حلم رجل ميت / بقلم : طارق جمال سالم

-إلى الذين ستبكيهم قصتي الأولى

كانت الساعة الواحدة صباحاً في ليلة شديدة البرودة ورُغم أن السماء ملبدة بالغيوم تمكن القمر من إيجاد ثغرة يرسل من خلالها نوره الأبيض نحو مقبرة قديمة تقع على أطراف قرية ريفيةصغيرة ، وكعادة الريف كان الهدوء يملأ المكان إلا من نباح كلب بائس يجلس تحت ضوء مرتعش لمصباح إنارة قديم يطلب بعض الدفء، نباحه في هذا الوقت من الليل كمن يلقي شعر أو يردد أغنية لذكرى قديمة في حياته .

فجأة يتوقف الكلب عن النباح أو ربما الغناء ويتطلع نحو المقابر كأن أحدهم فهم لحن الأغنية وسيناقشه في طريقة إلقاؤه المزعجة ، توقف ينظر ببلاهة وعينه مشدوهة ولسانه الطويل تدلى أمامه وبدأ ذيله بالاهتزاز كبندول ساعة قديمةقد أصابها العطب ثم ما لبث أن ركض مسرعاً نحو المقابر ووقف بلا حراك وعينه مثبته نحو قبر مغطى بسحابة من الغبار الكثيف .

كان الأمر طبيعياً  لولا أن شعاع القمر أضاء القبر وظهر للكلب ظل إنسان ينفض عن جسده التراب ويسعل بشكل هستيري وكأنه قد بعث من الموت.

إنقشعت سحابة الغبار وأصبح واضح للعيان رجل بالغ جسده ملفوف بقماش بالي شعره أجعد طويل مغطى بغبار سميكلحيته الكثةأخفت ملامح وجهه كان أشبه بوجه وحش عن وجه إنسان إلا من عينين تلمعان في ضوء القمر.

جال بنظره حوله ثم تحول لينظر إلى الكلب الذي ظل صامتاً يشاهد بفم مفتوح وعين لا ترمش ، توقف عن سعاله واقترب من الكلب بحذر وعلى شفاهه إرتسمت إبتسامة ساخرة.

لو يعلم أنثمة كلب بإنتظاره ما كان ليخرج !

طوال حياته السابقة يكره الاقتراب منهم وينزعج من نباحهم، أسعده أن الكلب هاديء إلى حد ما فتشجع واقترب منه بقليل من الحذر، أراد أن يضع يده علي رأس الكلب فوجيء أن الكلب هو من يرتعد خوفاً منه ولم يتمكن من لمسه لأنه بسرعة ورعب شديدين عاد خطوة للوراء ، أطلق ضحكة من منظر الكلب المرتجف وسعل بشدة مما أضطره إلى البصق علي الأرض ليخرج من صدره أطنان الغبار، سعاله الشديد طمأن الكلب ليقترب منه كنوع من الشفقةلحاله، فما أن أصبح بجوار قدم الرجل مال عليه وأحتضنه وأجهش في البكاء ولم يحرك الكلب ساكناً!

لو أردنا أن نسمي معجزة فكان مشهد احتضانه للكلب أكثر إعجازا من قيامته من القبر إن المعجزة بالنسبة له هي تلك اللحظة التي تأكد فيها أنه حقاً حي !

توجه بنظره نحو القريه ثم ما لبث أن غرق يفكر في كل شيء عودته لأهله أصدقائه لحياته التي فارقها تخيل أمه وأخته وارتسمت علي وجهه المرعب إبتسامة سعيدة ، ثم نظر لنفسه وشعر بعدم ارتياح وتساءل وهو ينظر للكلب

– برأيك كيف سيقابلوني بهذا المنظر ؟

– يالها من حماقه أن تعود للحياة لتتسبب في مقتل نصف أهلك من المفاجأة !

بعد تفكير قرر أن عليه أن يتخفى أولاً ويحصل علي ملابس ويعيد هندامه بالشكل الذي يمكنه ان يلتقي بأهله بشكل طبيعي .

تحرك الكلب أمامه بإتجاه القرية وكأنه قد فهم ما يقول فتبعه ليبدأوا رحلة الحصول على ملابس بدون أن يراهم أحد !

بدأ يشعر بالبروده فحماسته الأولى قد إنقطعت وبدأ جسده يعود للعمل  بشكل طبيعي ويتأثر بالبرد القارس ، عند دخولهم القرية كان المصباح المرتعش مازال يعمل بنفس الطريقة الممله وقفا تحته وأجسادهم ترتعد من البرد تطلع إلى جسده تحت الضوء كان كمن يلقي نظرة على جثةوليس جسد إنسان ، إشمأز من شكله ورائحته التي بدأت تفوح  ثم برزت برأسه فكرة جعلته يصرف نظره نحو مسجد القريةحيث هنالكيوضع صندوق ملابس للفقراء يمكنه أن يأخذ منه بعض الملابس.

عاد لينظر للكلب الذي كان يهز ذيله بإستمرار ويتطلع نحوه بإهتمام ينتظر منه التعليمات.تحرك ببطء وحذر بإتجاه المسجد وتبعه الكلب بنشاط.

الشوارع هادئه إلا من أصوات الرياح المخيفة ودقات قلبه التي بدأت تتصاعد  تحركا بسرعةقبل أن يحس بوجودهم شخص قد جفا عنه النومأو أثر السهر !

وصلاالمسجد وبحذر بدأ يفتح صندوق الملابس نظر للكلب بسعادة حين تأكد من وجود ملابس داخل الصندوقأخرج الملابس خارج الصندوق وبدأ يعرضها علي الكلب ليختار أيهم يناسبه ،عرضهم قطعه قطعه وكان الكلب يثب من مكانه حين يروق له شيء من بينهم وهكذا إختار لنفسه ما رضي عنه الكلب .

رُغم أن الملابس بالية إلا أن جسده أسوأ حالاً منها نظر للكلب وعينه قد لمعت بفكرة مجنونة وهمس للكلب

-مارأيك بسباحة بالنهر تحت ضوء القمر ؟

تهللت أسارير الكلب وكاد يطلق لنفسه العنان بالنباح إلا أن الرجل قد وضع يده على فم الكلب ونظر حوله ليتأكد ان لا أحد قد سمع شيء وما أن سكن الكلب حتى اقترب من أذنه وهمس له

-هيا بنا إلي النهر قبل أن يكتشفوا أمرنا

توجهاصوب النهر بسرعه وحذر،يحتاجلتحويل جسده المليء بالتراب لجسد نضيف يُمكنه من مقابلة أهله ، كانت علامات السعادة باديه علىالكلب،يركض بحيوية ونشاط  لم يتخيل أبداًأن ليلته التعيسة التي قضاها وحيداً قد صادف أنها ستكون أسعد ليله منعشة في حياته ،فبعد قليل سيحصل على سباحه في النهر تحت ضوء القمر وسيلاعبه شخص عاش حياته كلها يكره الكلاب !

وصلوا للنهر الذي كان مظلماً أكثر مما توقع ، بالطبع لأنه إختار مكان بعيد عن القريه حتى لا يراهم أحد الغرباء !

