محطات ضخ الزمن ! / بقلم : يوسف بولجراف ( المغرب )

 

الحلقة السادسة عشر

—–

دارين !

==========

في غرفة نومهما ، كان شيريف مستلقيا على السرير و بيده كتاب يقلب أوراقه كما لو يبحت عن شيء فيه لكن المعنى هو ينتظر لورين لتنام قربه كانت جالسة على طاولة التجميل و تزين نفسها بلباس نوم خفيف ! كانت باهية و مبتسمة ، تعيد أناقة و نشاط نفسها ! و تزيل ما تبقى من مكياج

و ليل كموج البحر أسدل ستاره .. كانت سهرة لذيذة لوري

نعم حبيبي ! المرة القادمة سنذهب إلى مكان آخر من العالم يمزج الرومانسية و الحيوح ههه

شفتي مع الالة لا شيء مستحيل ، من يقول أنا كنا قبل قليل في الباهاماس و نحن الان في طنجة !

هل أطفأت الالة ، نريد قليلا من الخصوصية لنا ! كلما كانت مشتغلة إلا و تجسست على كل شيء ،

لا عليك قد أغلقت الباب ! إذن خصوصيتنا في مهب الريح الان ستصبح علانية ، تهكمت لورين و هي تتسلل رافعة غطاء السرير و تنظر إليه; مبتسمة عيناها كلها حب.

لا لا الالة تحترم الأخلاقيات ! لكنها لا تخفي أي شيء على الكاتب و الكاتب لا يخفي أي شيء على قرائه ، ثم وضع شيريف الكتاب على منضذة مجاورة للسرير والتفت نحوها يبادلها النظرات الهائمة، الموج الأزرق في عينيك وأنت عيناك عسليتان ، فكيف إذن !؟ ألا تعرف كيف؟ لأنك حبيبي أنت المحيط الذي يغمرني أسبح فيك و أغوص و أغرق لأعيش ، تجرني دوامتك دوما إلى شط الأمان و تحملني كالريشة بين يديك، ياسلام إقتربي أكتر اوشوش لك شعري ، هو من رياح جميل بثينه الليل و القمر و النجوم و الشوق لك و القرطاس و القلم و الهر حتى هو و لورين حبيبتي تعرفني متى تكون حرارتي مرتفعة و هادئ إلى كثير الهيجان ههههه و تذوبني..اشتقنا صراحة للحظة حميمية نتذوق سكون ذواتنا و نرهف السمع لنبضاتنا ونترجم ما تقول !

و ماذا تظنها ستقول ! كالعادة دائما حجتك و الكتاب واهية شيريف ، كيف أنك تشتاق لي و أنا دوما معك .. إذن لست تفهمين رومانسية الشمقمق و زرقاء اليمامة و لا تفهمين الحب ، من؟ أنا ! إبتعد عني ..تضربه بالمخدة ، ساحرم نفسي منك هذه الليلة و أأجج نار الشوق لك ، هذه عقوبة لسانك …

ترن ترن ترن .. من سيأتينا في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ تناولنا عشاءنا ، هل طلبتي شيئا آخر !؟ لا لا لا شورما و لا بيزا ، نزل شيريف الدرج ليرى من يطرق الباب ، تبعته لورين من خلفه تراقبه . ما أن فتح الباب ، حتى سما الله فارغا فاه، بسم الله الرحمن الرحيم ! من ! لورين ! … لقد كنت معي فوق!!

هاا لابد أنك أنت شريف هاها لطيف ترحيبك هذا تستقبلني إستقبال الاشباح

من على الباب شريف ؟ تسأله لورين من فوق ! مندهش مذهول ينظر إلى لورين أمامه التي فتح لها الباب و يسمع لورين فوق تسأله ، يتمتم بصوت مسموع بين الدهشة و الحيرة ثم يستجمع شتات تركيزه و يصرخ لا لا هذا تواطؤ و لعبة سخيفة بينك و بين الالة لأقع في الفخ لن تنطوي علي خدعتكما أعرف تلك الالة و مايمكن أن تصنعه ، ااه الآلة كيف هي حدثتنى لورين عن سفرياتكما و المغامرات الرائعة و لم تحدثك عني! هكذا اذن لورين لطالما وددت أن أكون معكما ، سمعت لورين هذه الجملة و هي تقترب أكثر إلى الباب لتعرف من ، فصاحت من فرحتها ، ياه إنها دارين أختي حبيبتي ! يا أحلى مفاجأة ، تعانقتا و شيريف لا يزال مذهولا من درجة الشبه و كأنهما شخص واحد ولوهلة لم يعد يميز بينهما لولا اختلاف لباسهما حتى أنه أمسك بلورين بعفوية طفولية ثم رحب بدارين و هي تقدمها له هذه دارين أختي التوأم ، العالمة الإنتربولوجية وتعيش في كندا، دخلو غرفة الجلوس وهو يلوم لورين لماذا لم تخبريني أنه لك أخت توأم ! كتمت السر حتى بعد حبنا !

