محطات ضخ الزمن : الحلقة السابعة عشر محطة سيزيف 

 بوسف بولجراف

مش   بتبطل لف الدنيا ولا هتبطل لف ،، ده اللي يبص لحال الدنيا يضرب كف بكف.. مش بتبطل  لف ،، الدنيا ..مش بتبطل  لف

،  إنطلقت الرحلة  في جو غنائي   يذكر  لورين و دارين بالزمن   الجميل  . يتشاركان كلماتها و لحنها و  على  شاشة الالة   تظهر لقطات من مسلسل لا يا إبنتي  العزيزة  للكبير عبد المنعم مدبولي  و هو يقوم بدور القطار تو توت تو توت توتو توتو تو توت

قاطعهم شريف : أ توه توه ! يبدو أن الآلة تاهت !

بدا له أن الرحلة إستغرقت أكثر من وقتها و طال السفر أكثر من الرحلات الأخرى ،

طلب تفسير من الآلة ؟ فاجبته  أن السفر إلى سيزيف ليس سفرا عاديا حيث يعرف المكان بالضبط ، فهذا  سفر  إلى الأرض لكن في أرض أخرى نفسها الأرض قرينتها   عالم   موازي ! و في نفس الوقت  يجب البحث فيه عن الزمكان  بالضبط ..

سألتها دارين لكن الأسطورة تقول أنه يتواجد في الأرض في وقت ما !

أجابت : نعم  الأسطورة تقول !!!   لكن هذا  قبل العقوبة الإلهية التي سلطت عليه كما اللعنة  ! أي قبل أن يصبح أبديا ،

منذ متى كانت الحياة الأبدية لعنة !!؟

نعم يضيف شريف : هذا قبل أن يضحك على ذقن إله الموت و يخدعه حين  كبل عزازيل في لعبه السحرية  ، ليصبح بعدها  كل من في الأرض أبديا ،  بالأحرى  يفقد عزازيل مهمته الرئيسية ،فجاءت  إذن هذه العقوبة !

_ لورين :  إنه بالفعل ماكر لكنه مكر جميل أراد أن يحرر كل من في الأرض من عزازيل

 

دارين : هذا جنون ! تصوري لو بقي كل من في الأرض حي منذ أن وجدت !

يضحك شريف ،   هو الآن لا عزازيل  ولا بزازيل  لكن هذا فقط  غيض  من  فيض للآلهة !قبلها كان قد   أفشى بسر المغامرات الغرامية لأحد الألهة

سيزيف أراد تغيير جدري لهذا النمط من الحياة إنه  بهذا الفعل لو نجح  ل كان أعظم ثائر يعرفه التاريخ لأنه  يهدم إحدى أهم بنيات الحياة

دارين : أنا   معجبة بشخصيته جدا ، أرى فيه  شجاعة قبل هذا  الحكم  في حقه ! خداعه  هذا أظهر أنه أذكى من الآلهة  ، تقاطعها لورين : حتى هذا الحكم عليه فيه ذكاء منه ، كما أنه هو من أراده و  مبتغاه !

تعتقدين فعلا هذا لورين ؟ يستفسرها شريف ، من يقبل حكم بعذاب أبدي  و عمل  تافه   عبثي   يجري على وثيرة  واحدة و يعاد  كل مرة دون هدف و دون نهاية، دوامة متاهة  يعرف أنه لن يخرج منها !

– يعرف ؟ نعم يعرف لأنه ذكي

– أعتقد لا يعرف ،لأنه عنيد

– حين نصل إليه اسأليه !! لا  أدري لماذا  أخذكما هذه الرحلة أنتما لا تعرفان  سيزيف سوى مفتول عضلات يدفع بصخرة

– من قال هذا ! تجيبه لورين ، أنا قرأت قصته و  عرفت أنه مجرد أسطورة ،

نعم  هي كذلك و  لما   ترمز؟  لكل   أسطورة   مغزى !؟

بعيدا عن   ماكتبه ألبرت كامو ، هي ترمز للمقاومة بشكل أو آخر

تقاطعهما دارين ، أنا أرى فيه إنسان قوي كومة عضلات لم تتاح له  فرصة التعبير عن مشاعره ، لأن لا وقت لديه ، و هذا  هو  المغزى الحقيقي ! الإنسان كيفما كان إذا لم يجد وقتا لنفسه و التعبير عن مشاعره اتجاه محيطه ، سيصبح نفسه صخرة !