هبطا سوياً للنهر وبدأ القمر يرسلضوئه نحوهم من ثغرةفتحها  بوسط الغيوم الكثيفة وكأنه وأخيراً وجد شيئا يسليه في هذه الليلة الكئيبة الهادئة!

في النهر كان الكلب سعيداً ينظر لصديقه الجديد المنهمك في غسيل جسده ليزيل ما تعلق به من قذارة، الجزء الأصعب شعر رأسه المجعد ولحيته الكثةالمليئة بالتربة المتعفنه .

إنتهى من تنظيف نفسه فقام بإمساك الكلب من يديه وبدأ باللعب معه بسعادة جنونية كمن أُطلق سراحه من سجن القذارة ، أطلق الكلب لنفسه العنان ونبح يعبر عن سعادته لكنه نبهه أن عليهم التزام الصمت حتي لا يلفتوا إليهم الإنتباه .

إنتهوا من سباحتهم تحت ضوء القمر وخرجا سوياً وبدأ في لبس ملابسه التي اختارها له الكلبوالتي هي بالطبع عباره عن مجرد خرق باليه في النهاية لكنها تظل أفضل من قماش الكفن الذي تحول لونه للأسود القاتم من شدة الاتساخ .

بدأت أسنانهم بالاصطكاك من البرد وعليهم الأن إيجاد مكان دافيء لإنتظار شروق الشمس، نظرإلى الكلب وهو يرتعش فهذه الخرق الباليه لن تساعده في الحصول على بعض الدفء،كأن الكلب فهم ما يريده وبدأ يتحرك مرة أخرى بإتجاه القرية .

ما كان منه الا أن تحرك وراءه مرتعشاً يرجو أن يكون الكلب قد فهم مبتغاه !

وصلوا للقرية ومازال الهدوءسيد المكان، توجه الكلب على الفور إلىحظيرة بهائم بأطراف القريةحيث ترقدالحيواناتنائمة كبقيه أهل القريه في سكون ودفء،دخل الرجل وراء الكلب بسرعه ولم يلتفت وراءه أراد أن يحيّ الكلب علي إختياره لكن الظلام منعه من رؤيته!

بالحظيره كان الدفء أول من إستقبله فإزداد شعوره بالراحة والإمتنان للكلب رُغم الرائحه القذره التي أزكمت أنفه، بحث بصعوبة ليحاول رؤية الكلب فوجده بنهاية الحظيرةحيث غرفة صغيرة مليئة بالقش الجاف فنظر له بسعادة وقال له بصوت واضح لأول مره بدون همس

– سننام سوياً كما تسبحنا سوياً يا صديقي

ألقى بجسده على القش وبجواره إستلقى الكلب ضما جسدهما كجنينين توأم في رحم أمهما وغرقا في النوم.

مع أول ضوء للنهار إستيقظ الصديقان لم تكن الشمس أشرقت بعد تحركا بحذر شديد ليلقوا نظرة خارج الحظيرة ، لا يود ان يراه أحد يخرج من باب حظيرة البهائم.

حتى وإن كنت ميت فهو شيء يدعوا للحرج ان تنام بحظيرة البهائم.

وقع نظرهعلى إناء كبير به ماء مخصص لشرب الحيوانات خارج الحظيرة أراد أن يغسل وجهه ويشاهد نفسه على صفحة الماء ليتذكرتفاصيل وجهه التي نسيها ، بسرعة تبعه الكلب ومد وجهه لينظر معه وكانت المفاجأة! إنعكاس وجوهم على صفحة الماء  لم يظهر وجهه ولا حتى ملابسه البالية،إقترب أكثر من الإناء ومد يده ولكن لا شيء يستطيع رؤيته ما يعكسه الإناء الغيوم في السماء والطيور التى بدأت في الخروج من أعشاشها لتبحث عن الطعام  ووجه الكلب الذي ينظر بإستغراب .

نظر للكلب ومسكه ورفعهونظر في الإناء كان الكلب كمن يطير في السماء ولا أحد يمسكه كاد ان يفلته من يده من هول الصدمة ولكنه تماسك وبهدوء وضعه على الأرض وجلس بجواره.

ألقى برأسه بين قدميه ويديه علي وجهه أغمض عينيه وبدأ يتحسس تفاصيل وجهه حاول الكلب أن يواسيه أقترب منه  وضع رأسه بين أرجله وبدأ يمرر لسانه علي يده ليواسيه كمنيريد ان يقول له أنا أراك يا صديقي لا تبتئس !

ربت علي رأس الكلب وقام مرة أخرى كانت الشمس ترسل أول شعاع لها في الصباح ، شعاع الشمس مصوب بإتجاهه لم يكن هنالك أثر له على جسده نظر وراءه كان الضوء كأنما أخترقه وواصلطريقه حتي لامس الأرض،أحس أنه فارغ لا وجود له نظر ناحية الكلب بجواره يحاول النظر للأعلىبصعوبة بالغة فعينة تكاد تكون مغلقة بفعل شعاع الشمس .

أصبح على يقين أنه لا وجود له كأنه شبح أو مجرد حلملكنه تساءلبإستغراب!

– كيف يراني الكلب؟ وكيف ألمسه؟ وكيف يتبعني ويراني ويفهمني؟

كادت رأسه تنفجر من التساؤلات التي غزتها مرة واحدة!

فجأة سمع صوت يقترب من حظيرة البهائم حاول الإختباء لكنه ما أن بدأ يتحرك حتى وقف فجأة مما جعل الكلب يقف متحيراً ينظر إليه بتعجب

قال في نفسه هذه فرصتي لأتأكد من حقيقة نفسي.-

ظل واقفاً ومرت أمامه عجوز بدينة تمشي ببطء شديد تنظر للأرض لتختار بدقة موضع قدميها في وسط الوحل.

تحرك من مكانه حتىيصبحجسده في طريقها تبعه الكلب ووقف بجواره مرت العجوز بمحاذاته ولم يسترعى انتباهها سوى الكلب الذي نهرته ليبتعد عن طريقها  أراد ان يقطع الشك باليقين وينهي حالة الجدل فنظر للعجوز بترقب وهو يحدثها

– صباح الخير يا جدتي(كعادة أهل الريف كل العجائزجداتهم)

– كيف حالك في هذا البرد ؟

ولكنها مرت وكأن لا وجود له أصبح لا مجال للشك الأن تأكد له أنه مجرد شبح لا أحد يراهأو يسمعه إلا الكلب الذي كان ينظر له بحزن وشفقة !

رفع رأسه نحو السماء صوب شعاع الشمس الذي يحارب بين الغيوم ليرسل شعاعه إلى الأرض فأحس بكآبة شديدة وكأن هذا النور لم يُرسل إليه وكأن وجوده لا فائدة منه!

نبح الكلب بصوت هاديء ينم علي الحزن فكأنما أحزنه حالة صديقه التي تبدلت إلي الحزن وإقترب من قدمه وأخرج لسانه وقام بلعق قدمي صديقه كادت الدموع تنفجر من عينه لكنه غالبها بصعوبة، بالنسبة له لا شيء يستدعي الحزن فمن مجرد ميت بقبر إلي شبح يتخلله شعاع الشمس قال لنفسه يواسيها

– لا بأس يمكنني علي الأقل إلقاء نظره علي عائلتي ومشاهدة الحياة عن قرب.

