كان ولدا طيبا قبل أن يمسك الأزميل/ بقلم : رضا أحمد

كان ولدا طيبا قبل أن يمسك الأزميل

ﻭﻋﻠﻤﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻔﻘﺪ.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ

ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻲ؛

ﺳﻠﺔ ﻓﻮﺍﻛﻪ ﻋﻄﺒﺔ ﻳﺤﻔﻬﺎ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ،

ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ،

ﻛﺎﺩ ﺧﻔﻖ ﻗﻠﺒﻲ ﻳﻔﺼﺢ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﻲ؛

غير ﺃﻥ الأشجار

ﻻ تحرك قدميها إلا ببلطة.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

ﺭﺃﻳﺘﻬﺎ،

ﻭﺍﻗﻔﺔ ﺗﺘﺮﻧﺢ،

ﺍﻧﺰﻟﻘﺖ ﺩﻣﻌﺔ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻬﺎ،

ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﺑﺪﺃ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ؛

ﺃﺣﺒﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﺭﻯ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﺗﺒﻜﻲ

ﺃﻥ أجرب ﺣﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ

ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻣﺸﻘﺔ،

ﻟﻢ ﺃﺫﻕ ﻧﻜﻬﺔ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﻗﺪﻣﻲ ﺗﻤﻀﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ

ﻓﻲ ﻓﺠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻭﺍﻟﻌﺘﻤﺔ؛

ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ،

ﻭﺣﻴﻦ ﻭﺻﻠﺖُ

صارت ﺍﺳﻤﻲ

وصلاتي،

ﻟﻢ ﻧﻘﻞ شيئًا ﻳﺬﻛﺮ،

ﻧﻈﺮﺍﺗﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﺋﻔﺔ تكفلت ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ

ﺃﺧﺒﺮﺗﻨﻲ ﺍﺳﻤﻲ،

ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ،

ﻛﺎﻥ ﻣﻠﺢ ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ لاذعًا

ﺑﺮﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﻘﺮﻧﻔﻞ،

ﺟﺴﺪﻫﺎ مصقولا ﺑﻤﺤﺒّﺔ

ﻳﻠﻬﺚ ﺗﺤﺖ ﺛﻮﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﻀﻔﺎﺽ،

ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺘﺎﻥ ﺗﻜﻴﺪﺍﻥ ﻟﻠﻀﻮﺀ،

ﻭﺷﻌﺮﻫﺎ ليلا مسفوحا

ﻳﻘﺮﺃ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺻﺪﺭﻱ،

ﺑﺘﺆﺩﺓ،

ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﻗﻠﺒﻲ،

ﻭﻳﺮﺗﻌﺪ.

ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ

صار ﺟﺴﺪﻱ ﻣﺰﺭﻋﺔ

ﻻ ﺗﻨﺘﺞ ﺇﻻ ﺍﻟﺸﻮﻙ،

اشتدّ عليّ ﺍﻟﻌﻄﺶ ﻭﺍﻟﺤﺐ،

ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻜﻨﺲ ﺑﺮﺍﺣﺔ ﻳﺪﻳﻬﺎ

ﺍﻟﻐﺒﺎﺭَ ﺍﻟﻬﺶّ

ﻭﺷﺒﺎﻙ ﺍﻟﻌﻨﺎﻛﺐ

ﺍﻟﺘﻲ اﻧﺪﺳﺖ ﺑﻴﻦ ﺻﺨﻮﺭ ﻭﺟﻬﻲ،

ﻭﺗﻘﻮﻝ: ﻻ ﺑﺄﺱ،

ﻭﺗﻀﺤﻚ،

ﺗﻀﺤﻚ،

ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﺗﺠﻒ هلعًا،

ﻭﺃﺗﺼﺪﻉ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ

ﺑﺪﺃﺕ ﺃﺗﻘﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﺘﻰ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻮﺩﺍع؛

ﻛﻨﺖ ﺃﺷﺎﻃﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﻥ

ﻭﻻﺋﻢَ ﺍﻟﻤﻮﺕ

وﻗﺮﺍﺑﻴﻦَ ﺗﺠﻔﻔﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ،

كلفائفَ رﻣﺎﺩٍ  ﻳﺪﺧﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺸﺐُ،

أتسلّقُ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻏﻴﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻄﻨﺔ،

ﻭﻛﻠﻤﺎﺗﻬﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ

ﻭﻫﻲ ﺗﺸﻖ ﺻﺪﺭﻱ ﺑﺄﻇﺎﻓﺮﻫﺎ:

“أيمكنني ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻗﻠﺒﻚ؟”

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!