متلازماتي(1) بقلم الروائي محمد فتحي المقداد

لصحيفة آفاق حرة:
…………………….

مُتلازماتي (1)

بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد

لكي لا يذهب ذهن القارئ إلى لزوميّات أبي العلاء المعريّ؛ لم يخطر ببالي يومًا إصابتي بأيّ اضطراب سلوكيّ، مردّه إلى أيّ من المتلازمات، أذكرُ عبارات كثيرًا ما كانت تتردّد في ذيل كلّ ورقة رسميّة.
عند تجديد شهادة مهنتي في الحلاقة، أو أيّة معاملة أخرى، تتربّع في أسفل نموذج كلّ طلب عبارة: (الخلود لنضالنا النقابيّ)، (الخلود لنضالنا الطلابيّ)، (الخلود لنضالنا الفلاحيّ)، (الخلود لشهدائنا)، (الخلود لرسالتنا)، ذهب كلّ شيء ولم يبق إلّا ما أصابني من مُتلازمات.. عجز الأطباء على فَهْم حالتي المُستعصية في كلّ ما تعلّموا في تخصّصاتهم. لم تبق مُتلازمة من مُتلازمات الدّنيا إلا دخلتني، اعتبارًا من متلازمة (داون) واضطراباتها عندما تغيّر شكلي الخارجيّ بعد فترة حظر (كوروني) طويلة نسبيًا، تغيرات النمو والملامح الجسدية يبدو أنّها الاستعدادت الوراثيّة الكامنة في دواخلي، ونسياني لها.
فترة الحظر أتاحت لي الكثير من الكسل والنوم لساعات طويلة كنت أشتاقها وأتمنّاها، تتوارد الذكريات بسلالاتها الطويلة المُتواصلة بلا انقطاع. من جديد فكرة الخلود. الشّعار الذي حفظته كما حفظت اسمي والذي لا أملك تغييره أبدًا. أيقنتُ بعد فَوات الأوان أنّني بلعتُ الطُّعم الواهم بهلاميّته الكاذبة، خاصّة عندما استمعتُ على اليوتيوب (لحن الخلود – فريد الأطرش)، مازال لحن فريد حيًّا مُحرّكًا مُتحرّكًا في ذاكرة الفنون ومُستمعيها. بينما أسطوانة الخلود التي كنتُ مُجبرًا على حفظها هي ما سبّبت لي أيضًا مُتلازمة (توريت) وكانت اضطراباتي بادية من خلال حركات يمكن ملاحظتها من أيّ شخص أقابله من خلال تكراريّتها على غير إرادة منّي، مع ترميش جفنيّ واهتزاز كتفيّ، وصرير أسناني تحتكّ ببعضها.
والله أعلم مردّ مُتلازمتي مع توريت لأيّامي في بطن أمّي أثناء حملها بي، عندما سمعتُ حديثها ما صديقاتها وجارتها في جلسة وديّة اعتياديّة، قالت إحداهنّ همسًا في أذن أمّي: (خفّضي صوتك الحيطان لها أذان).

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!