وضع يده علي رأس الكلب وحاول أن يبتسم له فرفع الكلب رأسه لينظرإليه بشفقة وحزن ،لكن وبدون قصد منه دمعة قد غلبت جفنيه وسقطت باتجاه الكلب وتبعها سيل غزير من القطرات كانت السماء بدأت تُمطر فأصبح لا يعلم هل هي دموعه ام قطرات المطر التى تخترق جسده الغير موجود.!

 

أثر أن يتحرك لمكان لا يصله المطر حتى يحمي الكلب من المطر المنهمر  فهو الأن أصبح لا يفكر كثيرا بنفسه ، مضت نصف ساعه حتى توقف المطر وعاد شعاع الشمس لينير الحياة عليه أن يتحرك ليلقي نظرة علي عائلته حتما ستكون أمه قد إستيقظت .

تحرك نحو البيت بعدم إكتراث فلا داعي للحذر بعد الأن لم يعد يحتاج أن يمشي مختبئاً أو أن يشعر بالحرج من ملابسه الباليه ،حتى أصبح بوسط القريه حيث السوق وإزدحام الناس لشراء ضروريات المعيشه .

مر وسط الحشود و بداخله شعورين متناقضين شعوره بالخجل من مروره بوسط السوق بهذا الشكل المخذي وشعوره بالحريه التى يمتلكها الأن .

نظر للكلب وهو يمشي بجواره يبحث في الأرض على شيء تعجب لأول وهله ثم فهم أنه ربما يشعر بالجوع ويبحث عن شيء ليأكله توقففجأة  لأنه قد تأكد لديه أنه لا يشعر بالجوع أو العطش توقف الكلب ونظر له يستفهم عن سبب توقفه لكنه ما لبث أن واصل السير.

بأخر طريق السوق يقع بيته وبدأ يراه من مكانه الأن أصبحت خطواته أسرع كخفقات قلبهحتى أصبح الكلب يركض خلفه والناس في السوق بدا عليهم الذعر والتوجسفوجود كلب يركض بالسوق المزدحم أمر غريب !

وصل أمام البيت وتوقف ثمإقترب من الباب ببطء و حذرومد يده ليطرق الباب لكنه وجد أنهافكرة ساذجة فماذا يمكن يحدث لأمه إذا فتحت الباب لتجد الكلب يقف يهز لها ذيله وكأنه هو من طرق الباب ؟

لم يحسب حساب هذه المعضلة إلا الأن سأل نفسه ببلاهه

– ما العمل ؟

وبينما هو غارق في تفكيره فُتح الباب ليجد أمامه أمه ممسكة بيدها بكيس النفايات لتضعه أمام المنزل حتى يتثنى لعمال النظافه  إذا مروا ليأخذوه .

وقف ينظر إلى أمه وكاد قلبه ينخلع من صدره أراد أن يثب نحوها ويحتضنها ويلمس يدها ويقبلها ،حاول أن يقترب منها بهدوء لعله  يلمسها لكنها كانت قد مسكت المكنسه وبدأت في مطاردة الكلب الذي وصل متأخراً ليقف بجواره .

طاردته بعيداً عن البيت هرب الكلب سريعاً من أمامها وبقى هو واقفاً ينظر لأمه وينظر للكلببحزن بدأ يكلمهابصوت عالي لعلها تسمعه

-هذا صديقي يا أمي لا تطرديه

لكنها لم تكن تسمعه ولا تراه ،شعر بالغضب من أجل صديقه الذي وقف بعيداً ينظر بحزن وألم .

ذهب نحوه وأعطى ظهره لأمه التى كانت قد عادت للبيت وأغلقت الباب بقسوة !

إقترب من الكلب ونظر له بأسى،آلمه ما حدث من أمه فقرر يغادر المكان،شعوره بالإهانه لصديقه جعله مشوش التفكير بعدما تحرك عدة أمتار بعيداً عن البيت  وجد أن الكلب لم يتحرك ومازال يقف مكانه وينظر للبيت بتحدي، عاد إليه ليطلب منه التحرك

-لماذا لم تتحرك؟ لا فائدة من وجودنا هنا لا يمكنهم رؤيتي لأقنعهم بدخولك أو حتى معاملتك بطريقه أفضل !

أتعلم حتى لو كان بإمكانهم رؤيتي لن يوافق أبي علي دخولك، دعنا نعود إلىالحظيره او النهر.

لكن الكلب لم يكن ينظر إليه ومازال نظره منصب نحو البيت بدأ يصرخ فيه بغضب

– لا فائدة !ألا تسمعني أنت أيضاً؟ هل كان عذابي أن أعود الى الحياة ولا يسمعني ولا يراني أحد؟ هذا أمر لا أطيقه إن الموت راحة عن هذه الحياةالبائسة !

تحرك الكلب نحو البيت وحاول أن يقف على قدمين ليفتح الباب

صرخ

– أيها الغبي سيضربوك سيأذوا جسدك الصغير ألا تفهم؟

لكنه كان منهمكاً في فتح الباب بكل قوة وعزم !

اقترب منه ووقفبجواره رآه يحاول بعنف وغضب  كمن يريد أن يتحداه لم ينظر إلى عينه  ولم يعره أي إنتباه واصل عمله الصعب بتحدي شديد وغضب.

ثم فجأة فتحت الباب أخته التي أفزعها وجود الكلب متعلقاً بالباب ، لكنها لم تصرخ أو تنادي أحد !

كانت امه تنادي بالداخل

– ماذا هنالك يا فاطمة ؟

أخبرتها بصوت هاديء وكأنها لم ترى شيء يدعوا للعجب

– لا شيء الهواء الشديد هو من صنع هذا الصوت

كان بالطبع الصوتهو إرتطام الكلب بالأرض عندما فتحت اخته الباب .

اقتربت أخته من الكلب ووضعت يدها علي رأسه كان ينظر لهما بسعادة بالغة أراد لو يحتضنهم معاً،أومئت للكلب بعلامة تعني أن ينتظرها لحظة ودخلت مسرعة للداخل وعادت معها بعض اللبن والخبز الجاف لم تكن تريد أن تطعمه امام الباب حتي لا يراها أحد شاورت له نحو طريق ليتبعها .وصلت للمكان الذي طالما لعبت فيه مع أخيها وقت ان كانوا أطفال وضعت له اللبن في طبق كانوا اعتادوا أن يتركوا فيه الأكل للطيور والحيوانات التى لا تجد أكل وماء في أيام الحر الشديد وبدأت تقطع الخبز الجاف للكلب وهي تلاعبه بسعادة بالغه .

كان أخيها ينظر لها وهي تجلس أمام الكلب أراد أن يقترب منها يحاول لمسها لكن صوت والده من الداخل ينادي عليها جعل الخبز يسقطمن يدها المرتعشة ، إعتذرت للكلب وذهبت بإتجاه البيت تركض مذعورة ، حاول أن يتبعها لكنه عاد لينظر للكلب وهو يأكل ثم قرر أن عليهم البقاء بعض الوقت ربما إستطاعوا بطريقة ما الدخول للبيت أراد أن يرى غرفته من الداخل مرة أخرى .

