رَأب الخافق بذكر الحبيب الصَّادق (بُرْدَة)/ شعر: زياد عمار ( سوريا )

زياد عمَّار

 

أَينْصِفُ الشِّعْرُ ما لَـمْ تَعْـدِلِ الْفِكَـرُ

أم يَرْتَقي النّبضُ إذْ لَـمْ تَرْتَقِ الصّـوَرُ؟!

صَفْوُ الْمَطَالِـع نَحْـوَ الغَـار يَسْبقـها

شَـوقٌ وَتَلْحَـقُـها بالْمَـدْمَـعِ الْعِبَـرُ

دَعَانِـيَ الشّـوقُ فاسْتَسْقَـيتُ أَورِدَتي

ظَمْأى الشّغَافُ وَنَـارُ الحُـبِّ تَسْتَعِـرُ

فَرُحْـتُ أَعْصِـرُ مِن كَفّـي نَدَامَتَـها

لَعَـلَّ مِنْ أَسَفي يَقْضِـي بِهـا الْوَطَـرُ

يَا لائِـمَ الصَّـبَّ ما لِلْعَـذْلِ مَعْـذِرَةٌ

فَالصَّـبُّ مِـنْ وَلَـهٍ يَنْتَـابُـهُ الْهَـذَرُ

يـا سَيِّـد الْخَلْـقِ صَلّى اللهُ مَغْفِـرَةً

أَثْنَـى عَلَيـكَ بِمَـا لَـمْ يَـأْتِـهِ بَشَـرُ

آيَـاتُ ذِكْـرِكَ في التَّـنْزيلِ مُشْرِقَـةٌ

كَالشَّمْسِ يَنْهَـلُ مِنْ أَحْـدَاقِهـا الْقَمَـرُ

بُشرى ابْنُ مريمَ في الإنجيلِ مُبْصِـرَةٌ

والطّـورُ يَشْهَـدُ والتَّـورَاةُ والسُّـوَرُ

إذْ لاحَ فَـأْلاً لِمُـوسى النَّجْـمُ آنَسَـهُ

أوْمى لِيُنْـبِئَ مَـا لَـمْ يَشْـهَدِ الْبَصَـرُ

وَالنّجْمُ أَخْطَرَ في سَمْعِ الدُّجَى خَبَـرَاً

سَاءَ الْيَهُـودَ وَهُمْ في سِـرِّهِمْ وَغَـروا

فَالْحُسْنُ كَلَّلَ وَجْهَ الأَرْضِ وَاخْتَنَـقَتْ

نَـارُ الْمَجُوسِ وَلَـمْ يَشْهَـقْ لَهَـا أَوَرُ

فَأَطْلَـقَ الأُفْـقُ لِلأَحْـدَاقِ أَخْيِـلَـةً

أَورَتْ قُصُورَ بِـلادِ الشّامِ لَو نَظَـروا

إيوَانُ كِسْرَى قَـدْ انْقَضَّـتْ دَعَائِمُـهُ

مِنْ فَيضِ نُورِكَ وَاخْتَـلَّتْ بِهِ الحُجَـرُ

والْحـزْنُ أضْمَرَ مِنْ سَاوَهْ مَحَاجِـرَهَا

لَمَّـا تَعَطَّـلَ عَـنْ تَقْبِيـلِـها الْمَطَرُ

يا باغِـيَ الْفوزَ قُمْ وانْظُـرْ مآثِـرَهُ

واتْبَـعْ خُطَـاهُ فَلا ضَيـرٌ وَلا ضَـرَرُ

فالسِّيرَةُ ازْدَحَمَتْ بالْهَدْيِ وَائْتَـلَقَـتْ

كالشَّمْسِ أَطْلَـقَهَـا مِنْ كَفِّـهِ السَّحَـرُ

مِنْ مَكَّـةَ انْبَثَـقَـتْ آيـاتُ بِعْثَـتهِ

واصَّاعَـدَتْ شَرَفَـاً مِنْ إثْـرِهِ مُضَـرُ

واسْـتَـتْـبَعَتْ أمَـلاً آثَـارَهُ أُمَـمٌ

رَامَـتْ شَفَاعَتَـهُ إِذْ حَاقَهَـا الْخَطَـرُ

كَمْ أَزْهَـرَتْ فَرَحَاً بِالرّوحِ دَعْوَتُـهُ

واسْتَبْشَـرَتْ فِـرَقٌ واسَّابَقَـتْ زُمَـرُ

كَمْ أَغْدَقَـتْ كَرَمَاً يُمنَـاهُ إِذْ وَهَبَـتْ

وَاسْتَبْـرَأَتْ أَلَمَـاً مِنْ كَفِّـهِ الْبَشَـرُ

كَمْ أَخْلَفَـتْ أَثَـرَاً بِالْكَـفِّ رَاحَتُـهُ

واطَّـيَّبَتْ عَبَقَـاً مِنْ شَهْـدِهِ السُّـررُ

كَمْ دَرَّتِ الضّرْعُ والأَغْصَانُ كَمْ سَجَدَتْ

والْمَاءُ في يَـدِهِ مِنْ أَمْـرِهِ ائْتَمَروا

وَالْعَينُ كَمْ بَرِئَـتْ مِنْ تُفْـلِهِ وَصَـبَاً

فَارْتَـدَّ مَبْـسَمُها إِذْ مَـا بِـهِ سَـدَرُ

والجّذْعُ أَيْقَـظَ جفْنَ الشّوقِ مُشْـتَكِيَاً

هَجْرَ الْحَبِيبِ، فَكَيفَ الأَهْلُ قَدْ نَفَروا؟!