لكن أنت تعرفني شريف ، لم يكن قصدي فقط نسيت !

كيف نسيت ؟ لا أفهم !

أنت تعرف حبيبي نصف قصتي و النصف الاخر عندك و بعد أن عرفتك كنت قد خرجت من المركز الذي عشت فيه مع دارين و قد إخترت الحرية بينما دارين فضلت البقاء و اختارت السرية و بطلبها لم أريد الخوض أكثر في الماضي و الحديت عنها فهي باحثه في مختبر علمي سري يختص في بحت تاريخ الإنسانية

تقاطعها دارين و العوالم الموازية و الحقيقة في أماكن أخرى ههههه على كل هذا ليس وقت الشرح الان تضحك دارين

تعرف شريف أحيانا و أنا أراكما من فوق !

من فوق؟ كيف ! هل نزلت اختك من عالم مواز

أتركني أشبع من أختي ليس وقت الشرح الآن

عبر شاشة أقمار صناعية !

هاي هاي أختك إستخباراتية يا شريفة ! و أنا آخر من يعرف

;دارين تضحك لا لا ليس كما تعتقد ، أنا فقط لدواعي أمنية أشتغل في مشروع إنساني ضخة محاط بسرية هاي هاي دواعي أمنية !  متى كان المشروع الإنساني محاطا بالسرية؟

مر أسبوع و دارين و لورين مع بعضهما لا يتفراقان كأنهما يعوضا كل أيام الفراق الماضية ، شريف مبتهج لهذا اللقاء  و هو  يراقب سعادتهما من قريب  و في عقله أسئلة كثيرة  كلما  حاول  أن يسأل إلا و ترك الأمر للوقت ، كان يشعر أن هناك علاقة تربطه بالأختين حتى و قبل أن  تقوده الأقدار للتعرف على لورين ! يتذكر جيدا يوم إلتقى بها و كانت تقطن نفس الحي الذي يسكنه، عرف فقط أنها وحيدة من أصول مصرية  ثم ألف مرورها دوما أمامه و التقائه بها مرات كثيرة  في أماكن عامة بالحي  ، تم ما لبت أن تكونت علاقة تآلف  بينهما مع  أخذهما نفس وسيلة المواصلات كل يوم و أكثر من هذا و كأن القدر رسم كل خطوط الإلتقاء بينهما عندما وجدا أيضا في نفس مكتب العمل ، ف تأسست بذلك أولى بذور الصداقة و تطورت العلاقة و يبتسم  بعدها حين يكتشف كيف تورطت الآن   و  لكن  الرجوع بذكرياته  يتوقف دوما عند هذه النقط و كلما أراد الغوص أكثر تنتابه حالة صداع شديد ! ما يفتأ ينسى ما كان يفكر  به ! و الآن و هو يرى لورين و دارين مجتمعتين و كأن شيئا  يحفز  ذاكرته على التعمق أكثر ! خصوصا و أن دارين أومأت لهما  بشيء مهم مرتبط بعملها و أنها تود أن تكشف لهما عن بعض الحقائق ،  يا ترى ما السر الذي تحتفظ به دارين و تود اليوم أن تبوح به لهما!؟    ، بعد  ليلة سهر قضاها الثلاتة خارجا ، دخلا المنزل   في غاية الانبساط حين أراد شريف   الصعود إلى غرفة  نومه و ترك الأختين كالعادة في حديث و ضحك بينهما  حتى يأخذ النوم من جفونهما ، بادرته دارين بسؤال ، هل تعتقد أنك تحب لورين وحدها أنت كنت تحبني أنا أيضا في صغرك !؟ تفاجئ شريف و شعر بغصة في عقله و ملامح وجه تقول كيف ! :  في صغري ! كيف !

