تنويعات ٌعلى مقامِ مدينة / شعر : سليمان نحيلي

 

 

1-  قبل الوداع بدمعة

 

حمصُ التي أنجبتني على سندس دروبها ؛

وآختني مع العاصي والأشجارْ..

صُنِّي يا ميماسها من النسيانِ

واحفظي ياحاراتها خطواتي منَ عبثِ الغرباءِ ،

إنَّ ابنكِ المعنّى مطلوبٌ بتهمةِ عشقكِ

سأُودّعُكِ مغلوباً على صبري

ولنْ أصطحب َ معي-كما عادةِ الشّعراءِ -إلّا الدّفاتر َ والأشعارِ…

أُودّعكِ حبيبتي تاركاً روحي لديكِ

فعلّمني ياغيابها ألّا أتّقي عشقها

لأبتكرَ يوماً

قافيةَ الرجوع…

 

2-  دُوَارُ المخيّم

مَنْ أنا الآنَ بعدَ أن استتبَّ بيَ الهربُ صوبَ الجنوبِ؟!

خيامٌ تمضغ الأفقَ حولي في الزعتري

وموصدٌ أمامي بابُ الشّمال

منْ أنا الآنَ ؟!

صار عندي بطاقتان ْ

أنظرُ في بطاقتي الشّخصيّة َ وأقرأُ:

مواطنٌ سوري

أُحدّقُ في الأخرى المسلَّمةِ إليّ على الحدود ِ فتَشْرُق ُ عيني َّعبارةُ:لاجئٍ سوري،

فأصرخُ ..أصرخ ُ ملئ المخيمِ

مَن أنا ..من أنا

ويستبدُّ بيَ الدُّوَار ْ…

 

3-  وجع الشّمال

متمرّغاً بالغيابِ ألوبُ

الخطى إليكِ أصعبُ من المشيِّ على الجمرِ…

وبابُ الشّمالِ أَوصدَهُ الجنودُ

لم يبقَ لي إلّا غيمُ الحنين ِ يأخذني إليكِ..

أنا الذي كنتُ مولعاً من الجهاتِ بالجنوبِ؛

وعندما صرتُ في الجنوبِ

أضحتِ كلُّ الجهاتِ لديَّ الشمال ْ

الشّمالُ ..الشّمالْ

آهٍ ..ياوجعَ الشمال ْ..

*  *  *

في مهبِّكِ يتلعثمُ الحبرُ على شفةِ قلمي

وترتبكُ القصيدة.ُ على جسدِ الورق ِ

أنا يا حبيبة َ حبري أبتكرُ كلّ يومٍ طريقةً جديدةً في عشقكِ

ولاتنتهي معكِ الطرقُ..

تارةً أسيرُ بخيالي في حارتنا

أَتفقّدُ ذكريات ِ الطفولة ِ ،

هناكَ على أحدِ الجدرانِ وعلى ارتفاعٍ يتناسبُ مع طولِ طفلٍ كُتبَ بخطٍّ صمدَ أمامَ تعاقبِ السّنينِ،وأمام الحربِ :

ذكرى الأصدقاء

نعيم  و  سليمان

وليد  و صبحي

شادي  ورضوان

 

انحنيتُ صوبَ الجدار ِ،وأضفتُ كلمة الشّهداءِ

ومحوتُ من الأسماء ِ اسمي

وجلستُ على الأرضِ أبكي…

وتارةً أُهجّي حروفَ اسمكِ

الحاءُ : حنينُ المبعدينَ عنكِ

وحسرةٌ على مَن غابتْ شمسهم ولم يغيبوا..

والميمُ : ملتقى العشّاقِ الطّيبين َ

ومعراجٌ للصاعدينَ إلى السّماءِ بغيرِ حساب…

والصَّادُ : صبوةُ صادٍ كلّما شرب من عاصيكِ ماارتوى

ابنُ زمزمَ في الطُّهرِ والبركات..

هي حمصُ

قمرٌ على شبابيكِ الغائبينَ بلا أملٍ

وبيارةٌ دانيات ٍ قطوفها

ومكّةُ إنْ تنازلتْ عن عرشِِ المدائنِ

فَلَهَا…

فيما أخواتها يُقمنَ لها قُدّاسَ الدّمِ الزّكيِّ

يُشاركنها في النزيفِِ

وأشاركهنَّ في النزيفِ والحنين…

 

4 – متماثلاً للغيم

 

ها أنا

أصطحبني كلَّ ليلةٍ إليكِ

ألقاكِ ساهرةً  تُعدِّينَ ثوبَ زفافكِ من النّهرِ..

تنتظرينَ غيماً يأتي من بعيدٍ

وتفتتحينَ العرسَ بنشيد ٍ حفظتْه ُ الضّفافُ عن ظهر ماء…

( زيدْ باعاصينا زيدْ

كل يوم في عنّا شهيدْ )

حبيبتي :

سأدّعي بأنّي ما حببتُك ِ يوماً

كي لا أتصدّعَ أمامَ غيابك

وكي يبقى الأمل على أُهبةِ الغيمِ

بينا ..تتأجّجُ روحي حنيناً

وعلى ا مَهَلٍ أذوبْ…

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!