أُمـي لَمْ تَمُتْ/ شعر : الشاعرة اللبنانية هالة حجازي

سقطتُ من رحمِ أمي أبكي
يُكبلُني حُلمي المجدولُ بفاهِ الذهول

اكتشفتُ فخاً بربرياً
سرقَ منْ تلابيبِ الروح فرحتي
ومسَّني بالضراء
أحلاميَ كانت بلسما
فأصبحت سُماً في ثغرِ رقطاء

بالله عليكِ أُمي
أعيدي لي لهفةَ رضعتي الأولى
اسكُبي مع حليبِك جداولَ الفرح
انقذِيني من مآتمِ العزاء
انزعي مني ملامحَ الحزن
وازرعي فيّ ملاحمَ الشجَن
كَوريني في مجرةِ صدركِ
وامنحيني لَذةَ العِناق

تعالي نُصلِّ ركعةَ الالتِحام
في محرابِ الضياء
انتشليني من غياهبِ الحوتْ
وامنحي “نوني” البسمةَ والسراء
مللتُ الظلمَ
مللتُ القهر
مللتُ الافتراء

أُمـي

افـطمِي جوعَ المحبةِ فِيّ صباحَ مَساء
ورتلي على قلبي أذكارَ السلامِ
زَملينـي باحتضانِك
دثرينـي في سحابةِ ماءْ
طوِّقينـي بأضلعٍ تمنحُنـي الأمانَ والحنان

أمـاه ..

يخنقنـي تجرعُ غِيابـكِ
ويؤججُ أتونَ شوقـي فأُجْهِشُ بالدعاء
أُناديـكِ حبيبتي أنْ كوني معـي
فيُذبَحُ الصَّوت على أسوارِ حُنجرتـي
وتَجْرَحُ دَمعَتـي عَينَ السماء

لا .. لا

أمي لم تمتْ
عُذراً أيها القدر
إنها مدفونةٌ في تلابيب أحشائي
تُشيعها دُموعي كل فجر
كل عصرٍ وإذا جنَّ السهر
لم تفارقِ الحياة
رُوحُها مسافرة في وطن أوردتي
كغصَّةِ هَجر

ما زال شذا ألسِنةِ البُن
يعبَقُ بذاكرتي ويخترقُ أنفاسي
كسحابةٍ حُبلى بأشجانِ المطر
حنانُ صوتكِ يحتضنُ آذاني
ويغرقُ في عمقِ ذراتي
أشياؤكِ
صوركِ
تختبئُ بين ضلوعِ الصدر
تُطِلُّ مع كلِ همسةِ قَدر

يأخذني عبقُ الياسمين
الذي كنتُ آُطوقُ بهِ عُنقكِ
إلى عالمٍ من السحر
أقطفُ منهُ حَفنةَ عطر
تُبقيني على قيدِ حُبكِ
بَقية العُمر

هـالة حجازي

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!