طلبت دارين  منه الجلوس  بعد أن أخرجت  هاتفا خلويا  إتصلت و طلبت شيئا ! ثم قالت  لهما  ستعرفان الآن سر من أسرار مهنتي و منه  ستتضح خيوط علاقتنا نحن الثلاتة ، و يظهر أن لورين أيضا كانت جد متفاجئة ! و لا تعرف ما يجول في عقل أختها و هي تود أن  تسألها  عما تريد أن تقوله ! رن جرس الباب ، و إنطلقت دارين مسرعة تفتح الباب و هي تقول لهما ، إنه شيء يخصني ، فتحت ، كان رجلين بزي أسود موحد ، حياها وأعطاها   شنطة  علماء سامسونت  ! شكرتهما و دخلت ،وضعت الشنطة فوق الطاولة و هي تقول لهما هل أنتما مستعدين لمعرفة الحقيقة ، لكن قبل ذلك تعداني أن تأخذاني في رحلة استجمام  نحو  الأسطورة الإغريقية حيث لا يزال سيزيف هناك يدحرج الصخرة !  لم يفهما شيئا من هذا العبث الذي تقوله و الأكثر كيف تعلم ب سر أسفارهم …. ثم تذكر شريف كلام لورين له :

…….

و نحن في الآلة قلت لي  أن أختك شغوفة ب الأساطير و مفتونة بسيزف

أعرف أنه  كان  أكبر   مخادع و ماكر  في التاريخ  و إستطاع أن يتمرد على الآلهة و يفشي  أسرار زيوس  حين  فضح علاقته ب ابنة أسبوس ،   سيزيف ذنبه الوحيد أن تمرد  على الآلهة ،فأصبح بهذا التمرد  عنوانا للعذاب الأزلي و اللامعنى و الوجود الأبدي  !  هو هناك لا يزال يدفع الصخرة ،  دعينا من العبث الآن دارين ، قولي ما تريدين قوله ! فقد طال التشويق ..

عم صمت بين الثلاثة لكن فيه الكثير من الحديث بينهم !

بادرت دارين بالكلام : حسنا  ، كما لو تفرش لما ستقوله :

– على رسلكما ، فانا كما تعلمان  أشتغل بمركز أبحاث ، هو نفسه المركز الذي أوانا  في صغرنا جميعا  ،

– شريف متفاجئ  و مذهول ! نحن الثلاثة ،  كيف !

دارين : نعم نحن الثلاتة سكر نباته  ،  ضحكة ، نصف قصتكما تعرفانها ، لكن النصف المفقود معي هنا ! فتحت شنطة العلماء السامسونت و أخرجت قرص مدمج  وضعته  على جهاز لابتوب  ! ثم بدء يظهر  عرض  من فيلم  بتسجيل قديم ، يظهر  فيه  أطفال يلعبون ! تبادر دارين بالشرح ؛ هؤلاء نحن ! هم أطفال المركز  تبناهم لأغراض علمية ! تلك الحديقة و نحن نلعب هناك !  باحة المركز

كان المشهد سريالي : و بدا شريف و كأنه يتحقق من الوجوه ! قال : أنا هناك تحت تلك الشجرة ، ثم تشير دارين ب أصبعها إلى لورين : أنظري أنت هناك ..  تشرح دارين أكثر السياق الزمني كنا في  العاشرة تقريبا

هذه هي الحقيقة أحبائي : نحن كلنا عشنا طفولتنا داخل  هذا المركز العلمي السري  ! و قد اختارنا في اختبارات عدة لنكون رواد مشروعه الآن ! هذا المشروع الذي أنتما خضتما غمار  تجربته ! كل شيء كان مبرمجا ! حتى طريقة تعرفكما بعد خروجكما  من المركز و إندماجكما في الحياة  العامة ! أنا بقيت في المركز و أسندت إلي مهمة التنسيق داخل  المشروع ثم تدرجت المراتب مع الدراسة العلمية ! ، ثم تغير المشهد في الشاشة ليظهر شخص آخر في مختبر و أمامه الآلة ! لم يكن ذلك الشخص إلا  صديق  شريف    الذي أعطاه الآلة !

هنا بدأ شريف يشعر بصداع في رأسه ! و هو يسأل دارين ، لكن لماذا أخفوا  عنا هذه الحقيقة !  و من يتكلف  بالمشروع !

لم تجب دارين ، أوقفت الفيلم و غيرت القرص بقرص  آخر  !

كان في القرص الثاني مشاهد من عمليات تدريب للطيران الفضائي عبر الآلة  و أخرى  تبدو فيها أشخاص يراقبون الطيران عبر شاشة كبرى !