بعد فترة وجيزه عادت أخته ومعها بعض الماء وضعته للكلب وبدأت تلاطفه مرة اخرى أصبح ودودا معها أكثر وبدأ يداعبها ويلعق قدمها كما كان يفعل معه قالت وهي تنظر له بود

– كنت أتمني أن يكون أخي موجود هو بالطبع لو رأك سيغير رأيه في الكلاب وسيحبك أنا متأكدة من ذلك .

كان يقف أمامهم  ينظرإليهم وعينه على البيت يراقب لها الطريق حتي لا يرى أبيه الكلب وتحدث لها مشكلة

أنهى الكلب طعامه وبدأ ينظر لها  باستعطاف وينظر للبيت كأنه يطلب منها أن تدخله ، ففهمت مُراده قالت له وهي تنظفه من الأكل العالق بفمه

–  لا يمكنني أن ادخلك البيت الامر صعب للغايه سأحاول أن أوصل لك الطعام ككل يوم هنا في نفس المكان أما بالداخل سيقتلونني لا يمكنني !

قامت وودعته وتوجهت نحو المنزل لكن الكلب تبعها ورأسه مائله نحو قدمها تدخل أخيها ليوقفه أمسكه وأقترب من أذنه

– أرجوك لا تسبب لها مشكلةإنها حقاً لا تستطيع

لكن الكلب تركه وركض نحوها وطاطأ رأسه أمام قدميها مرة أخرى ،كان مشهداً حزينا للغايه ، يرجوها أن تدخله البيت ليس لنفسه ولكن ليعطي لصديقه الجديد الفرصة لدخول منزله مرة أخرى !

توقف ينظر لهما بصمت وحزن شديد ثم سمع اخته تنظر للكلب وتقول

– لماذا اليوم تصّر علىالدخول ؟

نظر إليهم كانا أشبه بصديقين يتناقشا

سأل الكلب بإستغراب

-هل تأتي هنا كل يوم؟ لماذا لم تخبرني؟

نظر له الكلب بعدم أكتراث ثم عاد ليكمل نقاشه مع أخته

قال في نفسه

– يا لغبائي هل سأنتظر إجابته ،عليّ أن أمنع كارثة دخوله للبيت.

إتجه صوبهم ليحاول اقناع الكلب عن العدول عن الفكرة لكنه سمع أخته تقول بإمتعاض

-حسناً سأخاطر ولكن سنتحمل سويا عاقبة هذا الامر فأبي ربما يقتلنا معاً !

كان الأمر جنونيا حقاً فالكلب ما أن سمعها حتي أصبح يثب ويتراقص بسعادة بالغة

ركض بسرعة بإتجاه الكلب وأمسك بأذنه وقال له

– لن ندخل أتسمعني لا يمكن الاستمرار في هذه الكارثة

نبح الكلب فعادت أخته نحوه وقالت

– أصمت من حسن حظنا أبي سيغادر للعمل الأن سندخل بعد خروجه مباشرة

بعد وهلة تحركت أخته نحو الباب وبجوارها الكلب وتبعهم ليقترب منهم أكثر فتحت الباب بحذر شديد وألقت نظرة متفحصه بالداخل كان البيت خالياً لا يُسمع أي صوت!

فتحت الباب ليتمكن الكلب من الدخول وتبعهم أخيها، دخل هو الأخر خلسه وكأنه سيراه أحد!

ما إن دخلوا حتي أخذت الكلب بسرعة نحو غرفة أخيها تبعهم ببطء ينظر حوله يتأمل الاثاث وأركان المنزل الذي فارقه منذ سنوات نظر إلى غرفة أخته المفتوحهأمامه فوجد صوره كبيره له معلقه علي دولاب ملابسها دمعت عينه مرة اخرى وكان عليه ان لا يسمح لدموعه بالسقوط فلا مطر داخل المنزل سيخفي أثار دموعه !

غرفته كانت مغلقه بمفتاح كانت اخته تفتح الباب ويدها ترتعش من الخوف كلص يحاول ان لا يشعر به أحد!

فُتح الباب وأدخلت الكلب فسارع هو بالدخول قبل أن تغلقه.

غرفة صغيرة بشباك مطل على الشارع كانت هادئة نوعاً ما ومرتبة بشكل جميل كأنها تنتظر رجوع صاحبها، قفز الكلب نحو المكتب الصغير يحاول فتح الأدراج ليخرج محتوياتهاففتحت أخته الأدراج بعناية ،بأحد الادراج وضع غليون بعناية فائقة فوق أحد المذكرات أمسك الكلب بنابيه الغليونوتوجه ناحية صديقه ليريه إياه،  حاولت أخته إيقافه لكنه لا يريد أن يفلتهرغم توسلاتها الجدية له ، تترجاه أن يعيده إلى مكانهلأن أخيها كان لا يحب أن يلمس غليونه احد ناهيك عن كلب !

كانت تتوسل له بحرص شديد وكأن أخيها سيعود ليرى غليونه مرة أخرى أومأ للكلب بجديةأن يفلتهلها ، فأفلته بين يديها فأبتسمت كمن رُد لها قلبها!

وقبلت رأس الكلب وشكرته وأودعت الغليون بمكانه بعد أن نظفته ثم طبعت عليه قبله !

نظرت للكلبوبدأت تعطيه التعليمات

– ستبات هنا بغرفة أخيإذا أحدثت صوت أو تركت الغرفة ستعرضنا للمشاكل

اومأ لها الكلب الذي كان يتلقي التعليمات من أخيها الواقف بينهم يعيد عليه التعليمات بجدية أكثر .

عادت أخته لتعيد التعليمات علي الكلب وزادت

– أرجوك حافظ علي ترتيب الغرفة فأنا أريدها دائماً مرتبه

أومأ الكلب  مرتين لها ولأخيها الواقف بجوارها .

غادرت الغرفة لأنعليها أن تذهب للجامعةعادت لغرفتها لتبدل ملابسها غادرت مسرعه و أغلقت الغرفة بالمفتاح من الخارج وبقي هو والكلب في الغرفة المغلقه وحيدين في المنزل .

بدأ يتفحص غرفته ومقتنياته وملابسه حتى حذاؤه كان ملمعا كما لم يكن وقت ان كان على قيد الحياة كتبه أقلامه ثم فتح درج المكتب واخرج غليونه العزيز.

مسكه ونظر إليه بسعادة كان يحب هذا الغليون كثيرا ولا يفارقه كان من مقتنياته القليلة العزيزة عليه،يشعله في أخر الليل ويسهر معه كخليلة وحدته يداعبها وتداعبه ، فكر أنه يريد أن يشعله مرة اخرى كان الكلب ينظر  بسعادة بالغه ففكر أن يشعله ويدخنه مع صديقه الجديد !

وبالفعل أخرج من درج مكتبه التبغ الذي وجده مكانة وعلي حالته،أشعل الغليون وبدأ يدخنه ثم أخرجه من فمه ووضعه في فم الكلب وأطلق الضحكات حين رأى الكلب لا يستطيع أن يدخن الغليون والدخان أعمى عينه.