إذن هو الآن أصبح صخرة تدفع صخرة !  مافهمت منك ، أحيانا الصخرة تكون فكرة ندفعها في عقولنا ثم حتى  نصل بها إلى القمة  تتدحرج ،

دارين  تكمل   الفكرة ،  نعم ، الإنسان يحتاج لتليين أحاسيسه و تلطيفها وتهذيب   الروح و تربية النفس على الحب،  أين هو من هذا  في دفع صخرة طول حياته  دون فائدة أو وصول و   أين هو الحب في حياة سيزيف ، طول حياته يدفع بالصخرة أعلى ، ثم حين تنهار قوته على مشارف القمة  تدحرج أسفل ، فيعود دون يئس أو كلل إلى السفح ، و في طريق عودته يجد معيقات و لو دون صخرة ، طيور و وحوش تهاجمه ، تمنعه النزول !

_ حسنا  لنفترض أنه أوصلها إلى النهاية ! ماذا بعد ههههه

لكن ليس هذا ما فهمه كامو !  اعتبره إنسانا سعيدا  رغم كل هذه العبثية

أنا أقول رأي كامو يخصه فهو يلائم إيديولوجيته  ! لو سألنا أي فيلسوف سوف يرى في سيزيف ما يوافق مذهبه ! و لن نصل إلى حقيقة سيزيف ! لذلك أنا ارتأيت أن نذهب إليه و نسأله بطريقتنا !

المهم إنتبه لآلتك ، قل أين وصلنا ،هل   سنبقى   هكذا ! طالت الرحلة كثيرا و الأكسيجين ينفذ !

 

(الآلة تبحث لورين ، لقد قامت في كل أرض تصلها  بتحليلها للجو حتى تصل إلى حيث لا تموت الكائنات الحية فيها !)  تكتب الآلة

– إذن لو وصلنا إليها سنصبح مثلهم ؟

لا أدري ! اسأليها ، ضحكت الآلة !( تريدين أن تصبحي أيضا مثل سيزيف !)

دارين : و من يكره ذلك ، لكن دون دحرجة الصخور ! هذا عمل من إختصاص الرجال !

شريف :و ماذا تريدين فعله في هذا الأبد  و ما  اختصاصكن  !؟

الكثييير الكثير من الأشياء ،أجابت لورين و دارين في نفس الوقت !

شريف يضحك : و منها شوبينج ! أذكركما أن  في الأرض الأبدية ، توجد  الصخور و تلك الوحوش  يتحارب معها سيزيف عند النزول إلى السفح !

الأرض الموازية بقيت على حالها عذراء بوحوشها  و خيراتها الطرية.

_ وصلنا !

– و أخيرا

أين هو سيزيف ؟

لا توجد أي صخرة في طريق الجبل ! هناك إنها في الأسفل

اظن أنه سيكون نازل الآن !

أنظر حيث تحوم تلك الطيور العملاقة  و تغطي الرؤية  ،

_  إنها تمنعه من النزول ! هل نساعده ؟

استدركت الآلة الجواب بسرعة : حذاري مساعدته ، دعوه و شأنه ! هو  قادر كما العادة على مقاومتهم فهذا جزء من حياته الأبدية الآن !

تلك الطيور تدخل في الخطة  مرسلة من الآلهة ،  إنها تشبه طيور الفينيق !

هي بالفعل طيور الفينيق ، وتنبعت من رمادها

،حسنا اذن :  ننتظر قدومه في هذا الممر ريتما ينتهي منها !

نزل شريف أولا   يحاول  مسح المنطقة ،فجأة و دون أن يدري بدأت  تلتف عليه حشائش الأرض ثم أمسكته عروق الأشجار ،إنتفظ و  حاول أن يتخلص منها لكنها أحكمت قبضتها عليه كالحبال ، و بدأت  الأشواك  تدخل جسده من كل جانب ، لحسن حظه كان لا يزال تحت رعاية الآلة ، التي أخرجت لأول مرة سلاحها و فكت وثاقه  خلصته من الفخ  ثم  أدخلته بسرعة  ،  كان كله   جروح و كأنه خرج من إحدى الحروب القديمة !   لورين  و دارين من حوله يصرخان  مرعوبتين و لم يعرفا ما جرى له ، مغمى عنه  أخرجت دارين علبة العلاجات الأولية ! و قبل أن تضمد جراحه ، بدأت  كل الجروح تلتئم بسرعة دون أي علاج !

في أقل من دقيقة أصبح معافى و كأنه لم يتعرض لأي شيء !

تعجب الكل للمشهد !

أجابت الآلة : لا عجب ، مرحبا بكم في عالم الحياة الأبدية ، ليس سيزيف وحده هنا لا يموت ! أنتم كذلك و كل الكائنات الأخرى هنا … يجب أن نعود إلى الأرض يبدو أن الآلة استنفذت كل  طاقتها في هذه  الرحلة ، و نحن لم  نبدأها بعد ، الآن و  بعد أن حددت مكانه بالضبط  و عرفنا أين يوجد سوف يسهل علينا الرجوع إليه في المرة القادمة !

_ و  لكن ! ما كاين بو ولكن

ليس هناك أي و  لكن

.. .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!