كيف انتصرت

الموتُ !!!!!

عجوزٌ طويلٌ أحدب

آتٍ من العالمِ القديم

يرتدي عباءةً سوداء

يُظللُ بها مَنْ يشاء

عيناهُ حمراوتان

يداهُ ثقيلتان

سريعُ الخُطى

كرجعِ الصدى

فمهُ إخدودٌ سَحيق

وعُكَّازُهُ يَحْفِرُ في الارضِ قَبرا

ليس لهُ أذنٌ فيسمع العويل

لا يرى الدمعَ وخَلفَهُ يَسيل

يدخلُ الريحَ

والرصاصةَ والسكينَ والوريد

أظفارهُ من زُجَاجٍ مُكَسَّر

أسنانهُ من حديد

لُعابهُ أحمرٌ قاني

يُمازجُ الصديد

واحسرتاهُ على أمٍ ثكلى

واحسرتاهُ على طفلٍ وليد

ترقبهُ في لحظةِ احتضار

ويدهُ الخجلى تُطَوّقُ إصبَعَها الحاني الصغير

أخافُ يا أمي

أخافْ

ودمعةٌ سخينة تتحدّرُ على ثديها المَكلوم

تسقطُ كالندى في يدهِ الحيرى

يَظُنُها الحليب

واحسرتاه

هي أخرُ ما تبَقّى من ذكريات الحليب

واحسرتاه عليّا

إذا ما جاءَ يختالُ في مُقْلَتيّا

قاطبُ الوجنتين وقد كبَّلَ بالأصفادِ يَديّا

يَتَلمَّسُ جسدي كصيدٍ ثمينٍ سَخِيّا

يُجففُ حلقي ويَعْصُرُ الهواءَ في رئتيّا

واحسرتاه

واحسرتاه

عجباً لك يا جدي !!

كيفَ ابْتَسَمْتَ لحظة الغرغرة ؟

وكيفَ أعتلى وجْهَكَ البَيَاض ؟

ماذا لو أنّكَ أخبرتني كيفَ أواجهُ السَّواد ؟

أن أقفَ كالأشجارِ وقَعْرِي يَتَمَزّق

أن أصْمِدَ مبتسماً وقلبي يَتَفَتّق

أن أُغْمِضَ عيني وأطير

رغم الجناح الكسير

رغم الأسى

ونهاية المسير

قد رأيتكَ البارحة

تَحُوُمُ في سماءِ المقبرة

تلاطفُ الحمام

تُعانق الرفاقَ في شَفيفِ الغَمام

حَمَلْتَني إلى قبري

لم أرَ نفسي

فقط تُشْبِهُني العِظام

بالله عليك أخبرني

كيفَ تحررتَ منهُ وانتصرت ؟

………………………………………..وصفي مسرات

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!