفي، وقراره الجريء بطباعة معظم أعماله الشعرية التي لم يكن  ليتسنى له طباعتها من قبل بل بقيت طي الأدراج، وبالفعل عملنا معاً ولساعات طويلة على إعادة تنسيق ومراجعة الأعمال، وقد أحسن إذ فطن لأهمية الاحتفاظ بما كان يكتب؛ فقام بجمعها من جديد بملفات إلكترونية، وذلك منذ كتاباته النثرية الأولى عام 2003 في عمليْه الشعريين “ألفية بغداد” وألفية الجنون” ثم “النبش والهذيان”، وكان له مجموعة شعرية ضائعة كتبها عام “2004”، ولم يطبعها في حينه. طبع ديوانه “الريم والحب” الذي كتبه عام 2005 ليصبح عند الطباعة تحت اسم “أوبوا” عام 2014 لدار بعل بدمشق.

لكن مغامرته الكبرى بطباعة خلال أقل من شهر نهاية عام 2020-2021 من أعماله التي لم يطبعها من قبل مثل “ألفية بغداد”، و”هافامال” و”إكليل الغرباء”، و”هانا واساكو”، و”تغريدات الليل والوجد” و”الخوارج على الحب” ورائعته “نثريات حالمة” وغيرها إنما تعبر عن كل مرحلة وتاريخ حل على سورية ومحيطها منذ عام 2003 إلى عام 2021.

كانت القصيدة النثرية الزمنية عند الشاعر محمد زعل السلوم قد عبرت ليس عن حالة زمنية فحسب بل ما هو متوقع، وما سيحل فيما بعد، تلونت قصائده بين الأبيض والوردي والرمادي والأسود.

وكافة كتاباته عبرت عن غيرة على وطن ضائع وشعوب ضائعة وأنظمة تتساقط وتتهاوى فتتساقط وتتهاوى. وهو ما يميز كتاباته في عمقها وسرياليتها وتركيبيتها وانزياحاتها؛ فتارة تتحول لأمواج عاتية وغضب طبيعة أو ثورة كما في هانماي الياسمين حين يقوم بتوأمة كوارث اليابان عام 2011 وكارثة سورية.

ربما يدخل أدبه أحياناً فيما يمكننا تسميته أدب الكوارث العربية عموماً والسورية خصوصاً.

فمنذ سقوط بغداد وغزوها عام 2033 وهو يرى “أبوابنا الرثة” ومأساة “الكرسي” العربي وفضيحة الدكتاتوريات بأنها مجرد أوراق مهترئة مر عليها غبار الزمن وباتت بلا قيمة ولا هدف ولا حتى مشروع فهي مهترئة منذ سقوط القومية العربية وتحرير الجولان وفلسطين، ونهاية المدارس القومية العربية الثلاث المتطرفة من بعثية وصدامية وقبلهما وخلالهما الناصرية، لتغيب عواصم الفكر والقرار العربي شيئاً فشيئاً من القاهرة فبغداد ودمشق.

هذه المآسي فسرها شاعرنا محمد زعل السلوم بنهاية الصدامية وبوابة العرب الشرقية منذ عام 2003 ورغم محاولته عبر كولاجه اللغوي في ألفية الجنون بأنه قبيل غزو بغداد. هل يمكن لصوت الانسانية أن ينتصر. بالطبع مثل هذين العملين إضافة للنبش والهذيان منع اتحاد الكتاب العرب نشرهم بحجة اللغة في حين سمح بطباعة “الحب والتكوين” و”أوبوا” وتلك الرقابة اللعينة التي تعيشها أقطار العرب. لكن شاعرنا وجد الفرصة أخيرا لولادة أعماله الممنوعة وغيرها دفعة واحدة وعبر دار “شرفات” في تركية وصولاً لديوان “مادالا-أيتام محمد” في رمزية اللاجئين السوريين فيما بعد الكارثة السورية. في الحقيقة يصعب علي الحديث عن 13 ديوان شعر، ورواية ذاتوية قصيرة رائعة هي “مشرد البوسفور”.

في هذه العجالة لمقال مختصر. كان الشاعر عاشقاً على الدوام للمرأة وكان للمرأة وجودها فتارة هي “هانامي الياسمين” وتارة هي الأمل عبر “هانا واساكو” وتارة هي دمشق في “وتبقى دمشق” وتارة هي أسطورة الحكمة الاسكندنافية “هافامال” وتارة الغزالة والاستثنائية والوطن. فموضوع المرأة في قصيدته ونثريته وصلت لقمتها في “الخوارج على الحب” حين قرر التصوف عن الحب والتمرد عليه إلى ما لانهاية. لكنه يعود للحب مرغما في نثريته الجميلة “تغريدات الليل والوجد” ويصبح لون قصيدته حمراء دموية في “إكليل الغرباء وكأنه الماتادور في مصارعته مع ثيران الحياة وربما هذا الثور هو الحب. تعددت مواضيع محمد زعل السلوم في طروحاته ورغم تنوع موضوعاته وزمنيتها إلا أنها تناسب مختلف التواريخ بلا منازع, فكينونة الروح الانسانية رغم بساطة كلماته وعبثيتها وإصراره على لغة الحياة اليومية، إلا أنه يوصل رسالته في النهاية، ففي ديوانه “عُرمة قمح” يعبر أو بالأحرى يتبنى فلسفة أوشو فعندما تقرأ قصيدته في الصباح ستجدها مختلفة في المساء وفي اليوم التالي والذي يليه، وكأنك تقرأها في كل مرة بطريقة مختلفة حسب شعورك من فرح أو حزن ومن وجع أو نشوة وهنا تكمن مهنية الشاعر الخام المختلف والمميز، العميق والمعبر وهذه حالة نادر في الشعر لا تشبه إلا كاتبها.

عمان – الأردن

6/ 8/ 2021

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!