عبق الورود !/  بقلم : يوسف بولجراف

عندما كانت الأرض عذراء ، ولا يزال  يخرج منها  البخار !  يجوبها  الإنسان  كما لو أنه فوق  السحاب ، وتدفقات الينابيع في كل مكان  وأصوات أنفاس الأرض مندمجة مع أصوات  المخلوقات الأخرى العجيبة  كل هذا يشكل سنفونية من سنفونيات  الطبيعة  الحرة ،  والتي لا نسمع عنها إلا في الأساطير ،  صحيح  كل أسطورة  فيها شيء من  الحقيقة ،  فتلك المرحلة  الأولى هي  مرحلة التعافي بعدما مرت بالأرض مخلوقات خطيرة  قبل وجود الإنسان  ،  أخطرمن البشر ،  تشن  الحرب على بعضها  البعض  حتى انتهى بها الأمر إلى الفناء  ، مخلوقات لم تدرك  قيمة  جنة  الأرض التي  كانت  فيها ! و بعدما  جاء الإنسان و مرت  العصور.. حتى العصر ما قبل الطباشيري الأول    بداية عصر الأساطير  و فيه كانت  قبيلة تعيش فيها النساء فقط  بمفردهن ،من عاداتها  عندما  يبلغن سن الزواج    يذهبن إلى قبيلة الرجال التي لم تكن بعيدة عنهن  إلا بمسافة صعود تل و نزول  سهل و نهر و منبع ماء حيث يتدفق  شلال بخيوط فضية   في بحيرة   ثم سهل  فقبيلة الرجال ،  للعثور على زوج مناسب لكل فتاة  ولكن قبل وصولهن   هناك  ليس تقليد فقط  قررن الإستحمام على مشارف البحيرة قرب  الينبوع  ! يسترحن و يتزين وليبدين   في أجمل صورة  و كل هذا كان تحت أنظار  هيرا إلهة الغيرة ! كانت  ترصدهم من فوق بالدرون ، جمالهن هيج مشاعرها و استشاطت غضبا   فأرسلت رسولها    وضع  على ملابسهن   بجانب النهر  مسحوقا سحريا ، حين خرجن من النهر كل واحدة منهن همت تلبس تحولت إلى زهرة ، هكذا بساطة  حولتهن  جميعا   إلى ورود  وأصبحن  حديقة جميلة بكل أصناف الورود و الزهورعلى ضفاف تلك  البحيرة !

رجال القبيلة انتظروا طويلا و هم يترقبوا  قدومهن فمن عادتهن الحضور في الموسم بالضبط ،  !  تسائلوا  عن سر التأخير و تخلفهن عن الموعد !  قال  شيخهم : ربما كانت هناك قبيلة أخرى  من الرجال   غيرنا و ذهبن إليها !؟، كل هذا رصده أيضا  درون أفروديت إلهة الحب  ،علمت  ما حدث فجاءهم الرد بسرعة ،أرسلت إليهم  رسولا    يبلغهم  الحقيقة  و معه طريقة  إبطال سحر هيرا  ! إتجه الرجال نحو الينبوع حيث الحديقة  فكان كل رجل  ينساق  إلى وردته بعبق عطرها الخاص   يلامسها ويشتم رائحة العطر الذي يغزوها ، فتعرف أنه  الحب  مصيرها  لتعود  مرة أخرى كما كانت إمرأة  برائحة عطر تلك الزهرة الجميلة ،  هكذا عادت   كل واحدة منهن يلمسها  من تكتب له حين  تستشعر حقيقة مشاعره الصادقة و حبه لها  كما كانت ! و هكذا أيضا  أصبحت  الورود والزهور  مرتبطة إلى الأبد  بالحب و في كل وردة  قصة إمرأة و في كل عطر  وردة   إمرأة يحبها   رجل في  قلبه  تلك  المرأة التي يعشقها  ! لأنه في البداية ، كل زهرة هي امرأة من الورود ، وبعدها ولدت أسطورة المرأة الزهرة كما تخيلتها لكم  الأسطورة  ! لأنه في الحقيقة   هههه من يعرف كل الأساطير ، نحن !! باستثناء   ذلك   الشخص في الشارع الذي يسير وينظر  فقط إلى هاتفه المحمول.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!