رفـــيــــــف / بقلم القاص والروائي الأردني توفيق أحمد جاد

 ..

 

ليلة حالكة عاصفة.. شديدة البرودة.. غزيرة المطر.. تهبّ الريح بقوة وكأنها تريد اقتلاع كل ما تجده بطريقها.. ثم تهدأ قليلا وكأنّها تستعد لجولة أخرى.. تمارس الكرّ والفرّ، بعد أن أعلنت حربها على هذه البلدة الوادِعة.

برق يستكشف أسرار أسوار الحجارة الممتدّة والمنخفضة.. ورعد يدكّها بلا رفقٍ ولا رحمة، غير مكترثٍ بوداعتها وطيب أهلها.

أوشك الحفل على الانتهاء.. وعين رفيف تعلقت بالمكان الذي يجمع العروسين.. وهي تسترجع ما كان لذلك الرجل الخفيّ، ذكريات لم تكن كلمات فتقرأها..

كانت سهامًا تخترق صدرها بدقةٍ لتصل لقلبها دون استئذان.. ولا حتّى فرصةً تمكنها من الانخفاض أو الابتعاد قبل أن تصيبها فتذبحها دون رحمة.

وكانت تسترجع تعلقها بمواقع التواصل على شبكة الإنترنت.. منشوراتها التي كانت تثير القرّاء وتساؤلاتهم، عمّا أخفته السطور.. ولم تقله الكلمات.

لم تكترث لصراخ أختها التي تكبرها بسبع سنوات.. كانت ترى نفسها جالسة مكان العروس، بينما عريسها الوهميّ، صاحب أرقّ ابتسامة يجلس بجانبها، وكل ما كان ينقصها هو معرفة اسمه، لتناديه حين يطول حديثه مع من تقدموا إليه ليباركوا له زواجه منها.

أمسكتها أختها من شعرها – وقد جاءتها من الخلف -وصرخت بها: ” أنت تعرفين أنّه علينا المغادرة منذ وقت، ولا أدري لم تتجاهلين ندائي! ولا تتذكرين أن والدتي أوصتنا بأن لا نتأخر أبداً، وقد ردّدتُ ذلك عدة مرات، هيا يا رفيف.. علينا المغادرة “.

امتثلت لأوامر أختها ومشت خلفها.. أختها التي كانت تتحدث إلى صديقتها التي جاءت معهما لحضور الحفل، لكنّ الموسيقى التي بدأ عزفها والخاصة برقصة تحبّها جدا جعلتها تتوقف وتنظر إلى الخلف.. إنهما يرقصان الـ ” سلو”…

يا إلهي! ما أجملها! لكنّهما لا يتقنانها.. كم أتقنها أنا وحبيبي!.. أنا وهو سنبدو كطائرين في فضاء شاسع، وسنهبط على أرض خضراء مملوءة بزهور حمراء وصفراء وبيضاء.. و فراش من كل الألوان.

شدّتها أختها سهام من جديد.. وكأنها تُخرجُها من حلمٍ عميق قبل أن تغرق فيه!

قالت لها سمر – صاحبة أختها – : ” هيا يا رفيف، ما بكِ وكأنك تجلسين أمام الكمبيوتر! أنت تتعلقين بأي شيء يعجبك ،ولا تكترثين للوقت  ولا للنداءات التي لا تتوقف أبداً.. ما بك!” ؟

” لا شيء.. لا شيء “.. قالت رفيف وهي تتوجه إلى باب الخروج بخطىً سريعة غير متزنة.

لقد كانت رفيف عصبية المزاج.. حادة الطباع.. سريعة الغضب.. تقطر أنوثة.. لها نظراتٌ تتسببُ بإرباكِ أعنف الرجال وأقسى النساء.. تُطلقها من عينين يعجزُ أمهر رسام عن رسمهما.. كما يعجز الوصف عن وصفهما!.

كانت تُتمتم بكلام غير مفهوم.. نظرت للعروسين للمرة الأخيرة، كانت تودّعهما بعينيها، وأسرعت تحثُّ الخُطا حتى وصلت الباب، ومعها أختها وصاحبتها.

