عفوا سيدتي… نحن القرويون بسطاء جداً ، نحب رائحة التراب المبلل ، ونلبس الثياب ذات الماركة الرخيصة ، ونتقاسم الكعكعة الواحدة ، أو السجارة الواحدة أو العلكة الواحدة ونحن نبتسم … لسنا عميقون أيضاً نكتب ما يجول بخاطرنا دون تردد ، ودون مراعاة لعلامات الترقيم ، وندون قصائدنا خلف أقفاص السجارة المنتهية … بسطاء جداً نخبئ ذكرياتنا الجميلة في أفلام التحميض السوداء… ونتطلع إلى العالم وأخباره عبر ذبذبات المذياع … بسطاء ليس لدينا بطائق مصرفية ، ولا نجيد كتابة اسماءنا بغير العربية ، ولا نحتفل بعيد ميلادنا بسطاء جداً نعرف الحاج صالح -الفلاح الخبير بأحوال الزراعة – أكثر من ارسطو وسقراط. ونحفظ الأمثال الشعبية أكثر من أقوال شكسبير وأفلاطون… ونتغنى بالقصائد الريفية أكثر من أغاني فيروز وأم كلثوم … ونعرف مواسم الزراعة أكثر من معرفتنا للأبراج .. بسطاء جدا نهرب من الشتاء إلى الحكايا القديمة في الدار ، نحولق حول موقد ترابي يشتعل بهدوء ، ونحتمي من سطوة البرد بفرو الأغنام … نصحو مبكرا ، وننام مبكرا لا يسهرنا حب ، ولا تختنق بحلقنا قصيدة حتى الصباح.