قسوة / بقلم : سامي المسلماني

الطبيب يضع سماعته على صدري،

لن يسمع الكثير،

لن يسمع سوى دقات باهتة

لا تختلف كثيرا عن دقات الساعة

الحائطية المعلقة على الجدار،

دقات بيضاء

مثل الجدار،

بل ربما أكثر برودة

ورتابة…

السماعة لن تفصح له عن شيء حتى وإن قال لي:

أنت بخير.

يعلق الطبيب سماعته حول رقبته

ولكنه لايسمع مخزون الأنين

الحارق

القابع

فيها،

لا يرى ذاك السهم المارق عن قوسه مغروسا

في القلب

كروح خفية،

قد يرى الدماء في كل مكان

ولكنه لن يرى دمي

العميق يحفر نهره

ويتدفق

نحو قرنفلة

بعيدة..

كان على الطبيب أن يقول لي:مابك؟

عوض أن يقول:انت بخير.

قد لا اجيبه،

لكنه سيعرف بسهولة اني لست بخير

عندما يرى ظلي يبتعد عني

في واضحة النهار.

الأطباء شعراء الأجساد،

يدركون جيدا مدى قسوة أن يفارق الظل عاشقه،

ويعرفون كيف يسقط

العاشق حينها في العتمة

ويغدو شبحا

منطفئ القلب.

الأطباء أيضا مثل الانبياء

تسكنهم شفقة نادرة،

ربما، لذلك، أرى طبيبي يهرول نحو ظلي كي يقنعه

بالعودة إلي.

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!