وقفت رفيف في الداخل .. نظرت إلى مرآة أمامها كانت معلّقة على الحائط عند المخرَج.. بدأت تسرح وتتيه فيما خلق الله وأبدع .. فبدأت بتفقد هندامها وهيأتها وكأنها تتبّع خطوات لبرنامج محوسب .

ابتدأت بالنظر بإعجاب إلي تلك (الكعكة) من الشعر التي ترتفع فوق رأسها.. مدت يدها  إليها وكأنها تقول لها : “قَرّي يا تاج ملوكيتي”..

مدت يدها الأخرى لتداعب تلك الخصلة من الشعر التي تنساب على عينيها ، لتبعدها برفق وحنان حتى يتسنّى لها أن ترى من تلك اللوحة الجميلة ما أمكنها.. ابتسمت بلطفٍ وغرور لما رأت من جمالها، فأميط اللثام عن لؤلؤةٍ بيضاء ناصعة تحتضنها شفتان حمراوان، ومن شدة احمرارهما.. تحسُّ أن فيهما ناراً تشتعل.

أعجَبها كثيراً ما ترى.. ثم بدأت بنقل أصابعها على هذه اللوحة الجميلة.. وكأنها فراشة تنتقل من زهرة إلى أخرى..

بحركة سريعة ولطيفة نقلت يديها إلى تينكَ التفاحتين على وجنتيها ،فقد كانت تمسح عليهما بلطف شديد خشية أن تخدشهما أو أن تمزِج ما تلونتا به من ألوان وضعت بعناية واحتراف ، حتى بدا على وجهها ذاك اللون الأنثوي الساحر..

عادت تمسح بيديها على جبينها معتقدةً أنها تضيف جمالاً إلى ما تجمّل وتحسّن.. ثم مدت سبابتيها لتمرّ بهما على تلك الخطوط السوداء الرفيعة.. التي ربضت حاميةً وحارسةً لرموش سوداء طويلة، تمتد وكأنها مظلةً تحمي تلك العيون، التي حوَت من السحر والجمال ما يعجز عنه الوصف.

وبينما هي على هذا الحال، ابتدأت تعيد ترتيب ذاك الفستان الجميل الذي كان يكنس الأرض من ورائها .. فاجأتها أختها الكبرى بشدها بعنف وصوت عال : “تعالي هيّا!.. شو شايفة حالك!”.

وقفن ثلاثتهن ينظرن بدهشة إلى الماء الذي ارتفع.. حتّى غمر الشوارع والأرصفة.. يمنع المسير وقطع الشوارع.. كان المشهد مرعبًا.. فيضانات.. أزيز الرياح.. رعد ترتجف منه القلوب.. و برقٌ يكاد يشقّ الأرض!

رشقات المطر السريعة المتتالية والتي نالت من الواقفين على بوابة الخروج.. أعلنت عن ولادة حورية لتوّها تتحرر من البحر الذي سجنت فيه منذ زمن بعيد..

شعرت بسعادة غمرتها كما الماء الذي جادت به السماء.. لقد كانت أشبه بجمال لؤلؤة نادرة ووحيدة.. يلحظهُ أيّ مارٍّ حتّى لو كان أعمى.. يسرقه جمال رفيف المبهر.

وقفت سيارة سوداء فارهة.. ضوؤها يلامس الماء فينعكس على الأرصفة ووجوه المارّين بسرعة.

انعكاس ضوء الشارع والسيارات.. يجعل من السيارة المارّة، مرآة سحرية.

نزلت سمر ولحقت بها سهام.. وأسرعتا باتجاه السيارة، بينما تسمّرت رفيف في مكانها.

نادتها أختها وطلبت منها أن تسرع بالنزول.. تقدمت رفيف على استحياء.. غير مكترثة بغزارة المطر وما أصابها من بلل.. تقدمت.. ثم تسمّرت من جديد قريبًا من باب السيارة الغريبة.. رفضت أن تصعد إلى السيارة رغم إلحاح أختها وصاحبتها.

فقالت لها سهام: “ستزدادين بللا.. وهذا سيؤثر على فرش السيارة.. هيا اصعدي ! ”

قالت رفيف بصوت منخفض: “ما بدّي..”

