ليلى وحكاية الألف ليلة وليلة(الجزء الرابع)

لصحيفة آفاق حرة 
*************

بقلم: عبدالباري المالكي

 

رنّ جرس الهاتف فرفعتُ سماعته …

– ألو … تفضلوا .

– الو ..نحن من مكتب إدارة الشركة  التي تعمل به  .

– أهلاً وسهلاً … هل حدث شيء ؟

– أستاذ … إرتأت الشركة أن تنقل خدماتك الى فرع البصرة .

– حقاً … لماذا ؟

– أرجوك … عليك ان تكون في البصرة مطلع الأسبوع المقبل .

 

أقفل المتحدث السماعة …وانتهى الامر بهذه العجالة …

كانت هذه صدمة كبيرة بالنسبة لي … كيف لي ان أنتقل الى فرع البصرة لنفس المصنع ، وليلى تعيش في قلبي وتسكن في سويدائه …كيف لي ان أترك ليلى في بغداد وأرحل بعيداً عن عينيها .

ليست عيناها هو ما يهمني فحسب ، بل إن كل مافيها يعنيني كثيراً ، إذ  لم تكن عيناها الجميلتان إلا مدخلاً لكل شيء فيها ، لكل جزء فيها ، بل لكل خلية فيها .

إذ  لا عينين واسعتين كعينيها ، ولا أنف مدبباً كأنفها  ، ولا وجنتين أشد تورداً من وجنتيها،  ولا شفتين أندى من شفتيها ، ولا حاجبين قطّ أدق من حاجبيها  .

كل شيء فيها جميل ، وكل شيء فيها ينادي بالرقة ، وكل شيء فيها يصرخ بالأناقة والسموّ .

ربطتها الوردية ، وسترتها الخضراء ، وقميصها الأبيض ، بل كل تفاصيل ملابسها تعجبني وتثير بي كل كلمات الغرام .

ليس هناك امرأة أجمل من ليلى ولو اجتمعت كل الليلات قبالتها ، حسْنُ ليلاي يغلب كل ليلى في هذه الأرض ، وأناقتها تفوق أناقة كل ليلى ، ورقتها لاشبيه لها ، وصمتها الشفيف يوحي بأنها أعفّ نساء الأرض وأطهرهن على الإطلاق .

رحت أصرخ بما أمكنتني قدرتي …

ليلى … أعشقكِ عشق الأرض للمطر …

ليلى أعشقكِ عشق الظامئ  الى نبع غدير .

ليلى أنتِ كل ماتبقى لديّ .

لاتغادريني ياليلى لإني حينها سأجنّ أو أموت .

 

وهنا توقفت قليلاً عن الصراخ وخطر لي في نفسي ان أتصل بليلى وأخبرها بما جرى  .

قلت في خاطري إنها ستموت ألماً وكمداً بكل تأكيد .

…………………………………………………………..

حين دخلت ليلى البيت وجدت والديها بانتظارها وهما يلومانها على تأخيرها، إذ كانت معي في المقهى وهما لايعلمان …

قال الأب :- ليلى اين كنتِ ياابنتي ؟ لقد تأخرتِ .

ليلى:- في السوق ياأبي … ماالأمر ؟

الأم :- لقد انتظرناكِ كثيراً ياليلى .

ليلى :- مالأمر ..؟ هل ثمة شيء لاأعرفه ؟

الأم:- نعم ..هناك مفاجأة جميلة لكِ ياليلى .

ليلى:- وماهي هذه المفاجاة ؟

الأم :- إنه أحمد … جاء يخطبكِ هو وأهله ، لكنكِ تأخرتِ فذهب بعد أن أعطيناه الموافقة المبدأية .

ليلى:- ماذا !؟؟ أحمد يخطبني !! انا لن أتزوج الآن ياأمي وانت تعلمين ذلك .

الاب :- لماذا ياابنتي ؟

ليلى :- أبتي أرجوك ..اتركا الأمر الآن …لست بمزاج جيد للحديث عن الزواج  …

الأم :- الأمر ليس بمزاجكِ ، إنه شاب لطيف وعنده كل المؤهلات ، إنه طبيب رائع ، ولديه من الأموال ماتتمناه كل فتاة ، ولديه مستشفى خاص به وأكثر من بيت ، ماذا تريدين أكثر من ذلك ؟

ليلى :- أريد قلبي .

الأب :- ماذا تعنين ؟

ليلى :- قلبي هو من يختار  شريك حياتي … وانتما  تعلمان ذلك جيداً .

الأم :- تقصدين ذلك الرجل .. (جعفراً)  !؟  ذلك الرجل الفقير ؟ ذو النشأة البيئية الشعبية جداً !!  هههه ، هو لايملك بيتاً ، ولا سيارة ، إنه موظف بسيط !! أليس هو ياليلى ؟

ليلى :- أماه … أرجوكِ ، الرجل لايعاب بقلة ماله ولا ببيئته ، بل يعاب بشخصيته .

الأم :- ليلى …اسمعيني …قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ، إنتهى الأمر وانسي جعفراً ذاك ، سيأتي أحمد مع أهله الأسبوع القادم وننجز كل شيء .

ليلى :- لن يحدث ياأمي اي شيء من هذا .

دخلت ليلى غرفتها وهي تبكي بدموع حارة جداً وقد أحست أن انفاسها بدأت تتصاعد شيئاً فشيئاً ، وان الدنيا ضاقت عليها رغم سعتها ، وأنها لا تستطيع أن تكف عن البكاء ، بل ولا تقدر على غير النحيب .

بدأت تذرع غرفتها جيئةً وذهاباً من هول ماحدث اليوم ، فجأة تذكرت ذلك الدرويش  وما أخبرهما به اليوم عند المقهى ، تذكرت كل كلمة قالها لهما وهي ترتجف من كل ماتتذكره ، تذكرت ماقاله هذا العراف عن زجاجة العطر وفألها السيء

:- ياالله … أحقاً أن السبب هو زجاجة العطر هذه ؟ مستحيل ذلك .

وكيف لجماد مثل هذه الزجاجة ان يفعل مايفعله بقدرنا ومصائرنا …لا أصدق .

فكرت ليلى أن تتصل بي وتخبرني بكل ماجرى لها مع أبويها ، لكنها تأنت قليلاً وخشيت أن تقتلني بهذا الخبر السيء الصادم .

بدأت تحدث نفسها ماذا تفعل أمام إصرار أبويها بالزواج من رجل لاتحبه ولاتأنفه حتى ، وكيف لها  أن تخبرني بهذا الخبر وبأي طريقة يمكن ان تقوله لي ، بل  بأي فؤاد ميت حينها سأجابه هذا الخبر القاتل .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!