أيَا أنت!/ بقلم:أنوار جرامشة (إربد)

نُجومُ السَماءِ تَتلألأ ُ ها هنا ، في سماءٍ يغطيها الرمادُ

القمرُ يختبئُ بين ثنايا غُيومه ، والنجومُ تُشعُ ذلك النورَ، الرياحُ ساكنةً ، وكأنَّها تنتظرُ من يحركُها ويعيدُها لمجراها.

انتصفَ الليلُ ودقتِ الساعةُ.

هدوءٌ عارمٌ يقتحمُ المكانَ ، لا أُجيدُ سماعَ شيءٍ غيرَ أفكاري وتذبذبِ صوتِ مكيفِ التبريدِ ، لا أعلمُ ما سببُ الظُلمةِ مع أنَّ النورَ مُشتعلٌ.

هل هذه ظلمتي الداخليةِ؟

هل هذا نتاجُ أفكاري؟ الدخانُ يتصاعدُ من رأسي ، يعلو شيئاً فشيئاً وصَنَعَ الغيمةَ تلوَ الغيمةِ.

وها أنا هنا ، بين أربعةِ جدرانٍ ،أتكئُ على الجدارِ الذي يحوي النافذةَ ، جالسةً أنتظرُ .!

من أنتظرُ؟ ولمَ أنتظرُ ؟

هل أنتظرُ الصعودَ فوقَ غيمةِ الدخانِ تلك لتأخذَني إليكَ؟ أم أنتظرُكَ أن تأتي وتخمدَ حريقَ رأسي!  بل قلبي !  لا إنَّها روحي ..

هل أنتظرُ رسالةً منكَ ؟ أم أنتظرُك حتى تردَ على رسائلي ، التي تنهمرُ في “صندوقِ السعادةِ ” الخاصِّ بنا ، أو أعتقدُ الخاصَّ بي فقط ، فأنتَ هناكَ لستَ مدركاً لأيِّ شيءٍ  مما يحصلُ هُنا.

أنتَ ! أنتَ ! أنتَ … رباهُ ليسَ لي حديثٌ إلَّا عنكَ !

أهربُ من أفكارِي التي يسودُها كُلُّ الضبابِ لأنَّها عنكَ ، وأهمُّ للكتابةِ ، فأجدُني أكتبُك! تفاصيلُك! حديثُك! اشتياقِي لكَ ..

أتركُ الورقةَ والقلمَ ، لعلِّي توقفتُ عن تَجَرُّعِكَ

فأذهبُ لأتأملَ القمرَ ، فأجدُني قد رسمتُ مُحياكَ في خيالي وهامَ بك كيانِي، فكيف لا ، وأنتَ الذي غارَ الجمالُ من حُسنِك، وتغنَّى قلبي في وصفِك  ، وأنتَ الذي أنارَ عتمتِي ، وسكَّن ألمي ،وأزهرَ الوردَ والودَّ في عُمُري، لا لا سأتوقفُ عن الانشغالِ بك،وعن حديثِي للنجومِ عنكَ ، فأنتَ لستَ مدركاً كم أنا ها هنا أنتظرُكَ،

ألا ليتَ بنا أن نُسرعَ الزمنَ قليلاً، فالدقيقةُ في غيابِكَ تمرُ سنواتٍ وسنواتٍ! وفي حضورِك تَمرُّ وكأنَّها لحظاتٌ وضحكاتٌ.

وآآهٍ من لحظاتٍ تحتضنُ صوتَك وحديثَك ، أتمنى أن يقفَ الزمنُ وأنا بحضرتِك ، مقلتاي تتأملانِ مقلتيك ، ففؤادي  الآن يخفقُ من شدّةِ التحرقِ لرؤياكَ . واحتضانِ عينيكَ قبلَ يديك.

ولكن أنتَ لا تسمعُ ندائي الخفيَّ لكَ لذلكَ سأعودُ أتوقفُ للمرةِ المئةِ بعدَ الألفِ عن الانشغالِ بكَ وأعودُ للترنُّمِ في هدوءِ الليلِ ، في نورِ الظلامِ الدامسِ،في قلبِ الفضاءِ الواسعِ ، فلن أفسدَ لذَّةَ نسيمِ الفجرِ وتفاصيلِه التي كالسِّحرِ ، بانتظارِكَ ، فأنتَ كالسَّرابِ لن تأتي .

أستطيعُ انتظارَك عُمُراً فوقَ عمري ، ولكن في كلِّ مرةٍ أكونُ على قيدِ الانتظارِ، أنتَ تكونُ على قيدِ الانشغال!

لذلكَ لن أنتظرَكَ حتى تعودَ إليَّ بشكلٍ أسرعَ

فأنا لا أتلهفُ لحروفِكَ التي تُطفئُ نارَ حزني

ولا لضحكاتِك التي تختطفُ مني قلبي  ، ولا لتفاصيلِ يومِك التي أتوقُ إلى معرفتِها بكلِّ شغفٍ .

ها أنا الآن بعد ساعاتٍ وساعات ..

قررتُ وبكلِ حزمٍ وثبات أنني،

سأسلبُ من نفسي الكتابةَ والتفكيرَ والخيالَ والتعبيرَ ، لأنها أصبحت لا تعملُ إلا تحتَ إمرتِك،وكأنَّ القَدرَ سيرُها لتصبحَ مُلكَ يديك، وكأنَّك الضلعُ الذي أُنبِتُ منه، فأنستُ بهذا الثباتِ ، فأنا يا سيدي حُرةٌ ، ولن أبقى مكبلةً بحبالِك، ولن أبقى منتظرةً لسؤالِك.

أطفأتُ الأنوارَ حتى لا أتمكنُ من رؤيتِك في كلِّ الزوايا، أغلقتُ الستارَ حتى لا تحلَّ محلَّ القمرِ، عندَ نظري لسمائِك، أقصدُ لسمائِه.

رفعتُ مكيفَ التبريدِ درجاتٍ حتى يرتفعَ صوتُه ولا يتسنى لي سماعُ أيِّ فكرةٍ تهتفُ باسمِك ، أقفلتُ كتابَ مذكراتِي ، كي لا أكتبُ عنكَ.

وأيضاً ابتعدتُ عن الإنترنتِ حتى لا أرى رسائلَك إذا هتفَ لكَ قلبَك بأن رُدَ عليها !!

دخلتُ فراشي ، أستمتعُ بدفئ غِطائِي ، ورائحةِ عِطرِ منامِي ،ورقةِ سمائي ، وعذوبةِ ألحانِ كماني، ونعومةِ ملمسِ دُمياتِي، فلا أريدُ إفسادَ لحظاتِي بأيِّ واردٍ يخصُكَ ، حتى أستمتعَ بالغرقِ في أحلامِي ،والهروبِ من أوهامِي ، وها أنا الآن سأغفو.. لأستيقظَ مجدداً على صباحٍ خالٍ منك …

«في الحاشيةِ  »

” يا أنتَ ، أنا افتقدُك ، فهلَّا عدتَ ”

” يا أنتَ، هل تعلمُ دائماً أنَّ خياريَ الأزليَّ

هو عمرُ مُرٍ معكَ، ولا عمرُ زهرٍ بغيرِكَ !”

“فكرتُ بكَ للحظاتٍ، واستمرتِ اللحظاتُ طويلاً”

” أنتَ عيوبي والباءُ نونٌ

أنتَ موتي والميمُ قافٌ

وأنتَ جروحِي بغيرِ جيمٍ

وأنتَ سُمِّي والسينُ دالٌ ”

««كَالنُّورِ عَلَىْ قَلبي ما ألطَفَكْ»»

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!