كانت هذه أول ضحكة حقيقيه خرجت منه منذ أن خرج من القبر، إستمر في تعليمه تدخين الغليون حتى تعبا من رائحة الدخان فقام ليفتح شباك النافذة حتى يتثنى للدخان أن يخرج من الغرفةثم توجه ناحية السرير وأخذ كتاب من مكتبته وبدأ يقرأ وبجواره إستلقى الكلب ينظر للكتاب يريد ان يعرف محتواه فبدأيقرأ بصوت عالي حتي يشاركه القراءة

قرأ بلا ملل أحدى رواياته المفضله حتى إذا ما إنتهى من الكتاب لاحظ ورقة مطوية بأخر صفحات الكتاب،  تذكر الورقة قبل أن يفتحها .

كانت رساله من حبيبتة من سطر واحد  كتبت له دعاء صغير وأنهته ب أمين !

أحتفظ بالورقة رُغم أنها تزوجت كان لا يريد لأحد أن يراها وهاهو لأول مرةيشاركه في رؤيتها أحد  .

رفع الكلب أذنيه ينتظر أن يخبره صديقه بقصة هذه الورقة أراد أن يحكي له عن حبيبته وكيف أنها تزوجت غيره لكنه أحس بكآبة من أن يتذكر كل هذه الذكريات التعيسةولكي لا يكسر بقلب صديقه أخبره بعدم أكتراث

– أنها ورقه من حبيبته التي ماتت منذ فترة يحتفظ بها ليتذكرها ويدعوا لها.

لم يكن يريد أن يستفيض في الأمر فتحول عن  الموضوع بسرعة  وقام من السرير ليجول بالغرفة فقد داهمته ذكرياته التعيسة .

ينظر مره من شباك النافذة المطل علي الشارع الرئيسي ثم يرتب أغراضه كما كانت على المكتب قرر أنه سيأخذ الغليون ويغادر !

عليه أن يترك البيت هو والكلب فلا شك أن أبيه لن يترك الأمر يمر بسهولة وربما يصل الأمر أن يتأذىالكلب ، نظر نحاية الكلب المستلقي بوسط الغرفة  وأخبرة بجدية وحزم

-علينا ان نغادر لا يمكننا المكوث هنا لوقت أطول

قفز من شباك النافذة إلى الخارج وتبعه الكلب بعد أن تأكد أن لا أحد بالخارج يمكنه ان يرى كلب يفتح شباك نافذة ويخرج من البيت !

تحرك هذه المرة خارج القرية لم يخبر صديقه بوجهته أراد أن لا يبوح له بالسر الذي أخفاه عليه فقد عزم الأمر أن يذهب إلى بيت حبيبته .

يمشي بسرعةوقد بدا الحزن يلوح علي وجهه فمجرد التفكير في رؤية حبيبته مرة أخرى قد أصابه بالكآبة ولا يستطيع إيقاف سيلان الذكريات !

عليهما قطع مسافةطويلةعلى الأقدام ، حاول ان يخرج نفسه من كآبته فتطلع نحو الكلب مبتسماً فقد لاحت له فكرة

-لماذا لا تغني لنا في الطريق .. ضحك عندما وجد الكلب قد بدأ بالغناء فأوقفه قائلاً :

– نعمنفس  الأغنيه البائسة التي كنت تغنيها وأنا في طريقي لأخرج من القبر يالك من كلب مزعج تغني في ليله باردة بعد منتصف الليل كان كرماً منهم أن تركوك حي !

زمجر الكلب مكشراً عن أنيابه

-حسناً لا تزعل مني سأغني أنا لك أغنية ولكن من البدايه صوتي ليس جيد وانت الوحيد الذي يمكنه سماعي هل ستستطيع ان تتحمل؟

وثب الكلب وفتح فمه وأخرج لسانه في الهواء كان كمن يريد أن يقول له لقد إستمعت لغناء كلب فما المشكلة أن أستمع لغناء شبح صوتهرديء؟

ضحك من حركات الكلب الجنونية

– حسناً سأغني ولكن على الأقل إستمع بهدوء

وبدأ بالغناء والكلب ينظر له بسعادة بالغه !

بدأ الكلب يقلده ويغني معه نباحه يواكب لحن الأغنية الطيور كانت تشاهدهم وهي تطير حولهم بدوائر و تبدلت الكآبة لفرح ،بعد وصلة من الغناء والضحك وصلوا المدينة حيث البنايات متشابهة كان قد علم قبل موته بأي بناية تسكن حبيبته لكنه لم يفكر مرة في المرور قبالتها ولو حتى صدفه ، بوضعه الحالي أسهل عليه ان يراها دون ان تراه تكمن المعضلة انه لا يعلم باي أدوار البناية تقع شقتها !

أمام العقار الذي تسكن فيه حبيبته حديقه بها أشجار قد بللها المطر جلس هو والكلب قبالة العقار وجد مكان تحت شجرة كبيره لم يصل اليها البلل، جلس الكلب علي المكان الجاف وجلس هو بجواره وأسند ظهره للشجرة ورفع رأسه ناحية العقار يتأمل وينتظر !

تذكر غليونه وضع يده في جيبه واخرجه ووضع به بعض التبغ ونظر للكلب -ما رأيك ندخن مرة أخرى

قطب الكلب حاجبيه ونظر حوله حيث الناس يسيرون حولهم في كل الطرقات ففهم مقصدهبالطبع دخان الغليون سيشد انتباه الناس من حولهم وسيكون أمر شاذ أن يدخن كلب تحت شجرة !

أعاد الغليون الي جيبه مرة أخرى رفع رأسه نحو البنايه كانت أحد النوافذ تفتح خفق قلبه بسرعه وإرتعشت يده وهي تعيد الغليون إلى جيبه كانت هي!

شعرها البني المسدول كحبوب القهوه البرازيلية ووجها المستدير الذي يضيء كالقمر وعيناها العسليتين تلمعان كالذهب يمكنه أن يرى لمعان عينيها منمكانه ، مدت يدها التيكحبات اللؤلؤ في نور الشمس لتفتح شباك النافذة علي مصرعيه ،تغريه يديها كل مره يراها أن يمسكها ويقبلها ،إرتعش صوته وهو يخبر الكلب وعينه مثبته نحو النافذة !

-صديقي لقد كذبت عليك ها هي صاحبة الرسالةربما لأنى ميت بنظري الجميع أموات !

نبح الكلب بقوة مما جعلها تلتفتنحوهم ، وقع نظرها صوب عينه ألتقت عيناهما أحس أنها تراه ظلت تنظر باهتمام ثم التفتت ورائها ربما أحد أطفالها ينادي عليها ودخلت تاركة شباك  النافذه مفتوح وظلا الرجل والكلبينظران نحو النافذة !

مرت ساعتان ولم تعد ،الكلب كان ينبح باستمرار لعلها تعود مرة أخرى شعر بالأسي نحو الكلب وأخبره أكثر من مرة ليتوقف

إستمر الكلب بتحدي واكمل نباحه المتواصل

وقفالرجل أمام الكلبونظر لهبجدية  والنافذة وراء ظهره

– ان لم تتوقف سأذهب فلا داعي أن تؤذي حنجرتك من أجلي !

