نذهب معاً/ بقلم الدكتورة إيمان الصالح العمري

من قال أن الحزن يسقط أو يخبو بالتقادم؟ من قال ذلك واهم.. تسع عجاف وعمق الجرح يتجذر بالقلب حتى نما كسنديانة عظيمة.. جذور الحزن تخرج من عيني وسمعي وكل حواسي عيني التي ما أقفلت جفنها الا على محياك وما فتحت جفنها الا على ضحكة من عينيك هناك حيث تجلسين على “المكواع” بجانب فارسك وشيخك أبو محمد.. لكم تباهيت بأن زوجك شيخ العشيرة “ابو محمد” ذو الهيبة والكرم والوجه الصبوح.. تعدين له دلال القهوة بماء المطر الصافي والهيل الفاخر ثم تصرين على ان توصليها بيدك للشيخ الذي تعشقين وتصبين فنجان الأولة تحتسيها انت قبله ذاك لأنني يوم سألتك.. سألتك لما تشربينها قبل ابي يا أمي فتبتسمين وتجيبيني من عادة الشيوخ ان يذوقوا القهوة هم اولاً يمه
ثم تصبين له ماء الحياة.. يرتشف ثم بعد قليل قد يناولني قصاصة صغيرة قد ارجز عليها بيتأ او بيتين من الشعر بأم محمد.. ولكم كان يصنع هذا
كيف استطعت ان تملكي قلب شاعر وفارس كل سنين عمره.. يراك انت المرأةالتي تستحق.. لله درك!

وسمعي الذي كان يشنف لسماع دندنتك وانت تغنين كل المواويل بصوتك الشجي حتى تسلين نفسك في انجاز أعمال البيت التي تنوء بها عصبة من النساء.. وهل أنسى حفظك لجزء عم وحرصك على تلاوته صبحاً ومساء.. ثم تتحدينا بسورة البينة التي يصعب على الكثيرين حفظها
وأبي أبي الذي يحفظ كتاب الله..كم كان سعيداً بحفظك لسورة البينة أي حزن ذاك الذي سيخبو يا أمي.. ونحن عشرة من أبنائك.. تشعرين كل واحد فينا أنك الأغلى والأعلى مكانة.. أنك انت صفي القلب والروح.. أي حزن سيخبو بقلبي يا امي.. وهاتفي لا يرن ولا يحن الا لصوتك.. على موعد وصولي الى البيت او قبل دقائق.. أول كلمة.. يا ميمتي لا تردي علي وانت تسوقي.. يا ميمتي بس اطمن انك بخير.. 

عهد مضى يا أمي ولم يتفقدني احد وانا عائدة من وحشة الدنيا.. زمن ولم يتصل بي احد ليدعو لي ولزوجي ولأولادي كل باسمه وبأحب اسمائه.. أي تفاصيل تلك التي تحفظينها عنا وعن ابنائنا..كل على حده تحدثيه وتحننيه حتى اذا ما تعب او مرض احدنا كل العائلة تدري وتلتم بنفس اليوم ..على اي بوصلة كنت تتوجهين.. أن عملك يا أمي كان اشبه بنوع من انواع البطولة الخارقة والمؤلمة.. ونحن اذ نتنفسك في ذاكرة عطرة فاخرة
يستذكرك أيضا كل من عرفك.. غيمة مرت في اتئاد.. ملأت كل من تكحل بوجهك ارتياحا وافصاحا عن معنى الحب.. واذكر واؤمن انك منحتينا من فيض الحب ما نفيض به على كل الوجود..

 ومنحتينا من اليقين ما يجعلني اكتب لك وانت تسكنين وابي عند مليك مقتدر.. وجعلتيني أحب الدنيا كما أحب الآخرة.. وقرأتي على قلبي من مصحف الله ما يجعلني اتوق للقائك في جنة الحق.. ولكني ساطلب من ربي ان يحقق لي في دنياي ما تقت اليه وأحرقني شوقاً.. كأن ارن الهاتف ولا اسمع صوتك  “بأهلين يمه ” كأن يزهر اللوز ولا تتصلين ان تعالي واقراي على ربيع كفركيفيا السلام كأن يأتي يوم الجمعة ولا أميزه الآن عن يوم الأحد كأن نجتمع واخوتي حول المدفأة ثم نسخن الخبز ونلتهم مع الزيت والزعتر طعم الحياة.. كأن نجلس في آخر الليل ونذكر نوادر ما صنعنا ونضحك, نضحك حتى تدمع اعيننا كأن تعودين وابي لو يوماً واحداً  تكسون قلوبنا بالأخضر,ثم نذهب الى الله معا!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!