ردّت سهام – بعصبية – : “ولماذا؟”

قالت: “هذا رجل غريب”

فخاطبها السائق بعد أن فتح نافذته : “هيا أيّتها الفتاة، ارحمي نفسك.. وارحمينا، واركبي بسرعة قبل أن تداهمنا الفيضانات من جديد”.

لم يكن بإمكانها أن ترد على رجل غريب حياءً وخجلا.. اغرورقت عيناها بالدموع.. ومنعها حياؤها من أن تتلفظ بكلمة واحدة.. خصوصًا أنها فهمت من أختها أن السائق “إبراهيم” يكون أخا صديقتها سمر.. فما وجدت بديلاً عن الركوب في السيارة.

في الطريق.. تساقطت دموعها.. أشعل إبراهيم ضوء السيارة الداخلي.. وناولها منديلا وقال لها: “جففي دموعك.. لا شيء يستحق البكاء”.. نظر إليها من المرآة نظرة ثاقبة تسببت بانحراف السيارة عن الشارع.

تكرّر هذا مرّات قبل أن يصل إلى بيت رفيف، وحين وصلوا، نزلت رفيف مسرعة، وانطلقت راكضة إلى بيتها دون أن تودع من كان برفقتها في السيّارة.

اعتذرت سهام عن طيش أختها، وتصرُّفاتها غير المقبولة، ونزلت من السيّارة بعد أن ودّعتهم.

في اليوم التّالي، قال إبراهيم لأخته سمر: “أليس من الواجب أن نطمئنّ على صاحبتيْك؟ هل تعرفين رقم هاتفهنّ؟”.

قالت: “نعم بالتأكيد” ..

طلبت له الرقم، وناولته السّماعة، كانت رفيف الأقرب للهاتف فردّت: “ألو؟”

إبراهيم: أهلًا ، هل حضرتك الآنسة رفيف ؟

رفيف: “من أنت لطفًا؟. ومن تريد؟”.

إبراهيم: “ألَستِ الآنسة رفيف؟”.

رفيف: “بلى، من أنت لطفا؟”.

إبراهيم: “أنا إبراهيم.. أما زلت تبكين ؟ أرجوك ألّا تزعجي نفسك من غلاظتي في الحديث.. فكل ما أريده هو أن أُدخل السرور إلى قلبك”.

رفيف: “أنا بخير، اطمئن”، وأغلقت الهاتف.

كانت تجلس أمام حاسوبها، وقد مضى على ذلك وقت طويل ..سبع منشورات ولم يظهر ذلك الاسم المستعار.. ذلك الوهم الّلذيذ.. أين أنت أيها الجميل!.. كادت أن تبكي لولا أنها تماسكت، وقد سمعت جرس الباب يُصدرُ موسيقاه الشّاعريّة.

لم تصدق أنّ مَن يقف بالباب هو إبراهيم ترافقه أخته سمر.. رحبت بهما وقامت بإدخالهما المنزل.. نادت والدتها، ثم عادت تهرول إلى غرفتها!

قال إبراهيم لوالدة رفيف: “رأيتُ رفيف أمس، كنت ذاهبًا لإحضار أختي، فكان من الواجب أن ترافقنا سهام.. وأختها رفيف.. لقد كان الطقس عاصفًا وماطرًا، قمت بإيصالهما، رأيت الآنسة رفيف، ولا أخفي عليك سعادتي بأن أتقدم لخطبتها! “.

قالت والدتها: “أنت تعلم أن نتائج الثانوية العامة قد أُعلِنت منذ أيام، و رفيف تريد أن تكمل دراستها الجامعية، لقد حصلت على معدل بتقدير جيد جدا”.

قال إبراهيم: “وانا أرغب في ذلك.. أريدها أن تكمل دراستها الجامعية”.

بعد أيام ثلاثة أوقفت رفيف حسابها على الفيسبوك.. حبست دمعة قوية كادت أن تفيض من عينيها.. حين أبدت موافقتها على إبراهيم، الذي بدأت تحس أنها مشدودة إليه.

لم  يمر سوى بضعة أيام عليهما.. ثم عُقِد القِران.. ومن ثم الزواج.

كانت دهشة إبراهيم كبيرة.. حين طلب من رفيف تجهيز أوراقها لتقديمها إلى الجامعات.. لكنّها رفضت وقالت “ما بدّي”.. كلمتها المعتادة.. والّتي لا يمكن أن تتبدل.

