النور الأخير/ بقلم : ريمان هاني

جلست كعادتها كل صباح في الشرفة ذات الزرع الجميل ، المنسق بيديها ، المطلة على أشجار الصنوبر العالية بشموخ ، تنفست عطر الصباح بإبتسامة ودُعاءَ ، بعد أن ودعت زوجها وطفليها التوأم للمدرسة ، أعدت قهوتها في فنجانها. وقطعة من فطيرة الزعتر، وابتدأت صَباحها تراقب عصافيرها بحب ، وأمنيات كثيرة تزاحمت في رأسها ، قررت ارتشاف القهوة على عجل ، لتلحق موعدها عند طبيبتها النسائية ، وفجأة ارتجفت يدها ، ووخْزَةٍ. في قلبها ، لم تفهمها، غير أن فنجان قهوتها هرب من يدها ليسقط أرضا مبعثرا ما به من قهوة ،
” بِسْم الله الرحمن الرحيم” هذا ما نطقت به ، وتحسست قلبها تُطمئن نفسها ، ” اللهم اجعله خير يارب “،
ونهضت تلملم بقايا الفنجان وتمسح القهوة حتى جاءها تلفون ، تركت ما بيدها وركضت تسابق نفسها ، لترد على المتصل ، صوت غريب ألقى التحية على عجل وسألها ان كانت تعرف صاحب الرقم ؟
– يا إلهي … نعم نعم انه…. انه رقم زوجي ، من المتكلم ؟
اخبرها انه الإستعلامات من المستشفى ، يرجوها الحضور مع أحد من أقربائها ، سألته بخوف وعصبية ماذا هناك هل حصل شيء. لزوجي وأطفالي ،،؟ لم يجيب لكن أعطاها اسم المستشفى والعنوان. ليحضر أي أحد من طرفها معها ….
كانت إشارة لها بأن هناك شيئا كبيراً قد حدث ..
تسارع نبضها ، وارتدت ملابسها ، وخرجت على عجل لم ترتدي نظارتها الطبية ، وقادت سيارتها. بِقلِبٍ يرتجف ودمع كأنه ستارة أغلقت على بصرِها تتخيل ماذا ينتظرها في المستشفى ، أسرعت في قيادتها في رجاء ، وتجاوزت حدودها ، حتى ارتطمت بعامود الكهرباء ..
وانطفأ النور الأخير ……….
___

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!