محراب كورونا /الأديبة المصرية عبير أحمد

لصحيفة آفاق حرة:
________________

محراب كورونا

بقلم عبير أحمد/مصر

وقفنا الآن أمام مشهد جلل ربما لاتمهلنا الأقدار أن نعاصره مرتين، مشهد أجبر الجميع أن يقفوا أمام المرآة لمحاسبة أنفسهم بدون مواربة.
محاسبة ا متدت أصابعها كالمشانق إلى سياسات وأوطان وأنظمة وأديان .
مشهد لأول مرة كنا فيه الجلاد والضحية .
مشهد جعلنا نكتب عقابنا طواعية على جدران منازلنا كالسجناء فالذي يكتب هنا على جدار القصر يكتب هناك على جدار البيت المعمور وعلى جدار الوطن الخرب . لأول مرة تشابهت الأقدار والمصائر بين سليل الأخضر والقفر. بين أصحاب العمائم والقبعات .
مشهد جاء لينبش فى القبور وأيضا لينبش فى عقول الأحياء ليعيدوا صياغة الفكر الإنساني من جديد ثم ليقدم جزء من البشرية كقرابين .
قربان لعصر الجهل وعصر الردة والسفسطة . مشهد جلل تحمل فيه النفوس على الأكتاف وتحمل الأقدام على الرؤوس !
مشهد سرق النوم من الأجفان ليحل محله كابوس يلح دوما بالسؤال لماذا شاخت الأوطان ؟
وكيف يسيل الدماء هناك وهنا نشرب نخب الأوطان ! وكيف يموت الصبى وتموت نخوة الرجال وكيف ؟ وكيف؟……؟.
مشهد جلل جاء ليقدم صحكا موحدا للبشرية هو صك الإنسانية بلا جدال .
فلا باع للدينار ولا الدولار.
مشهد جاء ليحركنا كأوراق الخريف تسقط أعمارا وتتبدل أعمارا .
فلا يهم أن نموت فالموت لا مخبأ منه ولا فرار الأهم لا تتوارى الرسالة تحت التراب حتى لا نحتاج الغراب من جديد ليعلمنا إياها من جديد فلتتوارى الأجساد إلى المستقر الأخير وتبقى الرسالة على قيد الحياة لتقرأها الأحفاد وأحفاد الأحفاد احتمال قد آن وقت خروجنا من البركة الضحلة للقرود الفرز الثانى للإنسان والأهم من هذا وذاك أن تموت وأنت إنسان .

…..
القاهرة

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!