بعض  المشاهد  تبين عوالم مختلفة عن الأرض ،  تقول  دارين  هذه سفريات كانت ناجحة  للآلة  قبل أن توضع بين أيديكما ، و هذا المشروع يفوق كل المشاريع العلمية  التي توصل إليها الإنسان لحد   الساعة  لذلك كان ضروري أن يحضى بالسرية التامة !    ،

حتى من رواده  كان مهما  جدا  أن لا يعرفا  إلا في اللحظة المناسبة و هي الآن !هم   لم  يحجبوا  عنكم الحقيقة فقط جعلوها تستقر عقلكم  الباطني و تنسوها إلى حين

قررت الإدارة  أن تهنئكما و كلفتنى شخصيا كرئيسة مصلحة التواصل ب ابلاغكما فائق تقديرها  على شجاعتكما ! كما أني و إذ أجد نفسي قريبة منكما وضعت هذه المسؤولية  على  عاتقي و هي  مسؤولية  معرفة الحقيقة كاملة ! بعد نجاح سفرياتكما ، هذا  المجهود  الكبير الذي كان هدفا إنسانيا أولا ، لمعرفة أغوار التاريخ و أيضا من أجل العلم أولا في خدمة الإنسان ! كل ما أخفته الإدارة عنكما كان في صالح الجميع !

لكن لماذا الآن ! تسأل لورين !

لأنكما  الآن أصبحتما غير ملزمين  بعد  قصة  الحب التي نشأت بينكما ! و لكما الحق في عدم  المتابعة !  و  إكمال المغامرة ! ثم هناك سببا   آخر ، لورين تقاطعها : هذا يكفي … دارين : كانت كل رحلتكما الأفقية عبر الزمن موفقة ، لكن كل شيء تغير في رحلتكم العمودية  تلك التي أخذتكم إلى المريخ ! فالمركز لم يكن برمج أي رحلة من هذا النوع خصوصا أنها رحلة عبر كوكب آخر في زمن آخر ، إذ كان نزولكما المريخ في وقت مختلف و غير متزامن مع الوقت الراهن ، و هذا غوص في المجهول ، مغامرة غير مضمونة النتائج ! لهذا أخذ المركز هذا القرار ، و يبقى القرار أيضا لكما  ،في رحلتكما   لكن لي طلب فقط أود قبل أن تتخذا أي قرار ، أن  تأخذاني    معكما في رحلة  إلى بلاد سيزيف ! كم  كنت أعشق هذه الأسطورة و أود أن أتحقق منها ! و هذا ماكان !

ردد شريف وراءها كلمة سيزيف ! ثم نهض يهم بالخروج دون أي كلمة أخرى ! أرادت لورين أن تتبعه ، و هي تسأله : حبيبي إلى أين !

أمسكت دارين بيدها تمنعها : دعيه لوحده لورين ، يحتاج بعض الوقت للاستعاب كل هذا ،سوف يعود ! فعلا  قد كان   صعب جدا على شريف تقبل كل هذه الكتل من الحقيقة في ظرف وجيز و هي تهم حياته و أهم شريك في حياته !

عاد شريف متأخرا تلك الليلة ، وجد الأختين نائمتين  على الكنبة ، دخل إلى غرفة الآلة و جلس يفكر في كل تلك الأحداث التي مر بها مع لورين ، حتى أنه نسي ذكرياته الماضية الخاصة ، فما يجمعه اليوم ب الآلة و لورين هو أكبر مما رسمه لهم ذلك المركز ، فكيف إذن يستغني عن الآلة في قرار أحادي الجانب اتخذه المركز لأن إحدى الرحلات خرجت عن مخططاته !؟ ثم إنه بعد تبصر عميق عرف أن الآلة أصبحت و لورين جزءا من حياته و هي أصلا مرتبطة بهما إرتباطا لا يمكن أبدا أن تخذلهما أو تتخلى عنهما ، و قد تأكد من ذلك في المغامرة المريخية التي لم تكن بالحسبان و كانت أخطر مغامرة و برغبتهما  ! إذ أنه بفضل  الآلة  عادا إلى الأرض و هما أكثر إرتباطا ببعض ، هكذا و في لحظة قام شريف و راح يوقظهن ، : لورين ، دارين ،  هيا  إستيقظا ، سنذهب في مغامرة جديدة  إلى سيزيف الآن !

لورين : شريف أتركني أنام قليلا  !

دارين ما كادت  تسمع كلمة  سيزيف حتى  استيقضت بسرعة البرق  و كأنها لم تكن نائمة

شريف : هيا أيقظي  أختك ، ف أفضل وقت للرحلة إلى بلاد سيزيف هو الآن !… يتبع

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!