لم يعره أي أهتمام وواصل نباحهبسعادة ، بدأ يركزفي نباح الكلب بأسي حتي فطن أن هذا النباح يشبه نباحه أمس في الليل !

قال له وقد لاحت علي وجهه علامات التعجب !

– لا تخبرني إنك تغني الأن يالك من مهرج ما الفائدة !

ضحكبشدة  فبالفعل كان الكلب يغني بلحن معين بدأ يستمع له باهتمام

كان لحن الاغنيه يحاكي الاغنيه التى كان يغنيها له طوال الطريق وضع يده حول رقبة الكلب واحتضنه واقترب من أذنه وهو يقول

-إنك أفضل صديق علي الإطلاق  إنك رائع حتى ان صوتك أفضل مني واطلق ضحكات سعيدة ومال علي جنبه من كثرة الضحك

توقف الكلب عن الغناء فظن أنه غضب من ضحكاته

إعتدل ليرى ما خطبه كان الكلب ينظر بإتجاه النافذه  وقد رفع أذنيه من المفاجاة فرفع الرجل رأسه نحوالنافذة فإذبحبيبته تطل من النافذة تنظر باتجاههم وعلي وجهها ارتسمت ابتسامه هادئة .

نبح الكلب لها فزادت ابتسامتها سعادة وقف الرجل وتحرك باتجاه البنايه ليشاهد تفاصيل وجهها عن قرب وتبعه الكلب ، ثم فجأة بيدها تشير للكلب بسعادة ليقترب أكثر، كانت كلما شاورت للكلب يتحرك الرجل حتى ما أن أصبح قريبا من البناية سمعها تقول بصوت مسموع

– سأتي إليك لا تذهب بعيداً ! ودخلت مسرعه

لم  يصدق نفسه هل سيكون باستطاعته رؤيتها بهذا القرب ، فهي الأن في طريقها إليهم!

تجمد مكانه لثواني وبدأ ينظر للكلب الذي تهلل وجهه من السعادة

-علينا ان نرحل لا أريد أن أراها

قالها بغضب وجدية بعد ان تحول وجهه كئيباً ، قطب الكلب حاجبيه ونظر نحوه بإستغراب لكنه هذه المرة لم يعره إنتباه وتركه وذهب .

تبعه الكلب وهو ينبح بغضبوخلفهم بدأ يلوح  صوت ينادي علي الكلب ،لم يلتفت وراءه وظل يمشي مخفض الرأس ينظر للأرض  وخلفه الكلب مازال ينبح ويركض خلفه ليوقفه !

بعد سير طويل وصل لشريط سكة حديدية بمنظقه منعزلهتأكد أنه إبتعد بالقدر الكافي ، بدأ يقذف الحصى بقدميه بغضب ولا يريد أن يلتفت وراءه وصل الكلب بعده يلهث من الطريق الطويلة التي قطعها وراءه .

حاول الكلب ان ينظر إلى وجهه ليلومه لكنه يلتف عنه لا يريد لعينيه أن تلتقي بعيني الكلب حتي لا يشعر بالندم ، لازال الكلب يحاول وهو يصد عنه حتى سمع صوت من بعيد لصفارة قطار يقترب بسرعة شديدة لم يرفع رأسه لينظر للقطار لا يبالي إن دهسه فهو غير موجود!

ظل ينظر إلي الحصى بالأرض مر القطار أمامه كان لا يفصل عنه إلا شبر واحد ، صوت القطار المزعج حجب عن أذنه نباح الكلب من وراءه .

كأن لا نهاية له قطار بضائع طويل صوته المزعج أثار حنقه أغمض عينه ووضع يده علي أذنه لا يريد ان يرى أو يسمع.

فكر في القبر لو عاد إليه الان سيكون بحال أفضل أحس بالشفقة للكلب الذي قطع معه كل هذه المسافة وهاهو يتركه ولا ينظر إليه !

اختفى صوت القطار فتح عينه كان القطار إبتعد أخيراً رفع يده عن أذنه وأنتظر ليسمع نباح الكلب وراءه قبل ان يلتفتخلفه  لكنه لم يسمع شيء،إنتظر دقيقة أخرى ليبادر الكلب بمناداته فلم يحدث شيء ، احس بالقلق و التفت خلفه بسرعة  فلم يجد وراءه أحد !

بدأ يدور حول نفسه وينظر في كل اتجاه لا أثر للكلب صاح ينادي عليه

– اين ذهبت يا صديقي عد هل هذه أحد الاعيبك

أنتظر لحظات ليسمع رده

– لن أعود إليها مهما فعلت

أضاف هذه الكلمات بغضب ظناً منه ان الكلب ينتظر رجوعه عن رأيه!

انقشع نور الشمس فجأة ظلل الغمام الأرض وبدا أنها ستمطر.

لأول مرة يعود وحيداً منذ ترك القبر إرتعد قلبه ما إن تملكه الشعور بالوحدة حتى و بدأ بالركض بإتجاه بنايه حبيبته لعله يجد الكلب ينتظره هناك!

بغزارة إنهمر المطر  فأطلق العنان لعينه لتمطر هي الأخرى إن للمطر شعور رائع ولكنه مرتبط دائماً بالهجر فمهما طال هطوله سيهجرك ،إن  المطر يغذي شعور الانسان أكثر بالوحدة !

لذلك كان يطلق العنان لنفسه أن تبكي عند هطول المطر !

بعد ركض طويل وصل قبالة البنايه نظر حوله فلم يجد للكلب أي آثر، ذهب ناحية الشجره التي إستلقوا بجوارها لا آثر!

رفع رأسه ناحية النافذة التي كانت مازالت مفتوحه وقرر أن عليه أن يصعد إلي شقتها ، ربما قد صادفها في طريق عودته وصعد معها.

رُغم استحالة الفكرة إلا أنه لم يجد أمامه مكان اخر ليبحث عنه!

دخل البناية وبدأ يصعد الدرج قلبه كاد ينخلع من صدره بكل درجة من درجات السلم يضيق صدره أكثر وأكثر أصبح لا يستطيع التنفس كمن يصّعد إلي السماء !

وصل  لباب شقتها وضع أذنه علي الباب وحاول أن يسترق السمع لم يكن يسمع شيء كان الوضع هاديء إلا من صوت نبضات قلبه المتسارعةالتي تزعجه وتشوش تفكيره !

– لو كان في الداخل لسمعت نباحه قال لنفسه وهو يلتقط أنفاسه

– ربما عليَ أن أطرق الباب فحتى لو فتحت لن تراني وبإمكاني أن ادخل دون أن تراني

وبدون إضاعةلمزيد الوقت طرق الباب وتجمد مكانه، أحس أنه طرق باب الجحيم المستعر فما أن مرت لحظات قليلة حتى تملكه رعب شديد ، سمع خطوات تقترب نحو الباب حبس أنفاسه فُتح الباب كانت حبيبته تنظر بدهشه وانسل بالداخل كالريح .

من حسن حظه أن عقله قد أخذ بزمام الأمور إلا وكان سيظل واقفاً أمامها لا يتحرك .

بالداخل كان صوت أطفالها يلهون مع ألعابهم ،عادت هي وأغلقت الباب بعدما تأكدت ان لا أحد بالخارج .

