أمنا الحبيبة / للشاعر سعد عبد الله الغريبي

(بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية)

 

صـوّبتُ أخطـاءً لهُ في نصِّـهِ
في النحوِ والتصريفِ والإملاءِ

فاغتاضَ منِّي وانبرَى متوعِّدا:
باللـهِ كيـفَ تعُدُّ لي أخطـائي؟!

مَنْ أنتَ حتى للصوابِ تدلَّني
وكأنني من ســائرِ الجُهَــلاء؟!

أنسـيتَ أني سيدُ الكلماتِ بل
ملكُ البيانِ ومرشـدُ الحكماء؟!

ومؤدبُّ الصـبيانِ في كتّابهم
ومعلــمُ الكتــَّــــابِ والأدبــاءِ

إني أتيــتُ لهذه الدنيــا وقــد
أُلهِمتُ فـنَّ النثـرِ والإنشــــاءِ

وحفظتُ آياتِ الكتابِ مجوِّدا
ومجــلداتِ الســـــنةِ الغــراءِ

ولسيبويهَ قرأتُ منذُ طفولتي
ولســـائرِ الأدبــاءِ والبلغـــاءِ

وحفظتُ من كلِّ العصورِ قصائدا
لفطاحلِ الرُّجـازِ والشــــعراءِ

واليومَ تأتي عابثا لتقولَ لي:
أخطأتَ في نحـوٍ وفي إملاءِ!

***

فأجبتـهُ عفـوًا معلـمَ جيلـنا
بالغتَ في شـتمي وفي إيذائي

لكنني عفُّ اللسـانِ مهذَّبٌ
ولذا سأصفحُ عن بذيء هجائي

لم أنتقصْ من علمِكمْ أو قدرِكمْ
تأبـى عليّ مروءتــي ووفائــي

فمعلمــيّ أعزهــمْ وأجلُّهــمْ
وأَعُدُّهـمْ في الفضــلِ كالآبــاءِ

لكنهم لم يُعصموا من هفوةٍ
أو غلطـةٍ من جملـة ِالأخطــاءِ

وإنْ ادعى أحدٌ كمالَ علومِهِ
فلأنـَّـــهُ مـن أجهــلِ الجهـــلاءِ

***

يا سيدي لم أنتقدْ لك سـيرةً
بل أنتَ عندي ســيدُ الفضــلاءِ

كلُّ القضــيةِ أننــي متحمــسٌ
للضــادِ رمزِ عروبتي وإبائي

لغةِ العروبةِ من خليجــهمُ إلى
شــــطِّ المحيطِ الأطلسي النائي

شَــرُفتْ بوحيِ الله لمـا أُنزِلتْ
آياتُــــه بحروفـــها الغـــــراءِ

فغدتْ لسانَ المسلمين بها تلَوا
قرآنـَهم في ســـــائرِ الأنحــاءِ

وغدتْ لهمْ لغةَ الحضارةِ مثلما
أضـــحتْ لهم لِتَعَبـُّـدٍ ودُعــاءِ

***

لغتي كأمي إنْ يســئ أحدٌ لهـا
يصــبحْ لديّ كأشرسِ الأعداءِ

مَنْ ذا الذي يرضـى إهانةَ أُمِّهِ
إنْ كان صــاحبَ نخوةٍ وحياءِ

ولقد أســأتَ إلى الحبيبةِ أمِّــنا
شوَّهْتَ حُسْـنَ جبينِها الوضّاءِ

أصبحتَ مِعْوَلَ هدمِها واحسرتي
في حيــنِ خلتُـكَ لِبنــةَ البنَّـاءِ

ولذاك تلقاني غضِـبتُ لأجلِها
وأبنْتُ شيئا منْ صنوفِ عِدائي

ولسوف أمضي في الحياةِ مُجاهِدا
ومُنافــِحا عنـــها ولو بدمــائي

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!