في غَفْـوَةِ الْوَهْـدِ أَسّى اللهَ مَا ذَرَفَتْ

عَينَاهُ فَاحْتَـدَمَتْ مِنْ حَولِـهِ النُّـذُرُ

فاحْتَـدَّ غَيظَاً إلهُ العَرْشِ وانْتَصَرَتْ

جُنْـدُ السَّـمَاءِ وَأَيْـم اللهِ ما صَبَـروا

والْغَارُ أُجْهَضَ سَعْيَ الْمَكْرِ إذْ نَسَجَتْ

أمُّ الْهَدِيـلِ جَوَابَ الْغَوثِ فانْدَحَـروا

غَشّى التّرابُ عُيُونَ الْغَدْرِ فانْطَفَـأَت

لَمّـا تَـأَلَّبَ أهلُ الشِّـرْكِ إذ مَكَـروا

مَنْ لي بِلَجْـم لِسَان الْكُفْـرِ يَخنـقهُ

أو يَزْجُرُ الشَّـكَّ إنْ هُمْ سَيِّـدي كَفَروا

آيَـاتُ حَـقٍّ مِنَ الرّحْمنِ تَنْصُـرُهُ

إِسْراؤهُ الصِّـدق والصّدِّيـقُ يَنْتَصِـرُ

أَمَّ النَّبِيّـينَ في أقصى الْهَوى نُـزُلاً

واصَّدَّرَ الصَّفَ إذْ هُمْ عَنْهُ قَـدْ صَدَروا

وَبَـاتَ يَرْقَى إلى الْعَلْياءِ فانْكَشَـفَتْ

سَرَائِـرُ الْغَيبِ عَنْ عَينَـيهِ والْبَصَـرُ

طوبى لهُ الحوضُ في الفردوس مُغْتَسَلاً

وَالْكَوثَـرُ العَذْبُ في آياتِـهِ الـدُّرَرُ

وَالأَرْضُ أَكْرَمَهَـا بِالطُّهْـرِ بَارِئُهَـا

لَمَّـا تَيَمَّـمَ في أرْجَـاءِهَـا القَمَـرُ

نَحَّى هُدَاهُ غُبَارَ الجَّهْـلِ فَاتَّضَـحَتْ

دَرْبُ الرَّجَـاءِ وَذَاعَ الْعَـدْلُ وَالأَثَـرُ

إِذْ قَلَّـدَ الْكَـونَ عِقْدَاً مِنْ فَضَـائِلِهِ

بِالْعِـلْمِ صِيغَ وبالتَّهْـذِيـبِ يُعْتَـبَـرُ

وأَطْلَقَ الْخَلْقَ مِنْ أَضْغَاثِ غُرْبَتِـهِم

وأزْهَـقَ الشّرْكَ حتّى بَاتَ يُـزْدَجَـرُ

ما أَغْنَـتِ الْكُفْـرَ أَعْـدَادٌ مُهَوِّلَـةٌ

يَـومَ الزَّحَـامِ ولَـمْ يشفعْ لَـهُ الْقَـدَرُ

فانْظُرْ إِذا البِيـنُ قَدْ ضَاقَتْ بِمُزْدَحَمٍ

فَأَجْفَـلَ النَّـقْعُ أعْـداءً لَـهُ ظَهَـروا!

واسْتَحْلِفِ الدَّهْرَ كَمْ فَتْـحٍ بهِ شَهِـدَتْ

الرّومُ والْفُـرْسُ والأَعْرَابُ والتَّتَـرُ

في كُـلِّ مُعْتَـرَكِ تَـلْقَـاهُ مُنْتَصِـرَاً

بالرُّعْـبِ يَسْبِقُـهُ لِلْمُلْتَـقى الظَّفَـرُ

مَـاذا أَقُـولُ صَفِـيَّ الله إنْ نَـفَـقَتْ

منّي الدَّوَاةُ وَهَاجَتْ في النُّهى فِكَـرُ؟

يا مَنْبَعَ العِلـمِ والأَخْـلاقِ مِنْ صِغَـرٍ

وخَيـرَ مَنْ تَبِعَـتْ أَفْضَالَهُ الْغَـرَرُ

أُوذِيـتَ جَهْلاً وَمَـا آذَيـتَ مُقْتَـدِراً

وكُنْتَ سَمْحَاً بِمَنْ آذوا وَمَنْ بَـرَروا

وصِنْتَ بِالْحَقِّ مَنْ وَالُـوكَ مِنْ سَقَـرٍ

والنّارُ تَخْطِفُ يَومَ الْحَشْرِ مَنْ فَجَروا

إذْ يَذْهَلُ الخَلْـقُ وَالأَحْـدَاقُ شَاخِصَةٌ

وَالنَّاسُ في عَمَهٍ مِنْ هَولِهَا انْبَهَـروا

يا نَفْحَةَ الْحَـقِّ أَغْرَى الشَّوقُ قَافِيَـتي

وَالشّعرُ عَاتَبَنِـي إذْ عَضَّهُ القِصَـرُ

وَالقلبُ طَـأْطَـأَ لِلأَعْـذَارِ نَاصِيَـةً

إِذْ قَضَّهُ الشَّوقُ واسْتَشْرَى بِهِ الْخَـوَرُ

حَسْبِي إِذَا الشِّعْرُ لَمْ يَرْوِ الْهوى ظَمَـأً

أُبَلِّـلُ الْقَلْـبَ بِالتَّسْـبِـيحِ أعْتَـذِرُ

وَأَجْـدِلُ الصَّمْـتَ آهَـاتٍ أُلَمْلِمُهَـا

وَأُشْعِلُ الصَّبْرَ عَلَّ الْوَجْـدَ يَنْحَسِـرُ

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!