شعر: السيد السعيد وادى
..فِى شُعْلَةِ الشَّوْقِ كَمْ مِنْ لَاعِجٍ وَهِجِ
هَلْ كَانَ يَلْمَعُ غَيْرُ الْحُبِّ فِى الْمُهَجِ؟!
..مَا كَانَ غَيْرُ غَضِيْضِ الْطَّرْفِ فِى بَصَـرِى
وَلَا شُغِلْتُ بِغَيْرِ الْأَكْحَلِ الدَّعِجِ
..أَهْفُوْ بِسَاهِرَةٍ تَسْقِى الْفُؤَادَ جَوًى
مِنْ بَعْدِ مَا أَلِفَتْ لِلدَّمْعِ مِنْ لُجَجِ
..مَا إِنْ تُطِلُّ عَلَى دَوْحَاتِ سِيْرَتِهِ
حَتَّى تَهِيْجَ وَمَنْ بِالْحُبِّ لَمْ يَهِجِ؟!
..وَصِرْتُ بَيْنَ سُيُوْلِ الشَّوْقِ قُبَّرَةً
كَلْمَىٰ يُفَجِجُهَا رِيحُ الْهَوَى الهَزِجِ
..وَرُحْتُ أَسْبَحُ نَحْوَ النُّوْرِ فِى لَهَفٍ
بَيْنَ الدُّمُوْعِ وَقَلْبِى قَلْبُ مُبْتَهِجِ
.. وَصِحتُ: يا سيدَ الكونينِ بِي سِقَمٌ
يَبرِى العظامَ وَيَشْوِى لَحمَهَا لَهَجِي
.. لَمَّا عَلِقْتُ بِأَستَارٍ يُأَرجِحُهَا
عِنْدَ المَقَامِ نَسِيمُ الرَّوْضَةِ الْأَرِجِ
..وَهِمْتُ بَيْنَ ضِفَافِ الْبَهْوِ قَيْدَ سَنًا
وَالْبَهْوُ مَحْضُ بَهَاءِ الثَّغْرِ ذِى الْفَلَجِ
..بَهْوٌ يُؤَدِّبُ عَيْنِى كُلَّمَا نَظَرَتْ
نَحْوَ الْحَبِيْبِ حَيَاءَ الْعَاشِقِ الْحَرِجِ
..مُذْ هَلَّ بَيْنَ الدُّجَى فِى النَّاسِ كَوْكَبُهُ
وَالنُّوْرُ يَمْحَقُ لَيلَ الشِّـركِ وَالدُّلَجِ
..مُذْ كَانَ رُكْنُ خَلِيْلِ اللهِ يَرْفَعُهُ
وَكَانَ أَحْمَدُ نَفْسَ الرَّافِعِ النَّهِجِ
..بَدْرٌ تَلَأْلَأَ فٍى أَحضَانِ آَمِنَةٍ
تَبَارَكَ اللهُ مَنْ سَوَّاهُ مِنْ بَلَجِ
.. إِذْ أَبْصَرَتْهُ كَوَجْهِ الصُّبْحِ مُؤْتَلِقًا
فِى الْفُرسِ يُطفِئُ وَقْدَ الزَّيتِ بالسُّرُجِ
.. وَكَانَ ثَمَّةَ نُورٍ فِى تَقَلُّبِهِ
فِى الْمُدلِجِينَ ضُحًى مِنْ مَشْرِقٍ بَهِجِ
..لَمَّا الظِّلَالُ غَدَتْ غَيمًا يُلَاطِفُهُ
وَالنَّسْمُ يَلْثُمُ خَدَّ الْهَوْدَجِ الدَّرِجِ
..شَقَّ الْبَرَادُ لَهُ مِنْ بَحرِهِ يَبَسًا
يَمشـِى عَلَيهِ وَلَمْ يَسْبَحْ وَلَمْ يَلِجِ
..وَالْبِيْدُ بِالسِّدْرِ وَالنِّسـرِينُ بَاسِقَةٌ
وَالزَّهرُ فَاحَ مَعَ الرَّيحَانِ فِى أَجَجِ
..وَالظَّبْىُ تَجرِى مَعَ الْحُملَانِ رَاقِصَةً
بَيْنَ الْحَمَامِ وَكَمْ مِنْ شَادِنٍ غَنِجِ
..فِى كُلِّ مُنْعَطَفٍ عُرسٌ لِمَقْدِمِهِ
يا مهجتي انعطفى للعرس وانعرجى
..لَوْلَا الْبَشِيرُ لَمَا عَجَّتْ مَلَائِكَةٌ
حَولَ الرِّكَابِ وَشُدنُ الْبِيدِ لَمْ تَعُجِ
..لَوْلَا الرَّسُولُ لَمَا انْجَابَتْ جَهَالَتُنَا
يَومًا وَلَا سَلِمَتْ نَفْسٌ مِنَ الْعِوَجِ
..يَا نَارَ حُبِّي أَلَا يَا نَارُ لِى اتَّقِدِى
نَارُ الْمَحَبَّةِ أَنْدَىٰ الْقَطرِ ذِى الثُّلُجِ
..زِيْدِي التَّلَذُّذَ كَمْ لِلْعِشْقِ مِنْ سَكَرٍ
فِى مُهْجَتِى هَا هُنَا صُبِّيهِ فِى وَدَجِى
..أَفْدِيهِ مِنْ شَبَبٍ حُلْوٍ مَذَاقَتُهُ
لَا الشَّهْدُ أَشْهَى وَلَا بِالْأَصفَرِ الْبَهِجِ
..يَا نَارَ حُبِّى أَيَا أَنْوَارَ عَادِيَةٍ
لَيلًا وَكُلُّ خُيُولِ الشِّعرِ فِى هَرَج
..نَاشَدتُكِ اللهَ إِمَّا عَقَّنِى فَرَسِى
فَاقْرِى السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَاشَ فِى الْمُهَجِ
..يَا مَنْ سَهِرْتِ عَلَى أَعْتَابِ رَوْضَتِهِ
هَلْ تَجْعَلِيْنَ حَزِيْنَ الْقَلْبِ كَالْهَزِجِ؟!
..جَفْنَاىَ أَنْتِ بِهَا أَدْرَى وَقدْ نَضَجَتْ
حَرَّىٰ عَلَى كَبِدٍ يُشْوَى شُوَاءَ شَجِ
..أَهْلُ الصَّبَابَةِ فِى أَكْبَادِهِمْ حُرَقٌ
لَيسَتْ تَطِيْبُ بِغَيْرِ الْأَكْحَلِ الدَّعِجِ