جلست علي أريكه مريحة أمام التلفاز المغلق جلس أمامها علي كرسي خشبي صغير ربما لأحد أطفالها ،عينه مثبته نحوها ينظر لها بحزن تفاجيء أن عيناها مغرورقه بالدموع التي ربماحبستها لسنين عدة ومازالت تحاول حبسها إلى الأن !

اقترب منها كانت تمسك بورقه مطوية حاول أن يقرأ ما كتب بالورقه أقترب منها وكتم أنفاسه كان حريصاً للغايه حتى وهو غير مرئي

كاد يسقط من المفاجأة كانت الورقةبخط يده اهداها لها و مازالت محتفظةبها !

تنظر لها بإهتمام وحزن شديد كان الاطفال يلعبون حولهم وبقى الإثنين يتعذبون بصمت !

ظل كتمثال متجمد بمكانه حتى  فُتح الباب  قد عاد زوجها،  طوت الورقه بسرعه وحاولت تمسح وجهها تحسباً من ان يكون سقط من عينها سهواً بعض الدموع دخل زوجها  غرفته ليبدل ملابسه فقامت هي بإتجاه المطبخ !

وقف وحيداً في وسط الشقهثمتذكر ما الذي  أتى به إلى هنا ؟

فلما تأكد له أن وجوده الان بلا فائدة قرر أن يغادر بأسرع وقت !

تحرك بإتجاه الباب ولكن كعادتة الميئوس منها لا يُقدر الأمور إلا في أخر اللحظات كان الباب موصد وعليه أن ينتظر حتىيفتحه أحد!

بعد دقيقه من التفكير وجد أن طريقة خروجه أسهل مما تصور سيفعل ما فعله وقت الدخول .

فطرق علي الباب هذه المرة من الداخل تحركت هي بملل نحو الباب ومسكت مقبض الباب كانت قريبه منه للحد الذي أحس أن خصلات شعرها قد لامست صدره تنفس الهواء الذي يحيط بها كان يود لو يلمسها لكن الباب فتح وعليه أن يخرج وقفت هي تنظر خارجالشقة ناداها زوجها بصوت أجش

– من بالباب

ردت عليه بصوت كئيب

– لا شيء

وأغلقت الباب في وجهه بغضب

– ياله من وداع هكذا قال لنفسه

تذكر وداعها له حين تزوجت أغلقت بوجهه كل شيء وتركته محطماً كأنه لا شيء!

خرج من البنايه مسرعاً عليه أن يذهب ليبحث عن الكلب كان يعلم أن مجيئه إلى هنا خطأ كبير وهاهو ينال عقابه الذي إستحقه كان يركض وسط الامطار بلا كلل وعقله مليء بالافكار المتضاربه

– ماذا إن لم أجده في القرية ؟هل سأظل وحيدا للأبد ؟ سيكون القبر أفضل حالاً من مشاهده العالم بفم مغلق وعين مفتوحة!

-سيكون من الجيد لي ان أغلق عيني وأعود للقبر

وبينما هو غارق في تفكيره قد لاحت له القريه أمام ناظريه  أحس بألم بجسده وكأنه يتلقي ضربات مبرحه وأحس بشيء يخنق رقبته كأن أحدهم ربطه بحبل كانت أول مره منذ أن خرج من القبر يحس بالألم!

إنقبض قلبه وشعر بأن هنالك شيء خطير يحدث ، كلما أقترب من القرية يزداد الألم قوة أصبح لا يستطيع أن يركض بدأ يمشي ببطء لا يقوى على الركض من شدة الألم .

قدم من أقدامه وكأنها كُسرت أصبح يمشي علي قدم ويجرالأخرىوراءه ،يعاني كمن يتم تعذيبه بأحد معسكرات الإعتقال ،مع هطول المطر والدماء تنزف بغزارة كأنما السماء تمطر دماً !

لم يعد يقوىعلي المشي أصبح يزحف بيديه ويجر قدميه في وسط الوحل والدماء السائلة خلفه!

واصل زحفه حتي إقترب من مشارف بيته لاح له أعداد من الناس مجتمعين حول البيت بدأ يسارع في الزحف والدم  مازال يسيل من رأسه !

حتى ما أن وصل سمع صوت أبيه يصرخ بغضب، ما كره في حياته شيء كصراخ أبيه !

بدأ يمر خلال حشود الناس التي تطوق بيته ،حتى أبصر أبيه يجر الكلب من حبل قد لفه حول عنقهغارق تماماً بدمائه وأقدامه الخلفية قد كُسرت يجرها في الوحل .

أخته كانت تصرخ باكية وهي متعلقة بيد أبيها ترجوه ألا يقتله، فهم الأن ما يجري له ،ما كان يحس به من ألام كان ما يفعله أبيه بالكلب.

زحف بكل ما فيه من قوة ليقترب من الكلب ما أن وقعت أعينهم بأعين بعض حتى نبح له الكلب بصوت حزين رقيق وأمامهم أمه تنظر إلى الكلب وهي تقف علي عتبة البيت صامته لا تقوى علي فعل شيء، أخته كانت تتوسل لأمهابيأس !

-إفعلي شيء لا تتركيه يقتله

إقترب من الكلب أصبحت وجوههم ملتصقه دماؤهم تسيل أعينهم مليئةبالدموع ،لم يستطع أن يفعل شيء بدأ الكلب ينبح بصوت مكسور

صاح أبيه بالكلب بقسوة وهو يشد الحبل حول عنقه

-إن لم تصمت سأقتلك

لكن الكلب لم يصمت كان يغني!

إنهال عليه بالضرب بشدة وعنف!

ومازال الكلب يغني بألم وحزن بلا انقطاع.

غنى الكلب نفس الأغنية التي غنوها سوياً،  نظر لهوهو ملقى بجانبه وبدأ يغني معه!

رددا الاغنية سوياًوسط الدماء وتحت المطر

أخرج أبيه المسدس ووضعه علي رأس الكلب.

قبلت أخته يد أبيها متضرعة

-أرجوك لا تقتله

لم ينظر لها وبدا أنه سيقتله ،لولا أن أخته صرخت بغضب

-ستقتله كما قتلت أخي!

توقف الكلب عن النباح وتوقف هو عن الغناء ونظراسوياً  لأخته التي صفعها أبيها علي وجهها وقذف بها نحو أمها التي التقطتها وأحتضنتها وهي تبكي!

تركت حضن أمها ووقفت تنظر نحو أبيها وهي تذرف الدموع

– نعم أنت من قتلت أخي

كانت تنظر له بتحدي

– يوم قتلت كل شيء يحبه أنت هو القاتل،أنت من دمرهوها أنت الأن ستقتل الكلب الذي كان لا يفارق قبر أخي!

نظر لأخته وهو علي الأرض وهي تضيف بكل شجاعة وبصوت يحارب الدموع

-بينما أنت لم تزر قبرأخي ولو لمرة واحدة كان الكلب لا يبارح قبره،لا تريد أن تتذكر كم كنت قاسيا مع أخي وها أنت تكرر قسوتك مع هذا الكلب المسكين !

