قرار/ بقلم الدكتورة المغربية بلقيس بابو

 

 

استيقظت  فجرا  هذا  اليوم ،  لا أقوى  على  النهوض  من سريري ، فقد كانت  ليلتي مضطربة، مؤرقة.

لملمت  بعضا من أشلائي   توجهت الى  ذاك الركن  من الشرفة المُطِّله على  الروابي  الجميلة  المكسوة ببساط  من  العشب الأخضر معلنة انبعاث  الحياة.

حتى هدير  الموج المتكسر  على  السفح  الذي  طالما  بعث فيَ قوى الأمل و الصمود  يبدو الآن  بعيدا  جدا…

جلستُ على الكرسي الخشبي المتأرجح و نسمات  الهواء  الباردة قبل الشروق  تلسع  وجنتي..

كنتَ أوَّل شيءٍ أفكر  فيه  والصدق أني لم أتوقف أبدا  عن  التفكير  بك،  اعترتني مشاعر  متناقضة  من  الحب والغضب ، من الحنين و النفور ، من الشوق  و  الكره، أحاسيس  متداخلة  لا تزيد إلا  عتمةً الظلام الذي مازال يطبع المكان.

صارت تلوح  في الأفق  أولى أشعة الشمس،  ومع  انتشار  دفئها  اتخذتُ قراري ؛ لن أكلمك  بعد اليوم ، لن أكتبَ لك الرسائل ، لن  أحبك  بعد الآن..

منذ اليوم ، لا وجود لك  بين  تفاصيل حياتي ،   حسمتُ  أمري  و لا يمكن لامرأة  مثلي  أن  تتراجع  أو تتوانى …كيف  نستمر  في  محاربة القدر  الذي  لم  يشأ  أن  نكون  معا ، كيف نصر  على الوصل  الموهوم، كيف  نصدق  الهوس  و نجعله حقيقة؟

كيف  نتنازل  عن  قناعاتنا  و عن كبريائنا  بهذه  السهولة؟  من أجل ماذا ؟   من أجل  قلبٍ  خفق؟ من أجل  نبضة  يائسة  مجنونة ..

ربما  يشاء  القدر  أن  يفرِّق  بين  أرواح  مؤلفة  وتصِّر   القلوب  أن تتعلق  بما  ليس لها،  تتألم  و  تعيش في وحدتها و خيالها  أجمل الأحلام لعلها ترتشف ولو بعضا من النشوة.

متعبة  أنا هذا  الصباح ، تعبتُ  من نفسي، من  أفكاري ، من  قراراتي،  من عيوني  الدامعة  في الخفاء..

مللتُ من  أنصاف الحلول ، و أنصاف المشاعر ، ونصف  الحضور…

عِفتُ   أقلامي و دفاتري ، تبرأت من كل  القصائد المكتوبة من أجلك ..

من غيرتي عليك ،  من رغبتي أن  تكون لي  … كرهت  وخز  الكبرياء…

ملا محي  الهادئة  هذا  الصباح  و سُكُوني في هذه الزاوية  يخفي كل الصراعات  التي  تحتدم  بداخلي بلا  هوادة ، تتستر  عن  الكثير  من الضجيج  في رأسي …

تشربُني القهوة و تقرأُني الجريدة  و أنا  أسأل  نفسي  كيف  سأتخلص  من أغراضك  المتبعثرة  هنا و هناك، كيف  سأنسى ذكرياتك  المعلقة على الجدران ، كيف  سأُسكِتُ  صوتكَ  المرفرف  على  ناصية  الشُّرفة..

رنَّ  الهاتف وتمايلَ حتى  كاد  أن يسقط من فوق الطاولة ،  كان قلبي قد وقع قبله…

-آلو ؛ صباح الخير حبيبتي ، انتظرك أسفل البيت ،  انزلي  نذهب سويا لتناول الفطور؟

– بضع دقائق وأكون جاهزة….

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!