يحدث في بلاد العيب/ بقلم : نائلة ديب

قالتْ جدّتي بأنَّ عليَّ أنْ اتقنَ مَداعبةَ أخي الصغيرْ
كي تستطيعَ أمي إكمالَ أعمالِ التَّطْريزْ ..
تحْتَ ظلِّ داليةِ العِنب
التي لا يجرؤ احدًا على سرقةِ اوراقِها او حتى مشاهدةِ قطوفِها التي أتقنَ جدي اخفاءَها باكياسِ القماشِ خوفًا مِنَ الحسدْ
كنت أرقبُ نافذةَ الجيرانِ
لاشاهدَ قِطَّتَهم وهي تداعبُ كرةَ الصوفِ
فتعلو قهقهاتي لتُفاجِئَني جدتي بصفعةٍ تجْثمُ على خَدّي الرقيقِ لتعلن باصرارٍ بأنَّ عليّ ان لا أُسمِعَ أحدًا تلكَ القهقهاتْ
وأنّ لا سبيل لاي طفلةٍ
ـ عفوا فتاةٍ ـ
إلى الزواجِ إنْ سُمِعَتْ قهقهاتُها
في عاداتِنا وتقاليدِنا التي تشتكي الإعاقةَ الدائِمَةْ
على الانثى أن تتقنَ كَتْمَ انفاسِها
والا فسيكونُ عقابُها لاذِعًا
وهو والعياذُ بالله..العنوسة….
ولأننا في مجتمعٍ يتقنُ قمعَ تعاليمِ الحياة ودستورَ الانسانيةْ
فلمْ يَكُنْ لي خيارٌ …إلا أنْ أُنْصِتَ لنَصائِحِ العجوزِ الشَّمْطاءْ أقصدُ ـ جدتي الاكثرُ حنانًا من امي والاكثرُ خذلانًا مني ـ
فقد اعتدْتُ أنْ أسْرقَ ضحكاتي وأخْفيها بعيدًا
حتى لا يجدها احد ما فأوشمُ انا بعارِ الفرَحْ
والآن وبعد ان نَفَذَت كرةُ الصّوفِ
واستطاعتْ امي أن تُكملَ غزلَ الشّالِ الذي سأرتديهِ حين يُعاني كتفي “الروماتزم” من انحناءاتِ الزمنْ
ها انا وعكازي نجوبُ فِناءَ بيتِنا القديم
وما زلتُ ابحثُ عن قهقهاتٍ مسروقةْ
وأظنني سأُدفنُ بجانبها كما جَدَّتي

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!