فأخذ إبراهيم أوراقها الثبوتية لترافقه إلى الدولة التي كان يعمل بها، وقد تم ذلك بكل يُسر.

مرت سنوات ورفيف تعيش بسعادة مع إبراهيم.. وقد أنجبت منه ثلاثة أولاد.. وصبيّة تشبه والدتها كثيراً.. لم تشعر للحظة أنها غير سعيدة.. إبراهيم لا يرفض لها طلباً.. ويعاملها وكأنّها ملكة وهو خادمها.. كانوا يعيشون بانسجام مع أولادهم.. لا شيء ينغّص عليهم حياتهم.

كانت محطتهم الأكيدة وسكنهم الجديد مدينة العقبة، بسبب عمل إبراهيم، الذي أجبره على التنقل في دول الجِوار ومدن كثيرة.

والعقبة كانت خِيارًا جميلا.. مدينة سياحية.. بحر وشاطئ.. وأشياء كثيرة!

ورغم كثرة الملهيات.. لم يمنعها ذلك من الدخول إلى “الفيسبوك” ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.. والعودة إلى هوايتها القديمة في الكتابة..

لها الكثير من المعجبين الذين يشجعونها بأجمل التعليقات.. فشعرت بسعادة مضاعفة تغمر حياتها.

لم يمضِ الكثير لتلاحظ أن هناك نوعًا من الكتابات تعرفها جيدا وتحفظ أسلوب صاحبها في التعبير.. تمرّ من أمامها مرات ومرات.. كانت تقرأ و تراقب.. تريد أن تتأكد أنها على صواب.. وأنّ قلبها يصدُقها كعادته.

كانت المفاجأة.. أنها أصبحت تقرأ المنشورات تحت اسم صريح.. “هاني”.

لم يكن الاسم مستعارًا كما في الماضي.. خطر ببالها أن تُرسل له طلب صداقة، لكنّها تردّدت!

وذات صباحٍ أمطرها بـ “إعجاب” مباغِت.. جعلها ترتجف.. لكنّها تماسكت.. تذكرت أنها امرأة متزوجة وأم لأبناء في سنٍ حرِج، ولن يحتملوا منها أي تصرف أهوج.

غابت عن “الفيسبوك” لثلاثة أيام متتالية.. وحين عادت، وجدت طلب صداقة.. كان هو من بادرها.. كان هاني!

وقد وضع صورتها الشخصية، والتي تُظهر حقيقة رجل في العقد الرابع من عمره!.. نال البياض من معظم سواد شعره.. فابتسمت.. لكنّها قالت في نفسها “أنسيتِ أنكِ في العقد الثالث أيتها المأفونة.. فأي فرقٍ تجدينه مضحكاً! “.

لم تتمكن من إيقاف إصبعها.. وضغطت “قبــول”.

وعادت إلى نشاطها السابق.. تكتب فيعلّق.. ويكتب فتعلّق.. وهكذا.. حتى كتب لها رسالة يطمئنُّ فيها عن أحوالها.. ردّت على رسالته.. سألته عن الصورة والاسم.. فقال أنها صورته فعلا.. وأن هذا اسمه.

ذكّرها بالأيام الخوالي.. فما كان منها إلا أن أعلنت عن شوقها له.. وعن الأيام التي قضتها في البحث عنه.

قال لها أنه.. يحبها، وأنه.. لن يتركها.

قالت له إنها.. ستموت إن تركها، لأنها تضمر له من الحب ما لا يُحتمل،

بدأت رفيف تعود إلى عصبيتها.. وبدأت تتساءل في سرها، كيف تنهي حياتها هنا.. وقد بنتها مع إبراهيم لحظة بلحظة.. ويومًا بيوم؟ أيّ أنانية تقترِفُها، إن فعلتْ ذلك وانفصلتْ عنه وتركتُ أبناءها!.. ماذا أفعل؟.. ماذا أفعل؟.. ماذا أفعل؟.. صرخت.. وانهارت!

بكت كثيرًا وكل الحلول تبدو مستحيلة.. وكل الطرق سدّت بوجهها.

