“متى يعود النورس؟”/ بقلم:عيشة صالح( اليمن)

أنا ابتسامة ضائعة في سرداب الحياة، تائهة بين شك ويقين، ها أنا ذا أمد يدي إليكم، أنفض عني غبار التيه، خذوني إليكم، أضيء وجوهكم، أنام بين شفاهكم. ذاك الشاب المفعم بالحياة، راودته ليرتضيني بين شفتيه، فأصبح بي أكثر وسامة وهيبة، بات سعيداً مستكيناً، لم ألبث كثيرا إذ نفضني بشدة، أعيتني محاولات التشبث، ما زال بي حتى قذفني، قذفني بعيداً، ركن إلى الشك والحيرة، ليرقصا على قسمات وجهه، فإذا تعبا ناما بين جفنيه.

غازلت وجها، له إطلالة زهر التوليب، والتفاتة ملاك، هي الأنوثة، لا تكتمل إلا بي، أدركت ملاذي إذن، على شفتي تلك الناعمة، هل أكون رفيقتك كي أغتسل كل يوم بطهر شفتيك؟ كانت بي سعيدة وكنت بها أسعد، أحسست بعد حين أني أتلاشى وأذوب، خفت الانتهاء، ما بالك أيتها الجميلة؟ فداك كل شيء، لا تضيعيني وقد وجدت ملاذي بين شفتيك، أطل القهر والخذلان من عينيها بأقبح ما يكون، سخرا مني، انتهراني، اذهبي أيتها الابتسامة الضائعة، لا مكان لك ونحن هنا.

في رحلة الضياع، ناداني الأمل، عرجي إلى حيث النقاء والبراءة، إلى وجوه طرية، وشفاه، ندية، وعيون يملاؤها النور والصفاء، إلى وجوه الأطفال، ما أشقاني! كيف غفلت عن ذلك؟ إنهم الأطفال خلقوا للسعادة والحب والأمل، أيها الأطفال هلموا إلى السعادة، ارسموني بين شفاهكم، لا يليق بوجوهكم  سوى الابتسامة، أنا من زدت جمالا من جمال شفاههم، زدت تورداً وتألقاً، كنت أجمل على وجوه الأطفال، نمت على شفاههم مطمئنة، لا ضياع بعد اليوم، قلته في نفسي قبل أن أُنتزع في لحظة، ويلقى بي على قارعة الضياع، ماذا هناك؟ لِمَ يُحرم الأطفال من أن تنام الابتسامة على شفاههم هانئة؟ أكل تلك البراءة لم تشفع؟ يطل الخوف من عيونهم هازئاً، ابقِ إلى جانبي إن استطعتِ، ولن تستطيعي، هل رأيتِ يوما خائفاً سعيداً؟

من جديد ابتسامة ضائعة، هائمة على وجهي،  ألتمس الطريق، أخشى الفناء، شدني منظر النوارس المحلقة في السماء، ها هي في موسم هجرتها، تستعد للرحيل، أخذني أحدها وخبأني في قلبه.

 

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!