رسالة مؤجلة/ بقلم : صالح بحرق

في ذلك يوم من ايام آيار، مايو،من العام 2000 ،عن للسيد هشام أن يذهب إلى مصلحة البريد والهاتف، كان يعتقد_ بعد أن اشرف على التقاعد_ أن شخصا ما من هذا العالم سيرسل له رسالة،يخاطبه فيها، وهو الذي طالما بعث إلى العديد من اصدقائه ومعاريفه رسائل مشابهة، وهكذا في ذلك اليوم من آيار انطلق بكامل قواه إلى مصلحة البريد لاستلام تلك الرسالة،في الطريق كان وهو يمشي يرى الأشياء على الطبيعة نافلة ومهزوزة وكأنها ستقع ويرى السيارات على الرصيف تهوي إليه أما سراجات النيون فيخالها ستقع على دماغه ويرى أن الجميع ينظرون إليه ويتبعون اثره وإذا ابصر اثنين يتحدثان فإنه يعتقد أنهم يتحدثون فيه كان يمشي مسرعا لكأنه يريد أن يختبئ عن الناس، وكان في نفس الوقت يعتقد اعتقادا جازما أنه سيجد في صندوق البريد رسالة له من شخص ما لا يعرفه لكنه قابع فيه ولهذا اسرع الخطى وتجاوز مخلفات البناء وعلب السردين وبقايا فضلات الأغنام وخطا بكل قوة إلى مصلحة البريد
كان الجو غائما،والحافلات تمر حاملة طالبات المدارس وعمال الشركات وكانت الأسواق عامرة بالبضائع وخالية من المشتريين وكانت نوافذ العمارات مشرعة على الطريق وكانت تمر بين وقت وآخر فتيات صغيرات بالموضة ،وقد دب فيه الاحساس من جديد وتخيل ماذا سيكتب له ذلك الشخص في تلك الرسالة،وهاهو الان قبالة مكتب مصلحة البريد والهاتف والناس يدخلون من الباب الرئيسي زرافات ووحدانا، تفقد هندامه وسوى من شعره واعاد تركيب نظارته التي تغطي وجهه واحكم بنطاله واستنشق هواء جديدا ثم دلف مسرعا إلى الموظفة قائلا هل من رسالة باسمي هشام عبدالحق
امهلني لحظة..اه لقد وجدتها..هاك ياسيدي
وحمل هشام الرسالة وخرج بها من مكتب البريد وقال في سره اخيرا تلقيت رسالة ياللعجب..
ومضى من فوره إلى منزله كان وهو يسير لايأبه لأحد الا لذلك الالم فيه والذي خوله ليغدو إنسانا طيعا سهلا يهفو إلى الشيء الذي يحبه فيدركه، وماان جلس على حافة السرير حتى فض الرسالة وبدأ يقرأ:
من هشام إلى هشام
تحية وبعد:
اعلم انك انت الذي يقرأ هذه الرسالة، انت وحدك أن هذه الكلمات أوجهها اليك انا نفسك تخاطبك لطالما صارعت في حياتك ياهشام أشكالا من العنت والتجاوزات والقهر وتغلبت على ضعفك مرات والان تظن نفسك وحيدا كلا أن لك إرثا من الإنسانية انت باق لم تتلاشى لا تهرب وتقول إن هذه الكلمات انا لم اكتبها ،كلا لقد كتبتها لنفسك وليس في هذا غضاضة كلا امض فيما تحب واترك الوهم عش يومك بسلام اعلم أن هذا الكلام يرتد مني فيك يخالج روحك فلا تبتئس وكرر نداءك للحياة
المرسل/ هشام عبدالحق.
قرأ هشام هذه الرسالة التي كان قد كتبها لنفسه واودعها صندوق بريده وشعر للتو بالزهو لانه مازال يمتلك طاقة تجاه الاشياء التي تسخر منه وإذ ذاك مشى إلى بغيته بثبات..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!