الشُّرطي (قصة قصيرة جداً) بقلم. نجيب كيَّالي

لصحيفة آفاق حرة

 

الشُّرطي
قصة قصيرة جداً
بقلم. نجيب كيَّالي

لبسَ التجُّهمُ بدلةَ شرطيّ، وأخذ يلاحق لاجئاً سورياً يُدعَى هُمَام!
قذف نحوه منشوراً مكتوباً عليه: ممنوع الابتسام تحت طائلة المسؤولية.
ذاتَ صباح رآهُ واقفاً أمام زهرة، مسحتْ بسحرها شيئاً من أحزانه، فابتسم!
أمسكه الشرطيُّ من ياقته، صاح به:
– أنت تخالفُ القانون، إني أُحذِّرك.
في يومٍ آخرَ رآهُ قربَ حديقة يراقب أطفالاً يلعبون، فأفلتت منه ابتسامة، جذبه الشرطيُّ بعنف، وقال:
– حَكَمْتُك بغرامة، مقدارها ليلتان من الأرق.
كتبَ بذلك ضبطاً، وأعطاه لهُمَام.
حاول هُمَام أن لا يبتسمَ بعد ذلك، لكنَّ المحذورَ وقع حين سمع أغنيةً في الطريق.. كانت الأغنيةُ مرحةً وشاعرية، فَعَلا وجهَهُ انشراحٌ وابتسام، وتمايلَ أيضاً ناوياً أن يرقص!
هجمَ عليه الشرطيُّ في تلك اللحظة كالقضاء المستعجِل، وهو يزأر:
– حقاً أنتَ لا تفهم! عن عَمْدٍ تخالف القانون! سأنتزع شفتيك من وجهك لترتاح وتريحني.
وقبل أن يتنزعَهما سأله همامٌ بحرقة:
– أرجوك.. قل لي أيُّ قانون هذا الذي تطاردني باسمه؟!
بعد ضحكةٍ صفراء جاءَهُ صوتُ الشرطي:
– أحقاً لا تعرف؟ هو قانونُ الحزن الأبدي، وموتِ القلب حَكَمْنا به على كل لاجئ.
*
٢٠٢٢/٦/١٣

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!