المُعارِض رقم واحد/ بقلم خضر الماغوط

المعارض رقم واحد…
شَعَرَ الشاب مسعود السعدان بأنَّ غضب الله قد نزل عليه، عندما نزل إلى الشارع في وضح النهار.
هو الذي بقي زمناً طويلاً متوارياً عن الأنظار مختفياً، لأنه مطلوب لكل الجهات الأمنية، بتهمة انتمائه إلى جماعة راديكالية معارضة تؤمن بالتغيير الثوري لكل مفاصل المجتمع.
قيل له بأن الأمور قد تغيرت ولن يُلاحق أحدُ بعد الآن لانتمائه للمعارضة، لأنهم لو فعلوا ذلك فلن يبق أحد من الشعب خارج الزنازين.
هو يعرف بأن الداخل مفقود، ولا يوجد من يعود، ليقول بأن العائد مولود.
رغم ذلك فقد صدق بأنَّ الأمور تغيرت، ونزل إلى الشارع.
ما إن خطى بعض الخطوات الأولى في الشارع، حتى لاحت له دورية من الشرطة، وقد رآه أحدهم، فأشار لرفاقه إليه وركضوا باتجاهه.
استغلَّ مسعود السعدان ازدحام الشارع بالمشاة فركض هاربا عكس الاتجاه.
كان يهرب بأقصى سرعة ورجال الشرطة يلاحقونه، وصارت الناس تهرب لليمين واليسار تلافياً للتصادم مع الراكضين.
يبدو بأن هؤلاء الشرطة المشاة استعانوا بالدوريات المؤللة، فتحركت سيارات الشرطة بزماميرها التي تزعق زعقاً بصفيرها القوي.
وتحركت سيارات الإطفاء، والصليب الأحمر، والهلال الأحمر، وصارت كلها تزعق في الشارع تشفيطاً بفراملها، وصفيراً بزماميرها، وما زال مسعود السعدان يركض هاربا.
أخيراً لا بد للقوة من أنْ تتغلب فقد تم حشر مسعود السعدان في إحدى الزوايا، وهرعت كل القوات تحاصره.
قال له قائل منهم:
ــ يا أخونا أنت تعارض قرارات الحكومة في عدم ارتداء الكمامة الواقية من الكورونا، فعليك ارتداء الكمامة فورا.

___________
دمشق – سوريا

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!