إرتعشت يد أبوه ووقعت العصاه التي كان يضرب بها الكلب علي الارض وادخل المسدس في جيبه وتوجه ناحية أخته بغضب، شعر بالخوف مما قد يحدث لها حاول أن يقف لكنه لم يستطع نظرلأبيه وحاول ان يطلب منه الرحمة!

قطع صوت صياح أبيه صوت المطروصوته الغير مسموع

-أنتي صغيرة خرقاء! أخيكي قتل نفسه لأنه ضعيف ،ترك الحياه بإرادته لم يقتله أحد هو من قتل نفسه بمنتهى الضعف والمهانه !

سمع كلمات أبيه وهو ملقىعلي الأرض بين الوحل والدماء حاول أن يقف علي قدمية مرة أخرى لكنه لم يستطع دفن رأسه بالوحل وقال بصوت يملؤه البكاء

-بلىأنا ضعيف معك كل الحق ولكن أرجوك لا تقتل من حارب من أجلي من لم يكن يوماًضعيفاً!

لكن ابيه لم يكن ليسمعه، بمنتهى القسوة جر أخته لداخل المنزل وتبعتهم أمه لتخلص أخته من بين يديه وأغلق الباب ورائهم!

بقي الإثنين على الأرض وإنفض الناس واحداً تلو الأخر لم يقترب أحد ليضمد جراح الكلب تركوه وحيداً يموت وهو ملطخ بالوحل والدماء تسيل منه.

لم تمد ولو يد واحده لتساعده اختاروا له الموت ولم يكن إختياره هو ، عاد لينبح بالأغنيه بصوت ضعيف مكسور وضع يده عليه وقال وهو ينظر إليه بشفقه

– أرجوك لا تمت إبقى من أجلي يا صديقي

لكنه قد فات الأوان انقطع صوته مع أخر كلمة من الأغنية !

فاضت روحه وسكن جسده كانت السماء تمطر بلا إنقطاع كأنها كانت تبكي من أجله!

الشمس قاربت علي الغروب بدأ الناس إيقاد مصابيحهم أحس أن جسده أصبح يقوى علي الوقوف وتوقف نزيف الدماء من جسده .

وقف أمام جثة الكلب ونظر له ومن حوله بركة من الدماء والمطر، أمعن النظر فوجد إنعكاسه بدأ يظهرعلى بركة الدماء ، أبصر وجهه الموحل وعينه التي تلمع بالدموع !

مر شخص بجواره  وضع يده علي ظهره وقال بصوت خفيض

– علينا بدفن الكلب إن رائحة الكلب الميت كريهة

تأكد أن بإمكان الناس أن يروه الأن !إلتف بسرعة ومسك الرجل من عنقه وقال له وعينه يملؤها الغضب

– لو مددت يدك نحوه سأقتلك!

إنتفض الرجل من شكله المخيف وتركه وذهب بسرعة ولم يلتفت وراءه

حمل جثة الكلب وذهب نحو المقابر وقد بدأ الظلام يخيم ،وصل قبره المفتوح  ووضع جثة الكلب بالداخل وبصوت مليء بالحزن قال له

– أنتظرني يا صديقي سأعود إليك بعد ان أقتل أبي !

 

عاد بإتجاه البيت بخطى ثابته ورأس مرفوعه وعين مليئه بالغضب ينظر للقرية بغضب وألم

ما أن وصللبيته  حتى وجد نافذة أخته مفتوحه وسمع بكائها الذي لم ينقطع إقترب من النافذه ليشاهدها كانت تحمل بين يديها الطبق الذي كانت تقدم فيه للكلب الطعام وقميصه الذي كان يلبسه يوم أن مات!

زاد الغضب بداخله نحو والده وهَم بدخول البيت ليقتله ، فسمع أحدهم يطرق باب غرفة أخته ويستأذنها بالدخول  كان صوت أبيه ، لم ترد اخته وكتمت بكائها ودفنت رأسها في قميص أخيها .

توارى من أمام النافذه  حتي لا يراه أبوه حين يدخل غرفة اخته

دخل أبيه وأقترب من أخته وبدون ان يقول كلمة واحدة أحتضنها وبكى!

لو ظهر الأن وقتل أبيه أمام أخته سيجعله هذا الامر شيطان في نظر أخته طوال حياتها  وحتىأمام نفسه !

نظر باتجاه المقبرةحيث صديقه الملقى وحيدا قال بصوت يملؤه الحزن

-أنت أيضاً لا تريدني أن أفعلها يا صديقي أنا أعلم !

وضع يده بجيبه واخرج غليونه الذي تبلل بفعل المطر حاول تنظيفه ثم توجه نحو النهر.

علي ضفاف النهر الراكد جلس وحيداً بشعره الأسود الخشن ولحيته الكثة الموحله مدخناً غليونه الفاخر ليُطلي على هيئته الميته شيءً من الفخر، يتذكر اللحظات التي قضاها مع صديقه في النهربحزن وألم عميق .

سيشاهد لأخر مرة تفاصيل الحياة التي سيودعها إلى الأبد  .

يقطب حاجبيه لكل مار يرمقه بنظرة إستفهام ، ملايين من الأفكار تجوب رأسه يطاردها ببلاهة وكأنها حشرات طائرة يستحيل عليه أن يمسك بطرف فكرة واحدة حتي الذكريات تطير وكأنها قررت ألا تعود إليه .

مره أخري يرمقه شخص غريب متفحصاً هيئته ، يود الأن لو يصيح بأعلى صوته ليغربوا عن وجهه !

ينظر الي السماء نظرة وداع فيمر سرب من الطيور عائدون من رحلة طويلةربما أتوا لتوديعه !

ينفث دخان غليونه بفخر وعدم إكتراث للمودعين الذين قطعوا ألاف الأميال لتوديعه.

يقف بهدوء ويمشي تاركاً وراءه النهر وسرب الطيور وخيط دخان كثيف ، يعلم تماماُ ما عليه فعله الأن ولا شيء يمكن أن يوقفه !

يمشي كجثه قُدر لها أن تحصل علي نزهه أخيره قبل إغلاق المقبره ، يمر بشارع بيته ومدرسته وبيت صديقه ثم يقررأن يذهب ليلقي نظره على بيت حبيبته ، يمشي طوال الطريق يغني الأغنية التي غناها مع صديقه كانت عينه تبكي وشفاهه تبتسم كلما تذكرغناء صديقه.

ما أن وصل حتى وقف تحت الشجره نفسها التى استلقوا عليها،وقف لوهلة فسمع أصوات سعيدة تخرج من نافذة حبيبته ،رفع عينه بترقب وخوف فالتقت عينيه بأعين حبيبته التي نظرت له برعب شديد وقلق .

وتوقفت الضحكات لتحول إلى صمتاً كئيباً وظلام .

طاطأ رأسه ومضي يجر قدميه بحسره وأكل الصمت كل ما حوله ليبقى وحيداً في الفراغ يكمل طريقه .

يصل الأن لوجهته لا يريد أن يلتفت وراءه فإنه علي يقين أن لا أحد تبعه فجميعهم أكلهم الصمت ولم ينجو منهم أحد !

يفتح بصعوبه  باب مقبرته الذي أغلقها وبداخله صديقه ليتنفس رائحة الموت ثم يلقي بنفسه إلي الظلام تاركاً وراءه غليونه العزيز !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!