لم يكن حال هاني مختلفًا.. رجل متزوج وله أسرة وأبناء.. لكن، ماذا يفعل أمام حبٍ لا يتركه لحظة، إلا و دقّ أبواب ذاكرته وتفكيره؟

ذات يوم اتصل بها ،لم تكن المكالمة طويلة.. بل كانت مقتَضبة وسريعة.. أصدرت من خلالها رفيف أوامرها إلى هاني.. و هاني لم يجد طريقة أو منفذاً للهرب.. بل كان يرغب في ذلك!

هي: هاني، اسمعني جيداً.. أريد أن أراك، وعليك أن توافق وأن ترتب لذلك.. هي خطوة مجنونة لكن، لا بدّ منها، وربما تطفئ نارنا التي تأكلنا كل لحظة.

هو: حاضر.. سأعمل على ذلك قريبًا.

بعد عدة أيام كانت تقلّب صفحاتها على شبكة الإنترنت.. حملت هاتفها واتصلت به.

ظهر رقمها دون اسم .. فقد كان يحفظه برأسه.

هاني: ما الذي دفع حبيبتي للاتصال!

رفيف: لا أعرف.. لكنّني اشتقت لك وأردت سماع صوتك.

هاني: مفااااجأة..

رفيف: ما هي؟ أرجوك قل لي ما هي!

هاني: ساعة و أكون في العقبة، والصحيح أنني جئت بعمل.

رفيف: إذن، لو لم أتصل، لما أخبرتني!

هاني: بل رتبت كل الظروف لرؤيتك، وأحببت أن أفاجئك .

رفيف: هاني.. هل ما تقوله صحيح؟

هاني: نعم صحيح.. ساعة واحدة وأكون في العقبة.. أنهي عملي وأتفرغ لك.

رفيف: بل سأراكَ قبل أن تفعل أيّ شيء.

هاني: ..يا حبي..!

قاطعته رفيف قائلة: “سأراك قبل أن تفعل أيّ شيء”.

هاني : حاضر حبيبتي.. سأتصل بك عند وصولي.

بدأت العصبية تظهر على تصرفات رفيف.. فالانتظار أحد نقاط ضعفها.. بل و أقواها.

مرت نصف ساعة وهي تفكر باللقاء .. وكيف سيكون.

توجهت إلى مرآتها.. وأخذت تجرب ألوانها الكثيرة، وما يناسب هذا اللقاء وهي تسترجع ما كان يقوله عن الألوان وما تفعله النساء.

جرّبت كل ما تملك من فساتين وألبسة مختلفة..

انتبهت إلى الساعة.. لقد مضت الساعة و زادت خمس دقائق..

أمسكت بهاتفها وأخذت تنتظر.. مرت ساعة وعشرة دقائق ولم يتصل!.. ربما الطريق مزدحمة..

ساعة وربع الساعة!.. يبدو أنه أخطأ في تقدير المسافة.. هاني سيأتي بالتأكيد..

ساعة ونصف!.. هاني أرجوك لا تفعلها.. لا تكذب على امرأة أحبتك دون أن تراك.. أرجوك اتصل بي.. أنا بانتظارك.

اتصلت به.. ثلاث مرات..

ولم يجب!

لم فعلتَ هذا يا هاني.. لم كذبت عليّ!…

سأتصلُ للمرة الأخيرة…. وأخيرًا جاءها الرد

– الو؟

– مرحبا، أنت لست هاني. أين هاني؟

– عفواً، أنا لست صاحب هذا الهاتف.. ولم يظهر اسمك على الشاشة.. فقط ظهر الرقم.

– نعم نعم.. لا بأس.. أين هاني؟

– لا أعرف من هو هاني.. لكن على ما يبدو أنه صاحب هذا الهاتف.

– أرجوك.. أين هو؟ ولم الهاتف معك؟ هل حصل له مكروه ؟

– الهاتف معي لأنّني أبحث فيه عن أسماء معروفة. أنا أحد رجال الدفاع المدني، ويؤسفني أن أقول لكِ أن الرجل عمل حادثًا، و لقي فيه حتفه..، هل بإمكانك أن……

انقطع الاتصال.. غاب صوتها.. وبدأ يسمع……

طوط طوط طوط .

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!